تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رأسمالية خضراء.. أم طلاء أخضر لرأسمالية احتكارية ؟!

قاعدة الحدث
الخميس 21-6-2012
إعداد: دينا الحمد

تحاول الرأسمالية الغربية توظيف كل ما يجري على سطح الأرض من أحداث لمصلحتها، وقد عرفت الرأسمالية المعاصرةكيف توظف حتى حركات التحرر المناهضة لها لخدمة أهدافها.

‏‏

ومن أمثلة توظيفها للأحداث في الستينات أنها وظفت المطالب الداعية للحرية في حركة أيار 1968 وفتحت لاحقاً عهداً جديداً للنيوليبرالية حيث التحق جزء مهم من قادة الحركات اليسارية بهذه الموجة وساهم البعض في قيادتها وظهرت كتابات جديدة مثل الموجة الثالثة لليساري السابق «ألفن توفلر» وشرعت الدولة الرأسمالية في الهيكلة والتأهيل الشامل، وبمعنى آخر أهلت الرأسمالية ذاتها واستغلت جمهور العمال بشكل فاحش.‏‏

أما قضايا البيئة فرغم أن الرأسمالية هي من تسبب بفضل نهجها الصناعي المتغول في تخريب البيئة العالمية فإنها قامت باستغلالها عبر الترويج للحركات الخضراء والتحذير من كارثة بيئية قد تأتي على الأخضر واليابس وتهدد الوجود البشري تماماً كما حدث بالنسبة للموجة التحريرية للسنوات الستين حين اقتنع السياسيون وأصحاب القرار بأنه لابد من تسخير هذه الموجة لإطالة عمر الرأسمالية وإحيائها.‏‏

ومع أن الرأسمالية لالون لها سوى لون الكوارث والحروب والمآسي التي عاشتها البشرية على مدى القرنين الأخيرين وفي مقدمتها القمع والاضطهاد والاستعمار ونهب ثروات الشعوب، وتخريب البيئة إلا أنها أوهمت العالم أنها تريد بيئة خضراء للعالم كله في حين يؤشر الواقع أنها لم تستطع سوى طلاء مشروعها الصناعي ومجتمعاتها الاستهلاكية باللون الأخضر، وأطلق على الحملة الرأسمالية الجديدة « الرأسمالية الخضراء».‏‏

وفي البدء راجت فكرة التنمية المستدامة واحتلت مكانة مهمة في الخطاب الاعلامي الغربي وجوهرها الحد من التلوث ومطالبة المؤسسات الصناعية بالقيام بما يسمح لحماية الأرض والحد من انبعاث المواد السامة والملوثة والحد من استهلاك الطاقة والبحث عن مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وتوهم هؤلاء أنه يمكن تحقيق ذلك مع الحفاظ على أسس النظام الاجتماعي والاقتصادي الرأسمالي والاحتكاري.‏‏

ولكن سرعان ما تخلت الرأسمالية الخضراء عن ذلك عندما تبنت مايسمى بزواج التنمية والايكولوجيا وأسس هذا العقد الجديد تقول:« لوث كي تستطيع التخلص من التلويث واخلق أسواقاًَ جديدة مربحة تدر آلاف المليارات وتكون في مستوى الأسواق التي اعتمدت حتى الآن على استغلال الانسان للانسان والاستغلال الفاحش للطبيعة والكون».‏‏

وللتأكيد على هذه الحقائق فإن العديد من المنظمات الأهلية أكدت أن العديد من الدول الصناعية لم تنخرط في الاقتصاد الأخضر وأن الدعاية التي تقوم بها عكس ذلك ولم تتم حسب قواعد منظومة التنمية المستدامة ، واختارت هذه المنظمات شعاراً سترفعه في« قمة الشعوب» التي ستعقد على هامش قمة الأرض في البرازيل يقول:« إن الرأسمالية الخضراء ليست التنمية المستدامة بل هي إحدى العوائق التي حالت دون التنمية.‏‏

وصحيح أن الأطراف الرسمية في قمة البرازيل ستبحث في سبل تعزيز منظومة الاقتصاد الأخضر في عدة مجالات حيوية منها المجال الزراعي والصناعي والنقل إلا أ ن المنظمات الأهلية التي تمثل الشعوب بالقمة ترى أن الطريقة التي تعاملت معها الدول الصناعية مع الأمر خدم مصالح الشركات الاحتكارية. فتجارب الوقود الأخضر مثلاًَ أدت إلى تقليص مساحات الأراضي الصالحة للزراعة وانعكست سلباً على الأمن الغذائي في الدول النامية.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية