تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في معرض معهد ثربانتس لقاء الشعر بالفن التشكيلي

شؤون ثقا فية
الأحد 10/6/2007
أديب مخزوم

(حوار الشعوب من اجل السلام )عنوان المعرض الذي يقيمه معهد ثربانتس في خان اسعد باشا في دمشق القديمة,

والذي جاء كثمرة تعاون بين السفارة الاسبانية في دمشق وطلاب كلية الفنون الجميلة,وتحت اشراف الفنان الاسباني خوسي فريشان الذي اشار إلى ان الخان هو المكان الاكثر مواءمة لمشروعه الفني المميز والفريد.‏

يثير المعرض اكثر من علامة استفهام حيال الطرق المتبعة في تنفيذ هذا المشروع الثقافي المتفاعل مع بعض معطيات ما بعد الحداثة التشكيلية والذي يحقق التواصل مع بعض كبار الشعراء العرب والاسبان المعاصرين.‏

والمعرض يأتي كمدخل لحوار حقيقي بين الشعوب بعد مرحلة الازمات السياسية والعسكرية والاقتصادية.‏

وبالتالي فغايات المعرض تتجلى بالدرجة الاولى في ظهور حوار انساني مناقض لحالات الرعب الموجودة في عالم اليوم.‏

ويمكن اعتبار العمل كملتقى شعري عالمي حيث تبرز هنا اشعار لبعض قادة التيار الحداثوي في الشرق والغرب : بدر شاكر السياب.محمود درويش,نزار قباني,ادونيس ,محمد الماغوط,الباروكونكيير,انتونيو غامونيدا,الفونسا بيكيسغير,خوسي انخيل بالينتي.‏

وينقلنا المعرض مباشرة الى اجواء العمارة المملوكية في الحارات الدمشقية القديمة ويروي في مدلولاته البصرية المقروءة ,ايحاءات العزلة في مكعبات الغرف الحديثة الفارغة من الالفة والحنان.‏

وبالتالي فهو يستعيد طمأنينة العيش في شفافية الامكنة القديمة الباقية في الذاكرة والوجدان , رغم كل الغربة التي نعيشها في حياتنا المعاصرة المفتوحة بقوة على ايماءات الانطباع بالعزلة والفراغ والصمت المتوتر والمتفجر معا.‏

يتشكل العمل من طبقة من الارز المطحون تغطي كامل ارضية الطابق الاول من الخان,الذي تتوسطه بحرة كبيرة ولقد كتبت بعض المقتطفات الشعرية على طبقة الارز باستخدام تربة حجر البازلت الاسود المطحون,وذلك باستخدام كليشيهات مفرغة عكست قدرة الفنان خوسي فريشان في جعل الخطوط العربية تبحث عن علاقة بين تجليات حرفة التخطيط وبين الدلالات المقروءة والمعبرة عن مواقف وهواجس وافكار الشعراء المشاركين في هذه التظاهرة الفنية العالمية.‏

من الناحية الفنية يمكن اعتبار مشروع لقاء الشعر بالفن التشكيلي خطوة ثقافية مغايرة لما تشاهده دمشق من معارض فنية تقليدية حيث يستوعب المكان التراثي لوحة بانورامية شعرية تتواصل في صياغات خطوطية سوداء (بازلت مطحون) تبرز على الفسحة الشاسعة الناصعة البياض(أرز مطحون)يتابعها الزائر من خلال تجواله وتأملاته من الطابق الثاني للخان.‏

والخطوط تبرز الدلالات الشعرية بتجل وبدقة وبمهارة حرفية تعبر عن انفتاح المعاصرة على روح وجوهر التراث المستمد من نسغ الكتابة العربية .‏

هكذا تبرز جمالية العلاقة البصرية للخط ,وتدفعنا الى احترام الثوابت والقواعد الكلاسيكية بعيدا عن عمليات التطرف المزاجي التابع للرؤية العبثية الاوروبية الحديثة.‏

وعلى هذا الاساس فالمعرض يعيد الاعتبار الى الموروث الحضاري الشرقي للخط العربي ويبرز جمالية البياض والصفاء والشاعرية ويحقق خطوات التواصل مع العمارة المملوكية والحجر البازلتي المطحون يبرز هنا كوسيلة اعلامية ,تثير الانتباه ,من خلال كتابات كبار الشعراء,الى اهمية تلك الاحجار وضرورة العودة اليها في خطوات اعادة ترميم وتأهيل الابنية والشوارع المنسية الباقية في المدن القديمة,حتى لا تفقد طابعها ورونقها وسحرها المتواصل والمتجدد منذ قرون.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية