|
شؤون سياسية وفي مقالٍ نشرته صحيفة «الهيرالد تريبيون» الأميركية في عددها الصادر في (29) تموز الماضي للصحفي الإسرائيلي «ألوف بن» رئيس تحرير صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية وجّهه إلى الرئيس الأميركي «أوباما» تحت عنوان «تحدث إلى إسرائيل» قال (بن):«خلال ستة شهور من ولايته تحدث /أوباما/ مباشرة من خلال زيارات شخصية أو حوارات تلفزيونية إلى الغرب.. والمسلمين.. والإيرانيين.. والأوروبيين.. والروس.. والإفريقيين.. لكنه لم يتحدث إلى الإسرائيليين. إن كل ما لمسه الإسرائيليون من «أوباما» هو الضغط المتزايد على (نتنياهو) لتجميد الاستيطان لإرضاء الشارع العربي أو للتعبير عن عدم رضا «أوباما» عن «نتنياهو». وإذا كان أوباما يرى أنَّ الإسرائيليين هم جزء من المشكلة.، فهم أيضاً جزء من الحل.. لكن.. لا هو، ولا أحداً من أركان إدارته تحدث إلى الإسرائيليين مباشرة حتى الآن.» ويستمر بن في الحديث ليصل إلى هذه الجملة البليغة، حيث يقول فيها: لقد حصل العرب من أوباما على خطاب القاهرة.. وحصلت «إسرائيل» منه على الصمت.!! وينتقل /بن/ إلى نقطة أخرى.. فيقول: «لقد نجح أوباما في أن يحصل من (نتنياهو) على إقرار بضرورة وجود دولة فلسطينية إلى جانب «إسرائيل»، وهو ما كان «نتنياهو» يرفضه من قبل، لكن أوباما فشل في أن يحصل منه على إقرار بتجميد الاستيطان. ولعل أوباما قد لاحظ أنه حين رفض (نتنياهو) تجميد الاستيطان، فإنَّ صوتاً لم يرتفع من أي حزبٍ في «إسرائيل» بما في ذلك أحزاب اليسار ليطالبه بالعدول عن ذلك والاستجابة للمطلب الأميركي، وهذا يعني أنَّ الشارع الإسرائيلي يقف مع (نتنياهو) في هذا الرفض لوقف أو تجميد الاستيطان. هذا وقد عبر الرأي العام الإسرائيلي عن موقفه تجاه إدارة «أوباما» في استطلاع أجرته صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية الشهر الماضي حزيران 2009 وعندما قال 6٪ فقط من الإسرائيليين الذين أجرى معهم الاستطلاع أنهم يعتبرون إدارة أوباما موالية «لإسرائيل»، بينما قال 50٪ منهم، إنهم يعتبرونها أقرب إلى الفلسطينيين منها إلى «إسرائيل». ويشرح الصحفي الإسرائيلي ألوف بن في مقاله الأسباب التي يرى شخصياً أنها حدت بالرئيس «أوباما» لينحو هذا المنحى في سياسته، ومغازلته ليهود أميركا ومحاولة استرضائهم وكسبهم إلى جانبه في سبيل بناء مجد شخصي له على حساب «إسرائيل»، لكنه في الوقت نفسه يختتم مقاله بأنه ربما تكون هناك نيات طيبة وراء سياسة أوباما في الشرق الأوسط، وربما يكون تجميد الاستيطان في مصلحة «إسرائيل»... وربما يقف «أوباما» بصدق مع أمن «إسرائيل» على المدى البعيد، لكن في النهاية لن يعرف الإسرائيليون ذلك حتى يتحدث إليهم مباشرة. ويتوقع الكثير من الخبراء والمحللين السياسيين أن يكون مثل هذا المقال بدايةً أو تمهيداً لحملةٍ إعلانية إسرائيلية ويهودية بشكل عام للتأثير على أوباما في توجهه نحو الشرق الأوسط ورؤيته تجاه تحقيق السلام فيه، وخاصة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، على أساس حل الدولتين، ومن ثم إمكانية استئناف المحادثات بين سورية و«إسرائيل» فيما بعد للوصول إلى تسوية معينة بينهما بإشرافه، وأن هذه الحملة بمطالبة أوباما بالتحدث إلى الإسرائيليين، قد تشكل عامل ضغط عليه من أجل القيام بزيارة «إسرائيل» التي لم يزرها حتى الآن، رغم مضي ما يزيد على ستة أشهر على توليه مسؤولية الرئاسة، رغم أنه زار دولتين عربيتين هما (السعودية ومصر). وما من شك في أنه عندما يزور «إسرائيل»، وهذا متوقَّعٌ جداً، سوف يضعون على رأسه الطاقية اليهودية، ويأخذونه إلى حائط المبكى، ويمارسون عليه كل ألوان وأنواع التأثير العاطفي والنفسي حتى ينطق ويصرح بما يريدونه من آراء. ويبقى الشيء المهم بالنسبة للعرب، هو ضرورة أن يتضامنوا، ويقفوا موقفاً موحداً وحازماً تجاه التصلب الإسرائيلي، وخاصة ما يتعلق برفض وقف الاستيطان والاستمرار في تهويد الأراضي المحتلة ولا سيما في محيط القدس الشرقية بغية تغيير معالم الأرض، وفرض وقائع جديدة عند البحث في القضايا الأساسية. كذلك يترتب على السلطة الفلسطينية أن تعمل على إنهاء هذا الانقسام الفلسطيني بدلاً من اللهاث وراء الوعود الإسرائيلية المعسولة، والتي تهدف «إسرائيل» ومن يقف وراءها من خلال هذه الوعود إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكلٍ نهائي وفق المخطط الإسرائيلي التوسعي. |
|