|
مصارف وتأمين يعجل البنك المركزي كثيراً بخطى التراجع عن اجراءات نقدية تبناها في مواجهة الظروف الاستثنائية بالرغم من أن ارتفاع سعر الفائدة على الودائع لأجل قد يؤدي الى تفاقم كلفة التمويل!
- لم تبد سياسة المركزي معنية- حتى الأمس القريب- بتغيير أسعار الفائدة بناء على أسعار الصرف ومستويات التضخم.. بل كانت تتجه باتجاه تخفيضها لتشجيع وتنشيط الاستثمار المحلي، إذ أن الأخير اجتهد على التوالي بإصدار ثلاثة قرارات متعاقبة خلال العامين السابقين تتعلق بتخفيض معدلات الفوائد بحيث أصبح معدل الفائدة على الودائع لأجل يتراوح بين 5-6٪ مع إعطاء هامش حركة زائد ناقص؟، وذلك بهدف تفعيل التنافسية بين المصارف ودفعها للاستفادة من ذلك في تخفيض تكلفة القروض وبالتالي تخفيض تكلفة التمويل وخصوصاً الاستثماري منها نظراً للارتباط المباشر بين معدل الفائدة على الودائع ومعدل الفائدة على التسهيلات الائتمانية الممنوحة مع الحفاظ على هامش الربح المستهدف من قبل المصرف اليوم. قد لا تنطوي حسابات المركزي على مفاجأة إذ أن ارتفاع أسعار الصرف ومعدلات التضخم، دفع الأخير إلى رفع أسعار الفائدة الدائنة على الودائع الحسابات الجارية لتصبح ما بين 9-11٪ بعد ما كانت قد وصلت إلى 7-9٪، غير أنّ هذا الأمر أثار مخاوف مصرفية وهواجس صناعية جراء تداعياتها على كلف القروض والتمويل وتالياً العملية الاستثمارية ! ويؤكد أحد المصرفيين «للثورة»: إن رفع أسعار الفائدة أدى إلى رفع الفوائد المدينة على التمويل والذي من المتوقع أن تسجل ما بين 13-15٪ كما أدى إلى ارتفاع تكلفة الاقراض بالنسبة لأصحاب الأعمال ما ينعكس تراجعاً في عمليات الاستثمار بجميع أشكاله الصناعي والتجاري والخدمي». ورغم أن الإجراء النقدي يهدف إلى تعويض خسائر المدخرين بالعملة المحلية في مقابل تراجع القيمة الحقيقية لليرة تجاه العملات الأجنبية- يتابع المصرفي- غير أنه سيقود إلى ظاهرة الاكتناز للذهب والقطع الأجنبي خوفاً من تراجع إضافي للعملة والتي ستؤدي بدورها إلى جمود الأسواق وعدم استفادة المصارف المحلية من الأموال المكتنزة». من جهته يرى غسان القلاع رئيس اتحاد الغرف التجارية السورية في حديث للثورة «أن رفع أسعار الفائدة سيسهم في رفع أسعار السلع المستوردة والممولة عن طريق المصارف المحلية ما سيؤدي إلى ارتفاع إضافي لأسعار السلع والخدمات في السوق المحلية إضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي نتيجة ارتفاع تكاليف الإقراض والذي يفضي بدوره إلى تلاشي الفوائد التي تجنيها عادة الصادرات المحلية. ويشرح القلاع« إن رفع أسعار الفائدة سيعمل على زيادة نسب البطالة نتيجة تراجع معدلات إقامة المشاريع الجديدة وبخاصة الصغيرة والمتوسطة التي تتميز بقدرتها على استيعاب الأيدي العاملة وسيترك منعكسات سلبية على الوضع التجاري والاستثماري والصناعي». ونظراً لأن ضغط التضخم ينبع في معظمه من الغذاء، يتفق محللون أن رفع أسعار الفائدة يبرز أخيراً عزم « المركزي» الحيلولة دون أن تصبح أسعار الغذاء الأعلى على أحد العوامل الرئيسية في مستويات التضخم، لكن المشكلة التي تواجه هذا الإجراء هي أن رفع أسعار الفائدة- يجذب المزيد من رأس المال المضارب ما يساعد على إفراز ضغوط تضخمية في المقام الأول. ويوضح المحلل المالي الدكتور وائل حبش« للثورة» :« إن الظروف التي تمر بها البلاد تجعل عملية التحكم بالتضخم خارج يد المركزي، لأن رفع أسعار الفائدة حالياً في حالة الركود التي يشهدها اقتصادنا لن تؤدي إلا لمزيد من الركود وسيتابع التضخم ارتفاعه، كما أن ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية بالنسبة لليرة سيؤدي أيضاً إلى مزيد من التضخم ومن خلال دراسة الميزان التجاري نجد أن أغلب المستوردات هي من الصين والاتحاد الأوروبي الأمر الذي يفسر زيادة الضغوط التضخمية مع ارتفاع سعر صرف عملة الدولة المصدرة للغذاء بالنسبة لعملتنا المحلية.» وبما أنّ منعكسات رفع أسعار الفائدة بدأت تظهر جلية في السوق المحلية تصبح الدعوة حالياً ملحة صوب تبني سياسة مالية ونقدية استثنائية ترتكز- برأي غسان قلّاع- على دعم الاستثمار من خلال صندوق يتحمل فروقات أسعار الفائدة الدائنة والمدينة بحيث يتم رفع أسعار الفائدة الدائنة لجهة زيادة معدلات الادخار والايداع بالعملة المحلية، وتعويض المودعين لخسائر تراجع القيمة الشرائية وارتفاع الأسعار، وكبح جماح الاكتناز بالعملات الأجنبية وتخفيف الضغط عليها مقابل الابقاء على أسعار الفائدة المدينة للمقترضين لتشجيعهم على إقامة مشاريع وأعمال تجارية وصناعية وخدمية محلية مستفيدين من فرصة الفائدة المنخفضة لاسيما أنّ العوائد ستكون على مستوى الاقتصاد الكلي أكبر بكثير من خسائر فروقات أسعار الفائدة المدينة والدائنة». |
|