|
شؤون سياسية كل ماتحدثنا عنه تراه عندما تراجع النصوص الموضوعة لإنشاء هذه الهيئات , مثل مجلس الأمن ولآلية التي تحكمه , والجمعية العامة وطبيعة دورها ومدى قدرتها على تنفيذ قراراتها و…الخ . طبعا مؤسسات أخرى لها طابع ثقافي واجتماعي وإنساني وكلها بالمحصلة تفرعات , أو تعتبر عوامل مساعدة لما يتخذ من قرارات أو هكذا يفترض إن كان على صعيد مجلس الأمن أو الجمعية العامة . من حيث النصوص لايوجد غبار حول الآلية القانونية التي تحكم المؤسسات الدولية وعناوينها تبدو مبهرة , ولكن حقيقة الأمر عندما نعود إلى التاريخ منذ تأسيس المنظمة الدولية وما يتفرع عنها توجد ظواهر أضحت جلية ولنأخذ مثال صارخ حول قضية تعتبر مشتركة لدى جميع العرب , أو هكذا يفترض وهي قضية فلسطين والقرارات التي صدرت في الجمعية العامة حولها , ونسأل أين هذه القرارات ولماذا لم تطبق , والجواب إن قراراتها غير ملزمة , والسؤال الآخر أين قراراتها تجاه جرائم الحرب التي طبقتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني عبر سنوات الاحتلال الطويلة . لنترك ذلك جانبا ونعود إلى مجلس الأمن ماذا قدم لهذه القضية؟ لابدّ من القول : إنه تم استخدام الفيتو لصالح إسرائيل المعتدية والغاصبة للحق الفلسطيني مرات عديدة لمنع أي قرار يصدر لمجرد إدانتها , والسؤال الآخر أين محكمة الجنايات الدولية من جرائم الحرب التي تم تنفيذها بحق الشعب الفلسطيني والتي هي موثقة؟. نحن ذكرنا قضية واحدة للانطلاق منها للدخول إلى سراديب هذه المنظمة الدولية وما هو دورها وماذا فعلت للإنسانية عبر مراحل وجودها , وهذا بالطبع يستدعي الحديث عن دور الولايات المتحدة وحلفائها ودورهم الواضح في السيطرة على مفاصل القرار الذي يصدر أو سيصدر ,أو إيقاف إي قرار عبر استخدام الفيتو (والتي استخدمته الولايات المتحدة بحدود ستين مرة عبر تاريخ هذه المنظمة الدولية ) عندما يتعارض ذلك مع مصالحها . إن تاريخ المنظمة الدولية هو مؤشر على مدى السيطرة على هذه المنظمة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها , بل وتسخيرها لمصالحها السياسية والاقتصادية , وإيجاد قرارات تخدم ذلك كما حدث في العراق أو الطريقة التي حصلت خلال مراحل تقسيم السودان و….الخ . الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً بدأت سيمفونية جديدة وهي تغيير الأنظمة عبر المؤسسات الدولية تحت عناوين الحرية والديمقراطية وهذا ماتم على أرض الواقع عبر تسمية (الربيع العربي ) الذي خلف الفوضى والتراجع الاقتصادي والاجتماعي لتلك الشعوب . علينا أن نؤكد على نقطة مهمة وهي سيطرة الولايات المتحدة على المنظمة الدولية وتقوم بتسخيرها لخدمة مصالحها ومن يخالف رغبتها أو مشيئتها يصبح بعيداً عن روح الديمقراطية وتتشكل له المحاكمات وتصدر بحق بلده العقوبات والتي تطال جميع شرائح المجتمع والهدف هو تدميره من الداخل عندما لاتستطيع تغييره عسكريا , والأمثلة على ذلك عبر التاريخ كثيرة وعديدة , بل نستطيع القول: إن تاريخ الولايات المتحدة المليء بالعدوانية وجرائم الحرب ضد الشعوب حافل بالأمثلة ولا بد من استعراض الحروب أو بعضها عبر التاريخ للوصول إلى النزعة التوسعية من جهة والسيطرة على العالم من جهة ثانية، لإبقاء مصالحها واستراتيجياتها هي الأساس في كل تحرك تقوم به هي والجوقة التي تدور في فلكها . أول تدخل عسكري مباشر في الشرق الأوسط كان عام 1959 حين تدخل الأسطول الأميركي في لبنان ,كذلك فإنه منذ عام 1981بدأت في تعزيز وجودها في دول الخليج لاسيما أن لديها قواعد عسكرية دائمة منذ هذا التاريخ (ويذكر أن اكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط هي موجودة في قطر !), وكذلك قامت بحماية العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1982بواسطة الأسطول السادس , وأيضا قامت بمهاجمة قواعد عسكرية في ليبيا عام 1986وفي الفترة مابين عام 1992 حتى 1994 أرسلت الولايات المتحدة إلى الصومال ,كذلك قامت عام 1998 بهجوم صاروخي على السودان هاجمت فيه مصنع الشفاء للأدوية بحجة تصنيع مواد كيماوية, كذلك حربها على العراق والذي جعل نفوذها مزيدا من القواعد العسكرية في الخليج , كذلك فإن إيران لم تنج من الهجوم الأميركي , حيث قامت قوات أميركية محمولة جوا لإنقاذ اثنين وخمسين أميركياً محتجزين في السفارة الأميركية في طهران ولكن الهجوم فشل وكان ذلك في عام 1980 , وهكذا أصبح الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ساحة القتال الأميركية الجديدة وشهد الربع الأخير من القرن العشرين تحركا أمريكيا عسكريا مكثفا للسيطرة وإقامة قواعد دائمة في العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا . وهكذا إذا استعرضنا التاريخ الأميركي نجده مليئا بحالات التدخل في شؤون الدول الأخرى سواء كان تدخلا عسكريا مباشرا أوبممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية على بلدنا سورية , وجميع المحللين والخبراء في الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية يعتبرون مايجري في سورية حربا كونية تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها والجوقة التابعة لهم . كل ماذكرناه يؤكد سيطرة الولايات المتحدة على المنظمة الدولية من جهة ونياتها الخبيثة تجاه إغراق الشرق الأوسط بالفوضى الخلاقة عما يجري حاليا !؟. |
|