|
الافتتاحية الأرقام قريبة إلى حد ما من أرقام البنك الدولي بالنسبة للناتج حيث قدرها هذا الأخير بـ «55.2» مليار دولار يعني بفارق نحو 10% والرقم الرسمي السوري أقل من رقم البنك الدولي.. وبالتالي لا مجال للشك في أي محاولة رسمية لتسييسه. في حين يبدو الفارق أوضح بالنسبة لمتوسط دخل الفرد.. حيث الرقم السوري أعلى بـ 25% من الرقم الدولي.. وفي الحالتين لا نجد أي مسوغ لاعتماد الرقم الدولي.. ونكرر أنه رغم آلة جمع وتوزيع وتسويق الارقام المذهلة في مقدرتها وفنيتها لدى الهيئات الدولية من نوع البنك الدولي، فإن المتاح يؤهل الجهات الرسمية للوصول إلى الرقم الأدق، وكثيراً ما يعتمد الرقم الدولي على مصادر مجهولة ضعيفة الثقة ما لم يراع الرقم الرسمي.. أو بالأحرى يأخذ به. هذه الأرقام من نوع: الناتج المحلي الإجمالي.. والدخل الفردي.. ومعدل النمو.. و.. يسهل تقاطع المعلومات حولها.. وغالباً تأتي وإن اختلفت متقاربة، لأن لها سجلاتها وطرائق توثيقها المتعارف عليها دولياً والسارية في كل بلد.. أما الأرقام الأخرى التي تؤشر إلى ما هو خارج العمل الاقتصادي الصريح الواضح.. ففي تلك يكون الفجور.. أعني مثلاً أرقام الفساد.. بالمناسبة، الفساد كلمة عامة مرنة تختلف دلالاتها من بيئة إلى أخرى وبالتالي فإن منشأ الأموال الفاسدة يختلف.. بالنسبة لنا غالباً تشير عبارة فساد إلى سرقة المال العام والرشوة على حساب الأداء الوظيفي.. وغالباً المعني هو الدولة.. مع أن المال الخاص يتعرض أيضاً إلى شيء من هذا القبيل.. في دولة أخرى مثلاً يكون المنشأ الأعرض للأموال الفاسدة: تهريب المخدرات.. احتكار السلع.. تجارة البغاء.. تجارة الأسلحة.. الخ. الذي يجمع بين ذلك كله تعريف صغير: إن المال الفاسد هو كل مال جمع مخالفاً للقانون.. هذا التعريف ضعيف الإيحاء.. يساوي بين إكرامية بمئة ليرة تدفع لموظف صغير لتسيير أمر معاملة.. وبين عقد يوقع وفيه مئات الملايين يتقاسمها ذوو الشأن. هنا يمكن أن يتساءل المرء.. كيف لهم أن يوثقوا هذه الارتكابات ويوردوها أرقاماً من بلد كسورية..؟! كيف..؟! أعلم جيداً أنهم لا يعدمون الوسيلة.. لكن لدي كل المسوغات لأشكك بأرقامهم.. ليس لأن لدي أرقاماً أخرى.. بل لأن لدي عقلاً للإدراك.. عقود تمضي تتبعها عقود وهذه الأرقام الدولية التي يرتفع فيها العامل التقديري على العامل الإحصائي.. تنذر هذا البلد «سورية» بالبركان القادم.. بالخراب.. بالإفلاس.. بـ .. بـ... إلخ.. ولقد واجهنا ما واجهناه من ظروف دولية وإقليمية سياسية وعسكرية محيطة ولم.. ولن نفلس.. لكن.. هل يصلح ذلك غطاء ننكر من تحته مخاطر ما يعترينا؟! سنخطئ إن فعلنا.. وما نواجهه أبعد وأخطر من الفساد نفسه لأن مكافحة الفساد تتأثر به.. وهو الكفاءة.. ولا كفاءة إن لم تكن في موقعها.. الفساد خطير جداً.. ومعالجته المقدمة الأولى للنمو والتطور.. ومن هنا تماماً تبدأ المحاولة الدقيقة للقضاء على الفساد.. أعني من الشخص الكفوء في موقعه الصحيح.. يعني يجب أن نسقط من المعادلة.. فاسداً.. ونظيفاً متواضعاً بإمكاناته وأهليته.. ونحافظ على كفوء نظيف في موقع القرار.. في مؤسساتنا وبمنتهى الصراحة قد لا يتوفر ذلك.. وبالتالي أبواب الفساد مشرعة.. لكن.. نحن الأقرب لتقدير مناحي الفساد وإحصاء أرقامه.. وأن نقوم بحسابات حوله فيجب أن نعلن ما نصل له وإلا.. فنحن الذين نترك لغيرنا كي يعلنه.. ثم نقول: ظلمونا.. ليس لدينا أي شك أن الأرقام الدولية تتجاوز علينا ولأسباب سياسية وتضحي من أجل ذلك بالدقة.. لكن.. نحن مقتنعون أن هذه الأرقام ستكبح مسيرتها ذاتياً إن أسرعنا نحن إلى إنتاج أرقام حول أخطر ما تواجهه حياتنا الاقتصادية والاجتماعية فهلا فعلنا..؟! إن لم نكن وصلنا إلى هنا.. فكيف لنا أن نقول: دخلنا عصر المعلوماتية..؟! هل المعلوماتية هي استيراد واستخدام الحواسيب والوسائط التقنية لجمع وتخزين المعلومات فقط..؟. |
|