تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لقد أصبحنا وحدنا

الغارديان
دراسات
الأربعاء 28/9/2005م
بقلم دارلي بينكني / ترجمة:رندة القاسم

كان هناك عدد من البيض الذين قاموا بالنهب خلال أعمال الشغب في لوس أنجلوس,وهي الحقيقة التي تم تجاهلها أو قمعها قبل عقد.

وهكذا,كمتفرج أسود,شعرت بالارتياح حين عرضت (القناة 4) أخيراً وجهاً أبيضاً ضمن ضحايا إعصار (كاترينا) يدفع عربة تسوق عبر المياه,الوجه لامرأة أكدت أمام الكاميرا أن الشرطة نفسها هي من أخبر الناس بالذهاب إلى المتاجر وأخذ ما يحتاجونه و أضافت إنها لم تأخذ أية ملابس فهي تسعى للبقاء لا للتسوق.‏

الوجوه البيضاء الأخرى التي رأيتها خلال التقرير كانت لرجال الحرس القومي وهم يناشدون المسؤولين وطائرات الهليكوبتر لإنقاذ الأشخاص,وهناك سبب وراء كون كل شخص صوره التقرير على مقدمة الشاطىء في بيلوكسي,ميسيسيبي من العرق الأبيض وفي بعض الأحيان من ذوي الدخل المنخفض,فما هذا إلا الأسلوب الأميركي في العزل السكني العرقي.‏

وهناك سبب أيضاً وراء كون الأشخاص الذين تركوا بالخلف في (نيو أورليانز) من العرق الأسود,فهم يشكلون أغلبية السكان ضمن تخوم المدينة ويضمون أفقر مواطنيها,ولكنهم لا يشكلون الأغلبية ضمن النطاق الأكبر في (نيوأورليانز).‏

فالأشخاص السود لا يشكلون الأغلبية في أية حاضرة أميركية,رغم أن أعدادهم تفوق أعداد البيض في ولاية (ميسيسيبي) حيث لا يوجد حاكم أسود.‏

الأشخاص السود في بقية أنحاء الدولة الذين كانوا يراقبون فهموا جيداً ما يحدث,فقد ترك الفقراء لتكتسحهم المياه ثم ليعيلوا أنفسهم.‏

ربما اكتشفت جيوب الأغنياء لتحمي بذلك ممتلكاتهم,ولكن على الأغلب ستروى القصص عن فقراء دافعوا عما يمتلكون وأما الذين يملكون المال أكانوا سوداً أم بيضاً,فقد فروا.‏

قد يكون بعض الناس أعاروا اهتماماً قليلاً للتحذيرات بالإخلاء لأنهم سمعوا بتحذيرات كهذه في الماضي واكتشفوا أن العاصفة لم تكن قوية كما هو متوقع,ولكن ربما لم يغادر قسم كبير منهم لأنهم لا يملكون طريقة للهرب,لا سيارة ولا بطاقة باص ولأنهم لا يملكون مكاناً يذهبون إليه إن هربوا ولا نقوداً يدفعونها ل(موتيل),ولم تكن بالتجربة الممتعة متابعة السود العاجزين,من كبار السن والحوامل والأطفال,وهم ينقذون ب(ونش) من قبل رجال بيض بخوذات.‏

لحسن الحظ أن رجلاً أسود متطوعاً صور وهو يستخدم الفأس لشق طريقه عبر أسطح المنازل لمساعدة الأشخاص على الهرب لقد كانوا مبللين والرعب الذي هربوا منه للتو بدا واضحاً في تعابير وجوههم,لقد رأى البقية في الولايات المتحدة خوفهم ولكنهم لم يستطيعوا رؤية خوف بلدهم منهم.‏

