|
شؤون سياسية بيّنة في بنية المشروع الصهيوني الذي لايقبل أن يتحدد حتى يصل إلى غاياته واستهدافاته التي رسمتها إيديولوجية العنصرية الصهيونية منذ مؤتمر بازل في نهاية القرن التاسع عشر، ورحلات هيرتزل من أجل قيام وطن قومي لليهود على حساب الوطن القومي للعرب الفلسطينيين، وبناء عليه فقد انصبت السياسة الصهيونية دوماً على ظاهرة الالتفاف على أي إرادة دولية ترغب بالسلام ومحاولة إضعاف هذه الإرادة حتى تجبرها على تأجيل المطلب بالسلام ومن ثم تكون قد مررت الزمن الذي تراه مساقاً بإرادة المجتمع الدولي التي لابد أن تأخذ بعض معايير العدل والشمول بالحسبان. وقد انقضت العقود الستة من الزمان على قيام هذا الكيان الإحلالي المتغطرس نلمس كل يوم صيغة جديدة لمحاولات التفاف جديدة ولم نلمس مرة واحدة رغبة في الوصول إلى أي حل سوى الحل الاستسلامي التصفوي الذي تقبله إسرائيل ومعه ستطلب مزيداً من الحقوق العربية الأخرى ضمانة لتثبيته. ومع أن أشكال الغطرسة الصهيونية لاتحتاج إلى التكلف بأي برهان عليها مازلنا نجد البعض في فلسطين والعروبة لم ينقطع لديه خيط الأمل بعد في أن إسرائيل لابد أن تستجيب لإرادة المجتمع الدولي من جهة أو لتوفر إرادة أمريكية في سلام يقبله العرب ومابين طرفي هذه المعادلة دخل هؤلاء سكونية ليس فيه أي ديناميكية سوى الانتظار والتعويل على مالا يعول عليه ومن زمن إلى زمن يحاول هذا البعض العربي أن يجدد صيغ انتظاره بنفخ آمال واهمة وبإعادة تأويل الموقف الأمريكي مجترحين العذر لمن يقف على منصة الخصم والحكم ولايعنيه أي قانون يعمل لمصلحة العرب في الوقت الذي يليّن فيه من عريكة القانون الذي لايقر لإسرائيل شيئاً، ولو أدى الحال إلى تعطيل القانون الدولي برمته. تجري كل هذه المناورات الإسرائيلية الصهيونية ولانرى نحن العرب سوى المزيد من الانتظار، لكأن التجمع العربي والوصول إلى منهج واحد في التعامل مع هذا العدو لايمثل أي طريق نحو الحل وقد سبق أن حقق العرب مرة هذا التجمع فكانت حرب تشرين التحريرية وكان أن انكسرت شوكة إسرائيل وفقدت هيبة القوة ودمرت معنويات شعبها وجيشها وتراجعت آمال داعميها في أنها الذراع الطولي التي تحمي المصالح الغربية الامبريالية في منطقتنا العربية. وعلى الرغم من النتائج العظيمة لحرب التحرير عدنا إلى منطق التحريك وهجرنا منطق التحرير، فالتحريك لايلزمنا بالمقاومة بينما التحرير طريقة المقاومة ومنطقة المبادىء والحقوق والثوابت غير القابلة للتصرف، ثم أخذتنا كعرب فلسفات لاتنطلق من طبيعة الصراع مع العدو حين قلنا: إن أوراق الحل هي باليد الأمريكية وبمساعدة المجتمع الدولي وكأن العرب لاحل بأيديهم لقضاياهم العادلة ولابد من الاعتماد على الآخر الأمريكي بالحل، والأمريكي لايقدم الحل لنا وإنما سيقدمه لإسرائيل على صورة حل إسرائيلي لقضية العرب، فإلى متى يبقى قانون الاعتماد العربي على الآخر المتضامن مع العدو والحامي لمشروعه؟! إن مرحلة مابعد الحرب العدوانية الهمجية على غزة قد أضعفت صورة إسرائيل في المنظر الدولي وتسببت ببروز معادلات جديدة في أمريكا وأوروبا على وجه الخصوص بما لم تعد معه إسرائيل قادرة على غسل الذهن السياسي الدولي كما ترى، وتشكلت قناعات ثابتة أن المحرقة التي ادعتها الصهيونية تأخذ منها سبباً في حرق الآخر الفلسطيني ولم يعد عالمنا اليوم لايجد كلمة احتجاج على إسرائيل كما كان حاله في أزمنة مضت فهذه مظاهر الاحتجاج أصبحت مرئية حتى من قادة رأي وسياسة في أوروبا وأمريكا على حد سواء. ومع وجود النية المعلنة عند الرئيس الأمريكي أوباما بوقف الاستيطان وفتح المعابر والتوقف عن الحرب الصامتة على غزة يومياً وضرورة قيام دولة فلسطينية بسيادة وليست تحت السيادة الإسرائيلية وقابلة للحياة في حدود 1967 إلا أن نتنياهو المحترف بالسياستين الصهيونية العنصرية والأمريكية المنحازة يحاول أن يثير بوجه الرئيس أوباما صعوبات كثيرة عبر اللوبي الصهيوني في أمريكا ويحاول أن يضعف أفكار الرئيس ويجعله شيئاً فشيئاً يؤجلها ثم لايلبث أن يأتي وقت حتى يتراجع عنها كما حصل مع الرئيس بوش الابن من خارطة الطريق 2003 إلى أنابوليس حتى 2007 خرج من الإدارة دون أن يحقق شيئاً مما وعد به وأظهر الحماس لأجله. وهذه بالظاهر طريقة الغلاة الصهاينة في التعامل مع التوجهات الأمريكية في سبيل الوصول إلى حل يرضي الجميع في قضية الصراع العربي الصهيوني والقاعدة دوماً: مزيد من المماطلة والالتفاف والمناورة حتى يمر الزمان وتضعف إرادة الحل لدى أي رئيس أمريكي تنتهي ولايته ويأتي رئيس جديد ليدخل الدوامة ذاتها، وأحسب أن الرئيس أوباما قد دخل الدوامة كما يقول موقع بيترليمونوس إنترناشيونال من خلال أمور ثلاثة: الأول هو عدم وجود ضغط فعلي على اسرائيل كي تقبل التوجهات الأمريكية للرئيس أوباما، والثاني هو وجود فرصة أمام الحكومة الاسرائيلية للمناورة بهدف الاحتفاظ بما تسميه النمو الطبيعي للمستوطنات بحجة بقاء الحكومة وعدم الحاجة إلى إجراء تغيير فيها، والثالث هو رغم تضاؤل الدعم النسبي لحكومة اسرائيل من قبل اللوبي الصهيوني مجاملة للرئيس أوباما لكن لا أحد يضمن بقاء هذا اللوبي على حاله إذ قد يغير رأيه ويعود لدعم إسرائيل كما كان. ومن المعروف أنه في تاريخ العلاقات بين الرؤساء الأمريكيين ودولة الكيان الصهيوني خطوط حمر حين يتعداه الرئيس الأمريكي لابد أن يحسب لمثل هذا الأمر حين يحلم بتجديد رئاسته، كما حصل مع الرئيس بوش الأب حين هدد إسرائيل بسحب ضمانات القروض أيام حكومة إسحق شامير قبل مؤتمر مدريد للسلام 1991 وعلى أثرها لم ينجح في السباق الرئاسي الثاني، فالمعضلة إذاً رئيس يختط سياسة، وكيان عنصري يلتف عليها ويؤجل تنفيذها ثم يعاقبه بعدم التجديد له وإذا تم التجديد له فسيكون على قاعدة التراجع عن سياسته. فإلى متى سيتواصل العرب مع هكذا أحوال بين أمريكا وإسرائيل وهذا هو نتنياهو يعلن عن خطأ الانسحاب من غزة؟! إن الذي يعلن عن خطأ الانسحاب من غزة ويشن على الفلسطينيين كل يوم الحرب الصامتة ولايلتفت إلى رد الفعل العربي بل لايضعه في الحسبان هل يفترض أن العرب موجودون؟ ومن لايفترض أن العرب موجودون هل سيتركه العرب على غيه أم يمكن أن يصار إلى رد فعل قومي قوي؟؟ |
|