|
الأحد 12-1-2014 تشمر عن ساعديها كي تخوض معركة اللف والدوران المغروسة في حيثيات وجودها، لهذا بقي العالم كله، لتاريخه، غائصا في أعماق الحقيقة ومضامينها، وعناصر وجودها مفتشا عن حقيقة الحقيقة، التي لا وجود لها في السجلات الرسمية، ولا في تطبيق القوانين المرعية الإجراء، ولا في سلوكيات المفاهيم الأخلاقية والشرائع الدينية، ولا حتى في مفاهيم الدول الحضارية ولا عند الناس البسطاء. لهذا نجد أن الحقيقة مهملة عبر تاريخ الوجود، ضائعة في ضبابية الحق واليقين، حيث الغالب هو صراع البقاء، عبر كل العصور، الذي يمارسه القوي على الضعيف، من حيث أن الكل يتبع القوي على علاته، فتصبح الأخطاء في برامج عمله وأساليب تطبيقاته حقيقة واضحة بامتياز، في الوقت الذي تستباح فيه حرمة الضعيف، حتى لو نطق بالحقيقة الناصعة، لأن الأقوياء هم واجهة العصور المتغيرة والمتبدلة، وهم الواقفون بالمرصاد لضعفاء القوم، وهم الفاجرون الذين يقلبون الأوهام إلى حقائق، يتم تسويقها لصالح أهدافهم الشريرة، هنا تستباح الحقيقة وتصبح في ضلال مبين، حائرة بين هؤلاء الممسكين بالحقيقة كتلة نارية يقذفونها حمما بركانية في الوقت الملائم، وبين كل من يشتم ويلعن الحقيقة المغلفة بالضباب التي تصور من خلالها مشهديات القوة على أنها شطارة، وذكاء إلهي يرفع الحقيقة الملونة بالتكفير والحقد والشر إلى مسارات جديدة، تحمل تواقيع الدول التي تعمل على تحريف الحقيقة بهدف تضليل الشعوب، الذين يمرحون في الأرض طربا، لربيع يطغى على كل الفصول المشبعة بسفك الدماء. هنا لا بد من طرح السؤال، حين القتل ما زال مشبعا بالحقيقة الملغومة في أجندات الدول التي ترسم طرقاتها الزرقاء المشبعة بدماء الشعوب، من أجل السيطرة على الضعفاء من منطلق القوة التي تدحض الحقيقة، وتدفنها في رؤوس الحراب، والقنابل الذكية، والاحتلالات المتواصلة باسم الحرية والسيادة والديموقراطية. هذا ما ابتلينا به في عالم عربي يضج بالخلافات وبانعكاسات الرأي المختلف في الشكل والمضمون، حيث تخترق الإيماءات المستوردة باسم الحرية، حراك الشعوب الطامحة إلى العيش بسلام، بغض النظر عن المضمرات الكامنة في التفاصيل، التي غالبا ما تخدع الشعوب في أثناء حالة الغليان، التي قد تصيبهم في أثناء الحراك المخطط له من أجل شرذمتهم فرقا متناحرة همجية والقضاء على كياناتهم السيادية، وسرقة خيراتهم باسم الحقيقة المغلفة بضبابية العقول، التي تمرح طربا حين يأتيها المن والسلوى من خارج الحدود. الربيع العربي خير أنموذج ودليل على عمليات طمس الحقيقة في براكين هيأت للإنفجار في اللحظات المرسومة سلفا، لهذا شهدنا خراب مصر التي عانت من حكم الإخوان المسلمين، الذين احتكموا في مجرى سيرهم إلى الأوامر الأميركية العليا المصادرة لقرارهم، الذي بني منذ البدء على الارتهان لقوة عالمية طاغية، ترسم دوائر الحقيقة بالشكل الذي تريده، بغض النظر عن أحقية الشعوب في تقرير المصير، الذي كفلته ونادت به القرارات الأممية في المنظمات الدولية، التي ترعى حقوق الإنسان وحريته وحقه في السيادة والاستقلال، أضف إليه ما يجري في تونس لتاريخه وفي ليبيا المشطورة عشائر وقبائل وفي اليمن وفي السودان المتنازع فيه على استلاب ثرواته الطبيعية من نفط وخلافه، امتدادا إلى العراق المبتلية بنشر الشعائر الدينية المتطرفة، ولبنان المنهك بخلافات هوائية تأتيه من خارج الحدود، وسورية التي تعاني الأمرين من حرب كونية ارتسمت خططها باسم الحقيقة، وما زالت منذ ثلاث سنوات ولتاريخه تعج بالعصابات التكفيرية المتطرفة المدعمة بالمال والسلاح، التي استطاعت عبر فتح الحدود التركية والأردنية واللبنانية من الزحف إلى الأراضي السورية باسم ثورة ضالة تمارس أعمالها وأفعالها الإجرامية البعيدة كل البعد عن الحقيقة، التي رسمت زورا وبهتانا باسم عبر شعارات ومضامين لا تمت إلى الحقيقة بصلة. هذه الحقيقة الملتبسة والمفبركة جندت لها وسائل الإعلام وأبواق الأنظمة العالمة والعربية، بحيث قلبت الحقيقة السورية الآمنة المطمئنة إلى واقع مختلف تماما بتصوراته المستجدة المزيفة، علما أن سورية هي البلد الوحيد في العالم العربي الذي لا ترهقه الديون الخارجية ولا تكبله مديونيات البنك الدولي بمصادرة قراراته الوطنية والقومية، إضافة إلى موقف سورية الواضح من قضية الصراع العربي الإسرائيلي ودعمها للمقاومة ضد العدو الصهيوني الذي تمسكت به سورية عبرحقيقة نقية لا تقبل الالتباس، جعلتها دستور قول وعمل. لكن هذا الفعل الوطني الكبير لم يرق لجهابذة العالم البعيدين كل البعد عن نشر الحقيقة والعمل من أجل تدوير زواياها التي تصب حكما في مصلحة الشعوب، فكان ما كان من تشييع لها على أسنة الحراب، وكانت المفاجأة التي أرهقت الجميع ألا وهو الصمود الجبار الذي جابه طمس حقيقة الشعب السوري وصموده في ظل قيادته الحكيمة وجيشه المغوار. عبر كل هذا الحراك، الذي ما زال قائما منذ بداية مسار الربيع العربي المزيف، الذي كشفت فصوله الخائبة سورية بصمودها وثباتها على ممارسة حقها في الحفاظ على حق شعبها في الأمن والسلام، تم لاحقا اكتشاف حالات تزوير الحقيقة التي مارستها قوى الغدر العالمية الصهيوأميركية المتعاونة مع حلفائها العرب المستعربين من أجل خلق واقع مغاير، تطمس فيه العروبة والمقاومة والقضية الفلسطينية التي تمثل الحقائق الثابتة في تاريخ الشعب العربي، من أجل العمل على خلق واقع اجتماعي مرتهن لمصادر القوة والمال والجهل والتكفير والتمذهب الديني، بعيدا عن مشهديات الوعي والتوعية والتنمية الاجتماعية التي كانت ترتفع فصولها صعدا خصوصا في سورية المؤتمنه على قضايا الأمة القومية برمتها. هنا يتماهى السؤال: أين الحقيقة حين يتم اتهام حزب الله اللبناني بالتدخل في الحرب الدائرة في سورية؟ بل أين الحقيقة التي يحاولون طمسها ويعرفها القاصي والداني في لبنان وعبر العالم، التي تسمح لكل دول العالم العالمي والعربي بضخ المال والرجال والسلاح إلى سورية تحت أنظار الجميع، وانتهاك سيادة دولة حرة ذات سيادة هي سورية عبر فبركات إعلامية وخطط استراتيجية تغير الواقع وتزور الحقائق، وترسمها تصورات ذات ظواهر ممتلئة بالخداع والتضليل، دون رفة جفن؟ ثم كيف يجوز لكل القوى المختلفة في جنسياتها وقومياتها وعروبتها التدخل في سورية ولا يجوز لرجال المقاومة في لبنان الدفاع عن سورية رأس المقاومة ضد إسرائيل؟ ثم هل يحق لمن يكيل الاتهامات شمالا ويمينا عبر الصحف المأجورة ومواقع التواصل الاجتماعي الالكتروني ووسائل الإعلام المرئي والمسموع إنتاج حالة تزوير للحقيقة ؟ ثم كيف لمؤتمر جنيف 2 أن يعقد بين مجرمين استباحوا الأرض والعرض والشرف والكرامات والوطن بجميع مكوناته، وبين أركان الدولة السورية التي من أهم واجباتها الدستورية حماية الشعب من العدو أكان داخليا أم خارجيا والحفاظ على سيادة الوطن وحمايته من دنس الأشرار والعصابات والمؤامرات، فمن يحاور من، الجلاد أم الضحية؟ هنا تتجلى مشهديات الحقيقة المغتصبة بأبهى صورها، لهذا لا بد من القول : من يحاور من، حين الحقيقة ضبابية، وحين حقيقة التدخل السعودي والقطري والتركي في سورية المخالفة للقوانين الدولية تعتبر شرعية ومحقة! هذا هو الفجور الذي يتجلى بأبهى صوره وأشكاله، والذي بات مكشوفا، لهذا فإن مواجهته يعتبر شرعا قائما لا يجوز مجافاته أو التخلي عنه كمحاربة العدو الصهيوني تماما، لأن حقيقة الدفاع عن الحقيقة القومية العربية التي تمثلها سورية، سيسقط حتما الادعاءات المزورة كلها للحقيقة الاستعمارية الجديدة التي تتبع حاليا بأطر ضبابية. |
|