ففي الولايات المتحدة يمكن أن يقتنع البعض أن السود قد يكونون أفضل منهم أو أسوأ منهم,أعلى أو أقل,ولكن يبدو من الصعب تخيل أشخاص سود مثلهم تماماً,وبدأ المسؤولون في المناطق المتضررة الحديث عن عدم ملاءمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الاتحادية وحكومة الولاية لتجاوز الكارثة ولكن ربما كان أحد أسباب بقاء البقية في الدولة جالسين وعدم قدرتهم على تولي الأمور في الحال هو خوفهم من السود الذين تركوا في الخلف,فعندما سمعت أن عمال الإنقاذ أخبروا بعدم الذهاب إلى شوارع (نيوأورليانز) كان علي السؤال حول ما إذا كانوا بيضاً,وقد رويت قصة على لسان امرأة سوداء اشتكت من أن الشاحنات الممتلئة بالحرس الوطني لم تلق أية نظرة على الناس في الشوارع,وربما كانوا يتبعون أوامر حسب الأولويات الملحة ولكن في الجنوب رجال الحرس القومي بيض بشكل كاسح,وهؤلاء هم رجال الشرطة الجدد الذين يحملون أوامر (أطلق الرصاص لتقتل).‏

إن صور الأشخاص السود الخارجين من الواجهات الزجاجية المحطمة يحملون الملابس أو السجائر,قد أعادت إلى ذاكرتي أعمال الشغب في لوس أنجلوس وكأنه يقال:(هذا هو ما يفعله السود عند أول انهيار للنظام.فهم,أو المجرمون والانتهازيون فيهم,يستطيعون تحويل كارثة طبيعية إلى فوضى مدنية,وجيسي جاكسون كان الوحيد الذي اعترض على الصور العنصرية التي تقدمها الولايات المتحدة للجمهور الدولي.‏

تضم (لويزيانا) تعداداً كبيراً من الفقراء البيض,ولكن أين ذهبوا? أين هم البيض? (نيوأورليانز) تقع عند الحوض ولا تمتلك الشكل نفسه من الضواحي الموجودة في بقية المدن الأميركية ولكن لديها ضواح وقد تحطم تسعون بالمئة من البيوت في بلدة (سليدل),ولكن أين السكان? لقد هربوا.‏

الروائي (ريتشارد فورد) الذي عاش في (نيوأورليانز) عدة سنوات قال إن عمدة (ناجين) كان شجاعاً في إخبار الجميع بالمغادرة,وقال إن الناس في (سوبيردوم) لا يزالون أحياء لأنهم كانوا هناك لا في مكان آخر.‏

كان الحشد في مركز المؤتمرات يضم رجالاً بيضاً,ولكن الشعور السائد بين السود كان أن وسائل الإعلام وجدت الفرصة لتصوير السود على أنهم خارجون عن القانون وأنه لو كانت هناك أعداد مماثلة من البيض في المدن المحطمة لكانت الحكومة الفيدرالية أكثر سرعة في إرسال المساعدات.‏

ويجب إعادة فتح قواعد جيش الإنقاذ التي أغلقت حديثاً في الجنوب لأسباب اقتصادية,ومن الفضيحة أنه حتى الآن لم يحدث أي إنزال جوي من أي نوع,والشفاء سيكون صعباً بناءاً على الأولوية بين من يمتلك تأميناً ومن لا يمتلك.‏

وبعد ذلك يكون كل هذا الوحل,ربما لا يستطيع بوش الرد بشكل مقنع على هذه الكارثة,لأن عمل ذلك يحتاج إلى إعادة التفكير بالمؤسسات الحكومية,فبعد سنوات من عدم الاستثمار في البنية التحتية كان هذا هو أول تبعات سوء الصرف,فأنظمة الهاتف والجسور والسكك الحديدية والطرقات الرئىسية في الولايات المتحدة في حالة بائسة ومنذ خمسة وعشرين عاماً أخبرت السلطات بأن السدود في (نيوأورليانز) قد لا تصمد مقابل عاصفة بحجم (كاترينا) ولكن المدينة التي صوتت للديمقراطيين لم تكن لتحصل على الحصة المناسبة في الأعمال,وقد رفض بوش المعونات الخارجية لأن أميركا هي العاطي لا الآخذ , ولكن يدور أيضاً الحديث في وسائل الإعلام الأميركية عن الأشياء التي لا يمكن تأمينها وعن المصادر غير المتوفرة بسبب الحرب في العراق.‏

لقد أضحينا كما الدول التي ننتقدها ونشفق عليها,أماكن تمتلك الدولة والمجتمع القليل للقيام به معاً,لقد أصبحنا ,وحيدين ولكن السود كانوا دائماً يعلمون بذلك.‏

مؤلف رواية (القطن العالي)‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية