|
شؤون سياسية وإذا كان الإرهاب الدولي يعد انتهاكاً لحقوق الشعوب والأفراد فإنه أيضاً يصطدم مع العديد من المبادئ المتعارف عليها في القانون الدولي ومفهوم العلاقات الدولية وفي مقدمتها وجوب عدم استخدام القوة والتهديد بها ضد أي دولة، وعدم التدخل في شؤون دولة أخرى والامتناع عن دعم الحروب الأهلية وتمويلها وتشجيعها وعن القيام بأي عمل يعد ارهابياً من دولة على أرض دولة أخرى وانتهاك حقوق الشعوب والأفراد والسياسات غير العادلة وكل هذه الممنوعات إلى الفقر والبطالة وحياة البؤس والأمراض وغيرها. والواقع يؤكد أن الدول الكبرى تطبق معايير مزدوجة فيما يخص التفريق بين الإرهاب وكفاح الشعوب من أجل تقرير مصيرها فأميركا وبريطانيا مثلاً تعتبران أن الإرهابيين «قتلة» في بعض الأحيان و «أبطال مغاوير» في أحيان أخرى وليس هناك مثال حي أوفى ولا أصدق لازدواج المعايير من إضفاء الشرعية على أعمال «إسرائيل» وأفعالها ضد الفلسطينيين وما ارتكبته ضدهم من جرائم بشعة في مخيمات صبرا وشاتيلا وجنين وكل أرض فلسطين ومجازر قانا وغيرها في لبنان وما ترتكبه اليوم من قتل وهدم وقهر تحت سمع العالم وبصره بل وتأييده وهو أقبح مثال لازدواج المعايير في محاربة الإرهاب الدولي. إنه عمى الغرض الذي جعل أميركا وحلفاءها يخلطون الأوراق بهذه الصورة السمجة ويقلبون الموازيين بهذه الطريقة الظالمة فيعتبرون المقاومة الفلسطينية الباسلة وكفاح الشعب الفلسطيني ارهاباً ، بينما يعتبرون ما تقوم به «إسرائيل» من قتل وهدم وتشريد واحتلال أرض جوراً وظلماً دفاعاً عن النفس وحقاً مشروعاً من أجل البقاء. ونحن نقول لهم: إن أعجزتكم أغراضكم وأمراضكم عن انصاف شعب احتلت أرضه وقتل أبناؤه وشردوا فلا أقل من أن تسكتوا ولاتزيدوه ظلماً على ظلمه وقهراً على قهره بتصنيف جهاده ارهاباً، وتصنيف ارهاب عدوه بطولة وحقاً مكتسباً بمعاييركم المزدوجة وأحكامكم المغرضة الظالمة. والدول إذا أرادت الوقوف في وجه الإرهاب لا بد لها من وضوح الرؤية والاقتراب من الناس والصدق في التخاطب معها ولا بد من حل مشكلاتها بالأسلوب الذي يحدده النظام الشرعي والقانوني لتوفير الأمن والاستقرار للأفراد والجماعات، وهذا بالتأكيد سيؤدي إلى محاصرة الإرهاب الذي يعد خروجاً على مبادئ الشرعية وقواعد القانون. وإذا كان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد غادر البيت الأبيض في كانون الثاني 2009 دون أن يتمكن هو وزملاؤه من القضاء على الإرهاب والإرهابيين كما وصفهم ذلك لأن الهدف لم يكن في الأساس القضاء على الإرهاب، وإنما وما زال ضمان أمن «إسرائيل» وضرب كل قوة يمكن أن تهدد ذلك الأمن مع تأكيد استمرارية السيطرة الأمريكية دعماً لسياسة القطب الواحد باسم محاربة الإرهاب وتحت غطاء من الشرعية الدولية. والحصيلة كانت أن أعاد رجل الحروب والدمار أفغانستان والعراق من أجل النفط وأمن «إسرائيل» إلى عصور ما قبل التاريخ وأهدى مواطنيه أكثر من 5 آلاف قتيل وأكثر من 40 ألف جريح ومعوق من شباب أمريكا وفي العراق وحده أزهق جيشه الجرار أرواح أكثر من مليون عراقي وأضعافهم من الجرحى، إضافة إلى حوالي 6 ملايين مهاجر هجروا داخل بلادهم وخارجها، المضحك المبكي أن الرئيس باراك أوباما لا يزال يحشد التأييد لمعركة الإدارة السابقة ضد ما يسميه الإرهاب التي كلفت مئات الآلاف من الأرواح البريئة ومئات البلايين من الدولارات والحبل على الجرار، رغم أن حصاد كل تلك الأرواح والبلايين لا شيء غير عالم أقل أمناً واقتصاد أمريكي يتهاوى. بعض الدول تستخدم حقها الشرعي في الكفاح من أجل التحرر من الاستعمار والتخلص من الاحتلال ولكن بعض الدول الكبرى وخاصة أمريكا وبريطانيا وبسبب عنادها ومكابرتها تعتبر ذلك ارهاباً وهذا ينفي مقولة وجود تعريف واحد مقبول لظاهرة الإرهارب والمؤكد أن هذا المصطلح أو التعبير (الإرهاب) أفلت من محاولات تقنينه وتعريفه رغم الاتفاق على خطورته وتهديده للإنسانية. وإذا كانت مكافحة الإرهاب قد أصبحت إحدى الضرورات المهمة اليوم شأنها شأن تقرير المصير وحق الشعوب في الاستقلال والحرية وإذا كانت مطاردة الارهابيين تتم من أجل توفير الأمن والأمان والاستقرار للمجتمعين الداخلي والدولي لأن الإرهابيين يشكلون خطراً على البشرية بأسرها فإن استعمار الشعوب واحتلال أراضيها بالقوة هو ارهاب أيضاً وإن كان إرهاب دولة وليس ارهاب أفراد هو أولى بأن يتم الاتفاق على محاربته من قبل الأسرة الدولية لأن الدول تملك من وسائل البطش ما لا يملكه الأفراد مهما كانت قوتهم، كما أنه يمثل فساداً في العلاقات الدولية وخرقاً لقواعد القانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن واخلالاً بالسلام والاستقرار العالميين. خلاصة القول: إنه لتحقيق العدل يجب التخلص من المعايير المزدوجة وعدم الكيل بمكيالين فخلط الأوراق ووصف القتلة والمحتلين بالمجاهدين ووصف المدافعين عن أرضهم وعرضهم بالإرهابيين هي التي تؤدي إلى تفشي ظاهرة العنف، فلا أحد يقابل الصفعات بالقبلات والقنابل بالورود والرياحين والتاريخ لم يحدثنا عن ظلم تمخض فولد أمناً فأي مولود ينتظره هؤلاء مما يفعلون؟. |
|