تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نافذة... الحكومة الجديدة .. و الأزمات القائمة .

آراء
الخميس 21-6-2012
سليم عبود

في كل مرة يتم الإعلان فيها عن تشكيل حكومة جديدة..

تتفتح آمال السوريين بولادة مرحلة جديدة ، فأحلامهم التي ولدت مع ولادة الحكومة التي سترحل تكسرت لأنها لم تنجح في إحداث النقلة النوعية التي كانت منتظرة منها اقتصادياً واجتماعياً.‏‏‏

إن بقاء المواطن السوري بعد كل هذا الوجع الطويل الذي أحدثته مجموعة حكومات تعاقبت على أمره متفائلاً يمثل حالة إيجابية تؤكد أن السوريين لم يفقدوا الأمل بالخروج من الأزمات التي تراكمت على دروب حياتهم على مدى سنوات مضت، بفعل سياسات اقتصادية خاطئة، ومعالجات خاطئة .‏‏‏

السؤال المهم :‏‏‏

هل ستلتفت الحكومة الجديدة إلى الأزمات القائمة ، وخاصة في الجانب المعيشي ، والخدمي، والأمني قبل الشروع في أي عمل آخر ، فترتيب المنزل للسكن المريح يبدأ بتنظيفه ، وترميمه ؟! ..‏‏‏

في اعتقادي إن نجاح الحكومة مرتبط بقدرتها على تفكيك الأزمات التي يعود بعضها إلى سنوات ، ومازالت تتفاقم مثلاً : أزمة المازوت، فوزارة النفط منذ سنوات وإلى الآن لم تعالجها رغم بساطة الحل ، فقد راحت بين الحين والحين تتحفنا بخطاب مملوء بالأرقام والأحلام ، ثم تعيد الخطاب نفسه بعد حين ، وبمرور الوقت تزداد الأزمة صعوبة ، وأخيراً أضافت إليها أزمة الغاز .‏‏‏

إذا كنا على خارطة العقوبات منذ زمن لماذا لم يتم استدراك الوضع بالتوجه نحو دول صديقة منتجة للغاز والمازوت ؟! يحضرني سؤال اليوم : لماذا لم نتوجه لشراء طائرات روسية لدعم أسطولنا الجوي ،وزير النقل في حكومة العطري ، وفريق العطري ذلك ، كانوا شديدي الإصرار على شراء الطائرات الفرنسية ، لماذا ؟! لم نتعلم من العقوبات التي كانت مفروضة لمنع ترميم الطائرات السورية الموجودة.‏‏‏

بصراحة : الحكومات السابقة جميعها، تركت ندوباً عميقة على مجمل حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وأخذت البلاد والعباد إلى واقع مرّ، بعضه ذو صلة بإنتاج الأحداث القائمة ، أو على الأقل ، أوجد لها بعض مناخاتها السلبية .‏‏‏

السوريون لم يفقدوا التفاؤل لإيمانهم أن سورية ولّادة ، وتمتلك الكوادر ، والأفكار، والرؤى ، والفلسفة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية التي تمكننا ليس من المعالجة وحسب ، وإنما من الارتقاء والتطوير.‏‏‏

لكن هل يكفي أن نتفاءل؟!‏‏‏

ألم نكن متفائلين بالحكومة التي تتأهب للرحيل لأسباب كثيرة منها:‏‏‏

لقد جاءت حكومة سفر بعد سنوات عجاف اقتصادياً، وبعد سنوات من الأداء الحكومي المحبط، وبعد اتساع دائرة الفقر، والفساد ، والهدر، وتهدم القطاع الزراعي، والصناعي ولكن تلك الحكومة للأسف .‏‏‏

لم تنجح في زرع التفاؤل لدينا ، صحيح أن المرحلة صعبة ، ولكن الحكومة لم تستطع معالجة إلا القليل القليل من الأزمات القائمة، وهنا أقول استناداً إلى وقائع ، وأرقام ، وإلى تجربة عشتها مع الحكومة الراحلة ، ومع الحكومة التي سبقتها تحت قبة مجلس الشعب :‏‏‏

إن هاتين الحكومتين ، وخاصة حكومة العطري .. أنتجتا أزمات عميقة غرزت أنيابها في جسد الاقتصاد والناس ، وبعض هذه الأزمات ورثتها حكومة العطري من الحكومة التي سبقتها أزمة الاسمنت، والحديد ، والتهريب ، والهدر، ومشكلة وجود الرجل المناسب في المكان غير المناسب ، وضعف القوة الشرائية للمواطن ، وانتشار ظاهرة نقص وزن ربطة الخبز في أغلب المخابز الخاصة والعامة ، وتفاقمت أزمات تسويق الخضار ، والبرتقال ، وزيت الزيتون ، واتسعت ظاهرة البطالة ، وأزمات أخرى كثيرة ولكن..السؤال :‏‏‏

ماذا فعلت حكومة العطري حيال هذه الأزمات؟!‏‏‏

ماحدث .. أن أزمات جديدة أضيفت إلى الأزمات القائمة، وشغلت حكومة العطري السوريين بالحديث عن اقتصاد السوق الاجتماعي دون أن تحدد ملامحه ، وسياقات هذا الاقتصاد ومدى ارتباطه بالواقع الاجتماعي، وخاصة تجاه الطبقات العاملة في الزراعة والصناعات الحرفية، والمشاريع الصغيرة ، وشغلت السوريين بأرقام متفائلة عن النمو الاقتصادي، وبشهادات إيجابية عن أدائها الاقتصادي من قبل صندوق النقد الدولي ، وأكثر من ذلك ، شغلتهم بقدرتها على التطنيش على كل ماكان يقال تحت قبة مجلس الشعب ، وفي وسائل الإعلام .‏‏‏

جاءت حكومة عادل سفر ، واعتقد السوريون أنها حكومة التصدي للأزمات القائمة ، وللأزمات التي أحدثتها الأحداث المؤلمة ، وحكومة التوجه نحو القطاعات التي أهملتها ، وهمشتها الحكومة السابقة وخاصة في مجال الزراعة ، والصناعات الصغيرة ، والتصدير ، ولكن للأسف لم يكن مستوى الأداء بمستوى الطموح المطلوب ، صحيح أن بعض المجالات حدث فيها بعض الحركة ، ولكنها ليست الحركة التي تستطيع أن تدفع بالقطار الاقتصادي على الطريق المطلوب، وبالسرعة المطلوبة ، بل كغيرها أنتجت أزمات جديدة ، فهي لم تعالج أزمة المازوت ، وأضافت إليها موضوع الغاز، وللأسف .. ظل خطاب وزير النفط كما نعرفه منذ سنوات ملون بأرقام غير صحيحة ، وبوعود بالحل لم تنفذ، ما حدث أن المشاهد المؤلمة راحت تزداد اتساعاً، وعمقاً في مشاعر المواطن، وتتناقلها المحطات الفضائية المعادية للإساءة لسورية.‏‏‏

أعود للقول :لم نفقد تفاؤلنا ، ولكننا سنتريث في إعلان هذا التفاؤل اليوم ، إن المطلوب من الحكومة الجديدة قراءة الوضع القائم ،وتحريره من الأزمات التي تثقله ، ومن ثم التوجه نحو الأمام بعقل الفريق الواحد ، مع التركيز على تنظيف طريق التحرك من الفساد والفاسدين من أجل النجاح ، لأن نجاح الحكومة ، هو نجاح للوطن كله .‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية