تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ضريبة القيمة المضافة.. ثقافتها أكثر من غائبة ونظام الفوترة لم ينضج بعد ..

اقتصاديات
الخميس 13-8-2009
مروان دراج

في حال البدء بتحصيل ضريبة القيمة المضافة او ضريبة المبيعات مطلع العام المقبل فذلك يعني ان هناك استحقاقات واجراءات يتعين العمل على توافرها قبل عام او عامين على اقل تقدير من سريان مفعول هذه الضريبة

كي لاتكون الولادة عسيرة او متخمة بالاخطاء ومن ابرز هذه الاستحقاقات المفترضة السعي بلا تلكؤ من اجل تعميم الفوترة على كل ماله علاقة بعمليات البيع والشراء وهذه الفوترة تعني تداول الفوايتر النظامية بين البائع والزبون بدءا من الجهة المنتجة مرورا بالمستورد وتاجر الجملة ونصف الجملة وباعة المفرق وانتهاء بالمستهلك العادي الذي من حقه ايضا الحصول على فاتورة نظامية حتى لو كانت مقابل شراء بضع كيلو غرامات من الخضار والفواكه او اي سلعة قد تبدو هامشية وليست ذات قيمة مالية كبيرة.‏

تجارب البلدان التي سبقتنا ومنذ نحو اكثر من نصف قرن الى اقتصاد السوق تشير الى ان المرجعية الفعلية لاطلاق الاحكام حول مدى تحقيق الفشل او النجاح في تحصيل هذه الضريبة ، تعود الى امكان تحقيق اليات سليمة ودقيقة في مراحل انتقال الفوترة من حلقة الى اخرى والمقصود بهذا الكلام ضرورة تقيد المنتج او المستورد اولا في منح التجار الفواتير الصحيحة لانه ومن هذه البداية فإن تاجر الجملة او المفرق سيجد نفسه مضطرا للاستمرار في التلاعب والتدليس وعدم البوح بحقيقة الاكلاف ولكن مقابل الوصول الى مثل هذا الاستحقاق فإن المرجعيات الرسمية من مالية - تموين - جمارك مطالبة بدورها في تحديد ضرائب عادلة وارباح مرضية للتاجر والمستهلك في آن معاً فالأمر الذي لم يعد مجهولا وتدركه المرجعيات المالية الممثلة بمؤسسات ومديريات وزارة المالية ان طرائق تنظيم واعداد الفوترة المعمول بها في الوقت الراهن مازالت محكومة بآليات وممارسات ادارية تقليدية ومتخلفة كما ان الفوترة وبكافة حلقاتها ومراحلها مازالت تقوم على تزييف وتزوير الارقام المتعلقة بحقيقة اكلاف المنتج وهوامش الربح وكل ذلك من اجل الحاق الغبن بالمستهلك وبهدف تضليل الدوائر المالية والتهرب ما امكن من تسديد الرسوم والضرائب المستحقة على هذا المتنج او ذاك وبالمناسبة باتت ثقافة الفوترة من منسيات التجار في معظم قارات العالم والتاجر او رجل الاعمال الذي يتبوأ مكانة اقتصادية او سياسية ويحظى بثقة واحترام الرأي العام غالبا ما يكون قد اشتهر وعلى مدار سنوات طويلة من تحقيق مصداقية وسمعة حسنة لجهة الالتزام بتسديد الضرائب المطلوبة منه.‏

وبالاتكاء على ما أتينا على ذكره يتعين اطلاق الاسئلةالآتية:‏

اين هي الجهود المبذولة من جانب المؤسسات الرسمية لتكريس الفوترة ؟ والاهم: الى اين وصلت اللجنة التي قامت عليها نظام الفوترة ... وماذا عن الحصاد الذي خرجت به اللجنة بعد انقضاء نحو العامين على تشكيلها والاعلان عنها في المنابر الرسمية؟‏

حقيقة ليس هناك ما يشير بأن ثمة اجراءات جديدة تلزم باعة المحال التجارية في منح الفواتير للمستهلكين وما يمنح منها للزبائن الذين يقصدون المولات هي بالاساس لا علاقة لها بنظام الفوترة وحضورها هو بمثابة كشف حساب لان حضور نظام الفوترة في ظل سريان مفعول ضريبة القيمة المضافة يعني ومن ضمن يعني قيام وزارة المالية اولا بالغاء كل ماله علاقة بالضرائب المباشرة التي يتم تحصيلها من المستهلكين وتحديدا لجهة المنتجات والسلع التي يتم عرضها في الاسواق ومثال على ذلك رسم الانفاق الاستهلاكي الذي يتم تحصيله في الاسواق والمطاعم ومحال بيع الذهب.‏

وفيما لوصحت بعض التصريحات التي تؤكد ان العمل بضريبة القيمة المضافة سيبدأ مطلع العام المقبل فإن الفترة الزمنية المتبقية ليست كافية لاحداث المزيد من الاصلاح المالي والاداري الذي يضمن الوصول الى فوترة سليمة في كل ماله علاقة بعمليات التجارة الداخلية والخارجية . ولعل الجانب الاهم الذي يتعين توجيه الانظار اليه والالتفات له منذ الان ان الغالبية من الرأي العام مازالت تجهل مايعنيه مفهوم ضريبة القيمة المضافة ولهذا السبب لاسواه يتعين على وزارة المالية وسواها من المرجعيات ذات الصلة في المرجعيات الرسمية وغرف التجارة والصناعة وحتى السياحة العمل على تنظيم ندوات ومحاضرات من خلال المنابر الاعلامية والمنظمات الاهلية والنقابية من اجل الاسهام في تمكين المستهلكين من هذه الثقافة الجديدة التي لم تكن معهودة من قبل وفي هذا السياق لابد من التوضيح بأن هوية اقتصاد السوق التي نأخذ بمضامينها في الوقت الراهن ستبقى مشوهة وغير ممكنة التحقق دون ترسيخ دعائم وثقافة ضريبة القيمة المضافة وهذه الاخيرة مازالت اكثر من غائبة والمستهلك السوري يجهل حتى ابجدياتها الاولى وما تعنيه مضامينها والغاية من العمل بها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية