تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


السهروردي في حلب

رؤية
الجمعة 18-10-2019
هناء الدويري

أيام حلب الثقافية لن تكتمل دون المرور بعميد الإشراق وشهيد الفلسفة والفكر شهاب الدين السهروردي الذي اغتالته جلابيب «داعش» في زمنه وقد استعرت «داعش» من هذا الزمن الذي اغتالت فيه كل إشراق وفكر ومعرفة،

فأعداء الفكر والثقافة والدين والفن والأدب والعلم والفلسفة لن يذكر منهم التاريخ سوى أنهم حكموا ظلما على المبدعين المفكرين الذين يبقون أعلاما ومنارات لعصور شتى..‏

التاريخ وفي عهود مختلفة يذكر قتل الحلاج وصلبه في بغداد، وقتل السهروردي في حلب وسلخ جلد النسيمي وتقطيع أعضائه وتوزيعها على بعض مؤيديه، وقتل خالد الأسعد في هذا العصر وغيرهم الكثير.. وحّد السهروردي بين منهجين في فلسفته الإشراقية نظرا لتنوع منابع ثقافته التي جمعت بين الفرس واليونان وكهنة مصر وبراهمة الهند، فجاءت فلسفته توّحد بين المصدرين الذي اختلف فيهما الفلاسفة العقل والإله، وجعل من الإشراقية وسلوكها مصدر الوصول إلى المعارف الكبرى.. بمعنى الإشراقية في جوهرها فلسفة استدلالية عقلية وسلوكية إشراقية هدفها اتصال الأنوار التي هبطت إلى البرزخ والغواسق بالنور الأتم الأقهر، وهي تشترك مع العرفان في إقرار أصول الكشف واعتمادها..‏

اهتم الأوروبيون بدراسة السهروردي والتحقيق في حياته وفلسفته أكثر من العرب والإيرانيين مسقط رأسه ومكان عيشه أمثال(بروكلمان وهنري كوربان).. السهروردي بدوره آخى بين أفلاطون وزرادشت وبين فيثاغورس وهرمس وشاء أن يضم الروحانيين بعضهم إلى بعض دون تفرقة بين جنس ووطن وتلك نزعة صوفية مألوفة على حدّ قول الدكتور ابراهيم مدكور، فيرى العارفون أنهم جميعا إخوان في الله. وفي مرحلة الوصول والحب الإلهي لايفرق ابن عربي واسبينوزا مثلا بين دين ودين، ولا بين مسلم ومسيحي..‏

هكذا يمضي الزمان يصطدم فيه التاريخ بجلباب «داعش» التي لها مسمياتها لكل عصر، ولكن ينتصر دوما للإشراق الإنساني والروحي ووحدة الأوطان..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية