تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ماذا يخبئ المستقبل لكوكب الماء؟!

قاعدة الحدث
الخميس 21-6-2012
إعداد: وضاح عيسى

الاحتباس الحراري يشكل أكبر تحد تواجهه الكرة الأرضية لما له من انعكاسات خطيرة على مستقبلها، وتعد الأنشطة البشرية والتجاوزات التي ترتكب بحق البيئة سببين رئيسين لهذا الاحتباس الذي بدأت تداعياته تظهر بشكل مخيف يهدد الحياة على هذه الأرض،

‏‏

ما دعا الدول والحكومات للسعي من أجل تخفيف وطأتها والعمل جاهدة للحد من الانبعاثات الحرارية حفاظاً على مناخ الأرض بشكل متواز، من خلال عقد القمم أملا في الوصول الى حل سريع للمشكلات التي سببتها هذه الظاهرة التي بدا تأثيرها يتفاقم بشكل يتطلب إيجاد الحلول الناجعة وبأقرب زمن عبر التوجه لاتخاذ إجراءات صارمة من أجل بلوغ المساعي التي دعت إليها الحاجة، إلا أن شيئا من هذا لم يتحقق على الأرض ولم يخفف من حدتها ولو بشكل تدريجي، بل زاد الأمر سوءا التكاليف الباهظة والجهد والمال الذي وضع من أجل عقد قمم لم يتمخض عنها سوى توصيات ظلت في معظمها حبراً على ورق، في وقت تضيق فيه دائرة الأمل بالوصول إلى حل لهذه المعضلة مع مرور الزمن .‏‏

ووسط صخب سياسي وإعلامي كبير اختتم مؤتمر قمة الأرض عام 1992 في العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو باعتماد إعلان بشأن البيئة والتنمية ، وجدول أعمال 21 كمخطط لمستقبل مستدام في القرن 21 ، ولم يسبق ان شهد لهذا المؤتمر مثيل له على مستوى مؤتمرات الأمم المتحدة من حيث حجمه ومجال الاهتمام بالرغم من أن جهودا حثيثة بذلت لإدخال التنمية المستدامة حيز التنفيذ ،ويظل جدول أعمال القرن الحادي والعشرين بمثابة رؤية ثاقبة بعيدة الأمد لإحداث توازن بين الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية ومقدار ما تملكه الأرض من موارد وأنظمة إيكولوجية، وبعد مرور عشرين عاما على قمة ريو، نجد أن أهداف جدول أعمال القرن الحادي والعشرين لم يتم بعد تحقيقها على الوجه الأكمل، كما أن هذا المؤتمر لم يكن إلا كمثل بقية القمم السابقة واللاحقة التي بحثت بهذا الخصوص، إذ لا شيء فيها أقل من تغيير وتعديل السلوكيات والتصرفات لتقابل بخيبة أمل واسعة النطاق جراء عدم انعدام التزامات قوية بالتمويل من قبل دول العالم الغنية ، في رسالة أتت لتعبر عن مدى تعقيد المشاكل التي تواجهنا جميعا من حيث الفقر، والاستهلاك المفرط المسبب للضرر المؤكد للبيئة.‏‏

كان من المتوقع أن تتحقق مطالب التمويل في مؤتمر قمة الأرض منذ عشرين عاما من خلال ثلاث وسائل: إنشاء مرفق البيئة العالمي، زيادة المساعدة الإنمائية الرسمية المخصصة على وجه التحديد للتنمية المستدامة، والالتزامات المالية الدولية وتنمية المؤسسات، بيد أنه على مدى عشرين سنة الماضية، ما زالت هناك فجوة كبيرة بين تلك الوعود وما قدم منها، وبين التعهدات والوفاء بها،ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، اذ إن المخاوف التي بدأت تنذر من خطر انهيار أفضل الخطط التي قد توضع خلال مؤتمر ريو + 20 بسبب عدم توفير الموارد اللازمة لتنفيذها، بالرغم من أن غاية المؤتمر ليست اعلان التبرعات في وقت يأتي على خلفية أزمة عالمية عامة اقتصادية وائتمانية عارمة في أوروبا، ذات عواقب بعيدة المدى في الولايات المتحدة والدول الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل.‏‏

ورغم البطء في السنوات اللاحقة بدأ إدماج الاهتمامات البيئية في التخطيط الاقتصادي الوطني وصنع القرارعموما، والبيئة لا تزال تتدهور، والمشاكل، مثل استنفاد طبقة الأوزون، والاحترار العالمي وتلوث المياه نمت أكثر جدية، في حين أن تدمير الموارد الطبيعية تسارع بمعدل ينذر بالخطر.‏‏

بحلول عام 1983، عندما شكلت الأمم المتحدة اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية ،كان ينظر الى التدهور البيئي على أنه أثر جانبي للثروة الصناعية ، بينما هو مسألة حياة أو موت بالنسبة للدول النامية،‏‏

أما جدول أعمال القرن 21 يتناول المشاكل الملحة ، ويهدف إلى تحضير العالم لمواجهة تحديات القرن المقبل، وهو يتضمن مقترحات مفصلة للعمل في المجالات الاجتماعية والاقتصادية ، لكن عائقا بدأت معالمه تطفو على السطح ينذر بأنه «ليس هناك أمة تستطيع تحقيق هذا من تلقاء نفسها إذ لابد من إقامة شراكة عالمية من أجل التنمية المستدامة» لكن هذه الشراكة تكاد تكون معدومة أوشبه معدومة في وضع يزداد به الأمر سوءا.‏‏

وشهد عام 1991 البدء التجريبي لأعمال مرفق البيئة العالمي، وفي المؤتمر الدولي للتمويل من أجل التنمية الذي انعقد في مدينة مونترييه بالمكسيك في آذار 2002، جددت الحكومات التزامها بتحقيق التنمية المستدامة، كما طرحت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ للتوقيع خلال قمة الأرض لعام 1992، ثم دخلت إلى حيز التنفيذ 1994 ، بيد أن معظم البلدان الصناعية لم تحقق الهدف التطوعي الرامي إلى تقليل انبعاثاتها من غازات الدفيئة إلى النسب التي تحددت عام 1990، وذلك بحلول عام 2000.‏‏

وفي كانون أول عام 1997 وفي مدينة كيوتو، تم الاتفاق على صياغة بروتوكول لهذه الاتفاقية، توافق البلدان الصناعية بموجبه على أهداف ملزمة قانونياً تبغي تقليل انبعاثات ستة من غازات الدفيئة إلى نسب تقل في متوسطها عن 5 في المئة من المستويات التي كان معمولا بها عام 1990، الا أنه لم يصدق على البروتوكول حتى الآن سوى بلدين من البلدان الصناعية.‏‏

وماذا حققت اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع الحيوي، التي دخلت حيز التنفيذ في 29 كانون أول 1993، وأين بروتوكول قرطاجة للأمان الحيوي الذي تم اقراره في كانون الثاني 2000، وماذا حققت اتفاقية مكافحة التصحر التي دخلت حيز التنفيذ في كانون أول 1996 ، بعد أن أثر التصحر على موارد الرزق والإمدادات الغذائية لما يربو على 900 مليون شخص في شتى بقاع العالم، ودخل اتفاق أرصدة الأسماك المعني بتنظيم عملية صيد الأسماك في أعالي البحار حيز التنفيذ في كانون أول 2000، كما تبنت البلدان في عام 1989 اتفاقية بازل حول النفايات الخطرة، وفي عام 1995، عززَت المعاهدة بحيث حظرت تصدير النفايات السامة من البلدان المتقدمة إلى البلدان النامية ، وعقد مؤتمر في بربادوس عام 1994 لمناقشة المخاوف الخاصة بالجزر الصغيرة التي تعد من الدول النامية.‏‏

ورغم كل ما ذكرناه سابقا يأتي الأمين العام للأمم المتحدة ليحذر من «تداعيات مأساوية على العالم بأسره في حال فشل المؤتمر». بعد مرور 20 سنة على «قمة الأرض» والتي لم تتحقق القدرة التامة للعديد من التزامات القمة العالمية للبيئة والتنمية في ريو 1992، أو القمة العالمية للتنمية المستدامة في جوهانسبرغ عام 2002؟.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية