تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


جنيف 2 وشبح الأوهام

صفحة أولى
الأحد 12-1-2014
ميسون يوسف

ما زال بعض من انخرطوا في العدوان على سورية يأملون بأن يعوضوا فشلهم في الميدان بتحقيق مكاسب لهم على طاولة المفاوضات في جنيف 2 التي ستكون بالنسبة لهم ميدان جني أرباح تعذر تحقيقها في الميدان السوري عبر السلاح.

ولهذه الأسباب نجد هذا البعض ومنهم بعض دول الغرب والمملكة السعودية يعملون الآن من اجل تأخير انعقاد المؤتمر حتى التمكن من توحيد كلمة ما يسمى المعارضة والذهاب بوفد منها يمكنهم من تحقيق التكافؤ مع وفد الحكومة السورية والإصرار على تأويل بيان جنيف1 بما يخدم تصورهم وتفسيره بشكل يقصي الحكم السوري القائم بكل هيئاته الدستورية من الرئيس إلى مجلس النواب والحكومة وإناطة الحكم بحكومة معينة مفروضة على سورية تتولى كل هذه الصلاحيات من غير مستند مبرر في الدستور أو أي قانون آخر نافذ في سورية.‏

وعلى المقلب المعاكس ومستندة إلى سيادتها وقرارها المستقل وإلى الدعم الشعبي وانجازات الجيش العربي السوري في محاربة الإرهاب، تنظر الحكومة السورية إلى مؤتمر جنيف في حال انعقاده بأنه وسيلة وميدانا لإنتاج بيئة ملائمة تمكن السوريين من البحث عن حل، ولا يمكن أن ينظر إلى جنيف 2 على أنه هيئة دولية تنتج حلا وتفرضه على سورية مع الإطاحة بكيانها وسيادتها وقرارها المستقل.‏

وعلى هذا الأساس لن يذهب الوفد الرسمي السوري إلى جنيف لتسليم السلطة لأحد وفقا لما أكدته سورية أكثر من مرة وبصيغ وتعابير مختلفة، ولن يكون التزام من قبله بأي شيء يمس القرار السوري المستقل أو سيادة سورية بأي شكل من الأشكال، ولو كان هذا ما سيقدم عليه الوفد الحكومي السوري في جنيف – كما يتوهم البعض من الحمقى – لما كان مبرر لأن تدافع سورية عن نفسها طيلة 3 سنوات وتبذل كل هذه التضحيات من أجل الدفاع عن قرارها واستقلالها وموقعها الاستراتيجي في هذه المنطقة والعالم.‏

لقد بات واضحا أن الوفد السوري سيذهب إلى جنيف 2 مزودا بتوجيهات رئيس الدولة ومتقيدا بالموقف الحكومي الذي يعبر عن إرادة الشعب السوري والمتحرك لإثبات المصالح الوطنية وفقا لإرادة الشعب، وسيكون وجوده في سويسرا بمثابة اختبار لكل أولئك المتشدقين بمصلحة الشعب السوري وتمثيل هذا الشعب....لأن الحوار في جنيف سيكشف من يسمون أنفسهم معارضة سورية ويظهر حجمهم التمثيلي الحقيقي، فإذا اعتمد المؤتمر مثلا ومن اجل البدء بالتفتيش الهادئ عن حل سلمي إذا اعتمد موقفا يدعو إلى وقف إطلاق النار فهل سيكون من هو في جنيف ويدعي تمثيل المعارضة قادرا على إلزام الجماعات المسلحة بهذا الموقف؟ أم انه سينكشف ويظهر على حقيقته بأنه لا يمثل أحدا منهم كما أنه لا يمثل أحدا من الشعب السوري أصلا. وهنا سيكون السؤال الذي لا مفر من إلقائه عليهم: باسم من تتكلمون ولماذا أنتم هنا؟ وما الجدوى من الحوار معكم؟‏

أما إذا قيل فليأت من يمثل المسلحين فسيكون الرد القاطع بأن المجموعات المسلحة كلها وبغض النظر عن تسمياتها أو خلافاتها أو تحالفاتها فيما بينها هي بالنسبة للشعب السوري وللدولة السورية جميعها منظمات ارهابية لا مجال للحوار والتفاوض والتعامل معها إلا بأسلوب واحد هو ما قررته الأمم المتحدة وبات ركنا أساسا من أركان القانون الدولي المحدد لكيفية محاربة الإرهاب ومكافحته لحصره واجتثاثه في القرار 1373.‏

الدولة السورية لن تتوقف عند تسميات تلك الجماعات مثل /جبهة النصرة/ أو /الجبهة الإسلامية/ أو /داعش/ أو غيرها الكثير من العناوين التي تشير إلى جماعات القتلة وسفاكي الدماء بل تنظر إلى فعلهم وأهدافهم الإجرامية التدميرية ضد سورية وشعبها، ولا يغيب عنها أن هؤلاء المأجورين المضللين والمرتزقة لا ينفذون في الحقيقة إلا أجندات سعودية أو خليجية أو تركية أو أمريكية أو فرنسية أو بريطانية لا علاقة لها بمصالح الشعب السوري، وإذا كان احد في العالم يظن بأن سورية ستسمح لهؤلاء بتمرير تلك الأهداف الأجنبية على الأرض السورية فهو مشتبه وواهم. فالمستقبل السياسي في سورية لن يصنعه إلا الشعب السوري عبر حكومة وحدة وطنية لا تشبه في شيء هيئة حكم انتقالي بالمعنى العراقي وإن لجنيف دوراً ينحصر في أمرين: تهيئة البيئة لتشكيل تلك الحكومة والمساعدة على محاربة الإرهاب الذي يمنع تشكيلها ويفسد الأمن والاستقرار في سورية والمنطقة. بهذا الفهم نقرأ وثيقة جنيف 1 ومن كان لديه فهم آخر فليبقى في فهمه حيث هو لأنه لن يغير شيئا من الحال في سورية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية