تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأزمة العراقية على وقع التفاوض الأمريكي الإيراني

شؤون سياسية
الأحد 10/6/2007
ميخائيل عوض*

الإدارة الأمريكية تستعجل وضع توصيات بيكر هاملتون موضع التطبيق الفوري, وتبدأ حواراً مع سورية في مؤتمر بغداد وفي شرم الشيخ, وعبر وفود الكونغرس والخارجية , وفي اللقاء بين السفيرين الأمريكي والإيراني في بغداد.

بوش ينذر حكومة المالكي بالعمل السريع, ويعلق آمالاً عريضة على ثلاث أشهر تنتهي في أيلول, ويتوقع أن يكون صيفاً حاراً في العراق.‏

البصرة المحافظة الأكثر أهمية تتحول بدورها إلى بؤرة اشتباك يومي مع الأمريكيين والبريطانيين ويتكبدون خسائر جسيمة.‏

شهر بعد شهر تزداد الخسائر وتفوق في شهر أيار 113 جندياً, بعد أن حقق الشهر الذي سبقه رقماً قياسياً والزيادة باضطراد. صواريخ وقذائف المقاومة تطال المنطقة الخضراء والعمليات تصيبها في القلب ما يشير إلى حالة تفكك وانهيار معنويات حاميتها والقوات الأمريكية وزيادة مفاعيل المقاومة وقدرتها على الاختراق في القلب.‏

السيد مقتدى الصدر ينتقد علناً الحوار الإيراني الأمريكي, ويتخذ لنفسه ولتياره مسافة عن حكومة المالكي التي قاطعها وتياره لأنها لم تقبل ولم تجرؤ على طلب جدولة الانسحاب برغم توقيع أكثر من 53% من أعضاء البرلمان على رسالة تطالب بوضع جدول زمني.‏

عشائر الأنبار, وعشائر عراقية, وقوى المقاومة غير القاعدية تصطدم مع القاعدة ودولتها الخلافية, وتناشد بن لادن ضبطها في العراق, ووقف تعدياتها على العشائر وأطراف المقاومة وقواها.‏

عشائر الأنبار, والوسط تقوم بزيارات وتعيد ضبط العلاقات مع التيار الصدري تأكيداً للوحدة الوطنية في وجه الفتنة والحرب الأهلية والصراع الطائفي والمذهبي أراده المحتل وعمل عليه وبنى له فرق الموت ومجموعات القتلة.‏

تركيا تستعد لدخول شمال العراق, وتسعى لأن تكون ذات نفوذ قوي تمهيداً لوراثة الاحتلال ودوره.‏

إلى ذلك تكررت ظاهرات, ومؤشرات تقاطعت عند تحولات جديدة في الحال العراقية, وكشفت عن متغيرات كثيرة تفيد جميعها بأن العراق يقف على مفترق حاسم في أول سماته وعناصره.‏

- انتكاسة وهزيمة خطة بوش الأمنية, وسقوط مقولة القوة الإضافية وصار الحديث الأمريكي عن احتمال سحب نصف الجيش الأمريكي خلال الصيف القادم على أبعد تقدير.‏

- هيمنة المؤسسة الحاكمة على الإدارة المتصدعة والمنتهية الصلاحية وإلزامها بتطبيق توصيات بيكر هاملتون, خاصة بعد أزمة تمويل القوات وما وصلت إليه من اتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين لتسوية مؤقتة مقترنة بالتزامات لفرض جدولة الانسحاب في مدة أقصاها أيلول كما جاء في إنذار الجمهوريين لبوش.‏

-اضطرار الإدارة لمفاوضة سورية وإيران, وقبول مبدأ التعاون والأخذ بوجهة نظرهما ومصالحهما بعد أن كان القرار الأمريكي إسقاطهما وتغيير مسلكهما.‏

- سيادة الشعور وتصاعده لدى العراقيين من كل الأطياف والاتجاهات السياسية أن أمريكا دخلت طور الهزيمة وأنها تتراوح بين هزيمة درامية مدوية أو هزيمة منظمة بالتعاون مع العراقيين وبلدان الجوار, وهذا ينعكس ويفسر التحولات في القوى السياسية واتجاهاتها وفي توازن القوى بين فرقاء المقاومة والاحتكاكات التي ما زالت.‏

- تقدم قضية كركوك كمحرك للأزمة العراقية واتخاذها أبعاداً اقليمية ومحلية من طابع جديد في أوله الصدام مع الأكراد من قبل العرب, والترك, والإيرانيين لمنع قيام دولة كردية مستقلة وممولة من حقول كركوك, ومحمية بالقوات الأمريكية والتدخلات الاسرائيلية التي تستهدف الجميع بمن فيهم العراقيين والأكراد أنفسهم, والتصعيد الجاري بين تركيا والأكراد مؤشر كما في تصاعد العمليات العسكرية في المنطقة الكردية وضد الحزبين والبشمركة.‏

- المؤشرات تتقاطع عند حقيقة أن الصراع المذهبي والطائفي والحرب الأهلية في العراق غير ممكنة لولا الاحتلال وأدواته, وفرق الموت التي شكلها, ودور الموساد وشركات الأمن الخاص والمرتزقة وغالبهم تحت السيطرة الاسرائيلية تسليحاً وتدريباً وإدارة, وتالياً ظهور مؤشرات على تراجعها وانكفاء قواها وتحفيز القوى والمجاميع والعناصر الاجتماعية والقبلية, والاجتماعية الحافزة على التوحد بدل الاحتراب والاقتتال.‏

هكذا تتقاطر مؤشرات عديدة , وأحداث, وتطورات تحصل وفي مجملها إشارات واضحة إلى أن العراق دخل مرحلة التحضير لما بعد الاحتلال وهزيمته.‏

السؤال, هل العرب, والإيرانيين, والأتراك, في وارد التفاهم على انتاج جديد يتشكل كبيئة صاهرة للمصالح وبوتقة توافقات وتقاطعات أم يتصرفون على أنه كبش مدمى ويسعى الجميع لنهشه بما في ذلك اندفاعهم إلى احتراب وصراع على أرضه بالواسطة أو مباشرة طمعاً وسعياً للاستثمار في الهزيمة الأمريكية?‏

أغلب الظن, والرغبة الجامحة أن تكون هزيمة أمريكا في العراق سبباً إضافياً في تحول العراق إلى بوتقة لصهر العلاقات, والمصالح المشتركة لأمم المنطقة المتجاورة وتالياً أساساً ومنصة لإنشاء نظام أمن إقليمي مشترك.‏

* كاتب لبناني‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية