تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


محمد السعيد..ذهبيـــة الأداء.. والغـــوص فــــي الجــــذور

فضائيات
الأربعاء 19-8-2009م
فادية مصارع

إذاعة دمشق مدرسة كبيرة فتحنا أعيننا على عالم الإعلام من خلالها وتعودت آذاننا على سماع أصوات جيل امتلك الأداء السليم والكلمة المعبرة عن نبض الشارع من أمثال رجا فرزلي ومهران يوسف وطالب يعقوب وغيرهم..

وهي إذ فرضت سطوتها لفترة من الزمن فلأنها كانت أداة التواصل الأولى بين الناس، فضلاً عن تخريجها لأجيال جعلتنا نتفاءل بتلامذة صقلوا موهبتهم بالتدريب والتأهيل المستمر، فغدوا نجوماً سواطع عبر أثيرها الذي قرب المسافة ليصبح المستمع مشاهداً لهم في زمن أصبح البث الفضائي هو السيد المهيمن.‏

الإعلامي والمذيع محمد السعيد واحد من هؤلاء وهو الحائز على ذهبية أحسن أداء في مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس لعام 2009، عن البرنامج الاذاعي «المقدسيون في دمشق» مع الإشارة إلى أن نجاحاته لم تقتصر على الإذاعة فقد تميز في غير برنامج تلفزيوني كان آخرها «الجذور» الذي يناقش فيه قضايا حالية ساخنة بالعودة إلى جذورها وصولاً إلى الحاضر، من مثل أزمة المسرح ، قراصنة الصومال، تجربة الانفجار العظيم، البرنامج وإن بدا منوعاً ومفتوحاً على الآفاق كلها إلا أن الطابع السياسي هو الغالب عليه كون الإعلام مرتبطاً بالسياسة لدرجة أنها أصبحت السيد الجاذب لكل مفاعيل الوقائع اليومية، لكن السعيد أراد أن يخرج ببرنامجه من هذه النمطية ويناقش قضايا الساعة بكل صخبها وتداعياتها وحساسيتها كأزمة المياه في دمشق وقراصنة الكمبيوتر والأزمة المالية العالمية، قد يقول قائل: إن البرنامج لاهوية له فما علاقته مثلاً بمعدلات القبول الجامعي؟ ويأتي الجواب: أليست هذه القضايا تهم شريحة كبيرة من المجتمع ، خصوصاً أن سورية تعد من أكبر دول العالم بعدد طلابها الجامعيين قياساً بتعداد سكانها ثم ألم يجب البرنامج في هذه الحلقة عن تساؤلات شغلت الطلاب المتقدمين إلى المفاضلة لجهة وجود مفاضلة أو اثنتين ؟ ألم تطمئن الإجابات الطلبة وتريح الأساتذة من عناء أسئلة فردية مكررة؟!‏

ثم أليس الرقص المسرحي والآخر المولوي يهم شريحة أيضاً من المجتمع وله متابعوه ومريدوه وما الضير من استضافة أناس يمثلون شرائح المجتمع وطبقاته كافة؟ وقد استضاف على سبيل المثال أحمد منصور في برنامجه «بلاحدود» رؤساء جمهوريات واستضاف أيضاً مريم نور وكانت حلقة الأخيرة أكثر جاذبية و إثارة من سواها.‏

وبما أن الجانب الترفيهي بات يشكل اليوم 85٪ من قنوات البث العربي كان طبيعياً أن يستضيف البرنامج أحد معدي ومقدمي هذه البرامج لدى قدومه إلى دمشق للحديث عن موضوع أصبح يفرض نفسه بقوة على محطاتنا هو الإعلام الترفيهي، وسواء أكان البرنامج ترفيهياً أم ترفيهياً معرفياً مع اختلاف نسب الفائدة والترفيه على أهميتها لكن الأهم هو السؤال الذي طرحه الزميل السعيد وهو : هل الشعب العربي الذي يعيش توترات دائمة بسبب الحروب والفقر ووجود اسرائيل في قلب أوطانه بحاجة إلى برامج ترفيهية تنسيه همومه؟‏

أم إلى برامج جادة تبقيه على تفاعل وتماس مباشر مع قضاياه، الإنسان بشر وبحاجة إلى ترفيه كما رأى القرداحي ولا أحد يمكنه أن ينسى قضاياه.‏

وإذا كانت الأفكار كما المعاني على قارعة الطريق لكن المهم هو طريقة عرضها وتنفيذها، وأظن أن «الجذور» قد أتقن هذه الطريقة بما يقدمه على شاشتنا الوطنية لكن يبقى لكل شيء إذا ما تم نقصانه ولكل برنامج أخطاؤه وعثراته والتي يمكننا القفز عليها وغفرانها لقاء التميز، وتبقى الصفعات هي الوجه الآخر للقبلات، وكلاهما مقبول أي المدح والقدح أو لنقل النقد شرط أن يكون موضوعياً وفي مكانه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية