تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


السيد حسن نصر الله ورفض (الصدقات المسمومة)

دراسات
الأربعاء 28/9/2005م
مازن يوسف صباغ

وسط تضارب الآراء حول نتائج زيارة الوفود اللبنانية إلى نيويورك والحديث عن مؤتمر اقتصادي جديد لدعم لبنان,

ونقل للمعركة السياسية إلى الأرض الأميركية, ألقى أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله كلمة في مدرسة (شاهد) في مجمع مدارس المهدي بالضاحية الجنوبية لبيروت يوم الأربعاء 21 أيلول بين فيها موقفه من هذه التطورات الأخيرة.‏

وقد امتازت هذه الكلمة بالاعتدال الذي عرف عن سماحته, حيث عبر أولاً عن القلق مما تسرب عن المحادثات التي أجراها الرئىس فؤاد السنيورة في نيويورك وواشنطن, ولكنه أكد عدم اتخاذ أي موقف (بانتظار أن يعود رئيس مجلس الوزراء ليطلع الحكومة اللبنانية على مجريات المؤتمر في أميركا وما جرى فيه وما هي النقاط المطروحة,وما هي الشروط الموضوعة على لبنان), (والذي وصل إلى بيروت يوم الجمعة 23 أيلول).‏

كما تميزت الكلمة بالمصارحة التي عود السيد نصر الله عليها محازبيه ومتابعيه, حيث أكد أن لبنان أمام تحد حقيقي تمثله (الوصاية الأميركية على لبنان), وهاجم الإدارة الأميركية التي تنهي عن الخلق وتأتي بمثله حيث قال:(ينهون دول العالم عن التدخل بالشأن الداخلي اللبناني, ولكن يسمحون لأنفسهم من رئيس أميركا إلى وزيرة خارجيتها إلى سفيرها في لبنان أن يتدخلوا في كل تفاصيل وضعنا اللبناني, نحن نرفض ذلك ونحن اللبنانيين بلغنا سن الرشد من زمن طويل, لسنا بحاجة إلى من يمارس وصاية علينا, ونريد أن نكون سادة أنفسنا, ونحن قادرون على أن نبني بلدنا وعلى أن نخرج بلدنا وشعبنا من كل المآزق).‏

لكن الموضوع الأساسي الذي تحدث عنه السيد نصر الله كان موضوع المساعدة الدولية إلى لبنان, حيث أكد سماحته أن حزب الله يضم صوته إلى صوت الحكومة اللبنانية بمطالبة العالم بمساعدة لبنان,ولكن ما هذه المساعدة التي يطالب بها حزب الله?‏

حزب الله لا يطالب بأي (صدقة) من العالم بل يطلب مساعدة العالم للبنان بالحصول على حقه المشروع في التعويضات عن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة منذ العام 1948 وحتى اليوم, أما إذا كان المطلوب القبول (أن يعطينا لقمة في فمنا ليسترق رقابنا), فهذا أمر غير جائز ف (لا يجوز أن نبيع بلدنا وقراره وسيادته واستقلاله وأمنه وبقاءه ووجوده وكرامته ببعض الصدقات المسمومة من هنا وهناك).‏

وهناك مسألة أخرى تطرق إليها السيد نصر الله في خطابه وهي مسألة التفجيرات التي حصلت مؤخراً في منطقة (الجعيتاوي) الأشرفية ببيروت ,حيث نصح الجهات الأمنية بالعمل على خط الشبكات الإسرائىلية إذا أرادت أن تقبض على الفاعلين, حيث قال بهذا الخصوص:(إن الجهة التي فجرت الأشرفية هي نفس الجهة التي طلبت من الاتحاد الماروني العالمي اتهام حزب الله في التفجير, يعني إسرائيل, إذا أردتم الأمن فتشوا عن الشبكات الإسرائيلية, إن هذا المستوى من الإتقان في العمل يتناسب مع أداء هذه الشبكات , إن المسؤول عن الفوضى في لبنان هو من يطرح نظرية الفوضى المنظمة,هؤلاء الذين قتلوا أو جرحوا في الأشرفية هم ضحايا هذا المخطط الأميركي الإسرائيلي الذي يستهدف لبنان).‏

إن لبنان اليوم يخضع لمعادلة الجزرة التي تمثلها المساعدات الاقتصادية الموعودة أو الفوضى المنظمة التي يجري تفعيلها عن طريق الانفجارات الموجهة والمسيسة, وذلك تحت ظل سيف ديمو قليس الذي يغطي المنطقة حتى الخامس والعشرين من شهر تشرين الأول,وذلك للوصول إلى الحل الأميركي الذي تمثله الوصاية السياسية, هذه الوصاية التي لم تهدف يوماً إلى مساعدة لبنان أو حمايته أو إيصاله إلى بر الأمان, ولكن كانت دائماً لهدف واحد وهو أمن وأمان إسرائيل, وهيمنتها على المنطقة.‏

ونأمل من اللبنانيين اليوم ولمصلحة لبنان البلد الذي نحبه أولاً أن يظهروا أنهم قد وصلوا إلى مرحلة من النضج تمنعهم من الوقوع في هذا الشرك المزدوج, والعبء الأكبر في هذا الأمر يقع على العقلاء للجم الجهال, والرد على محاولات إلقاء الفتنة بين أبناء الوطن الواحد وبين اللبنانيين وأشقائهم العرب.‏

والساحة اللبنانبة زاخرة بالشخصيات التي يشهد لها بالوطنية والحكمة على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والدينية.‏

إن مبدأ الحوار والتلاقي والتعاطي الإيجابي الهادىء والهادف بين العائلات الروحية ومع مختلف التيارات السياسية والقوى الوطنية والمؤثرة وكبار رجال الدين والسياسة والفكر والثقافة يؤدي إلى لبنان قادر على لعب دوره التاريخي والحضاري في المنطقة العربية والعالم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية