تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


(دراما تورجيا بيكيت)تفتتح عروضها في أوبرا دمشق

ثقافة
الثلاثاء 21-2-2012
تحيلنا الأسئلة التي طرحها عرض دراماتورجيا بيكيت لكل من الكاتبين وائل قدور ومضر الحجي في شغلهما على نصي الكاتب الايرلندي صموئيل بيكيت /وقع الخطا/ و/ارتجالية أوهايو/ إلى العديد من الإشارات التي عبرت عنها كل من التجربتين السابقتين واللتين تنزعان إلى الاختباء خلف مهمة الدراماتورج من أجل إسقاط أي مسؤولية تتعلق بغياب وظيفة المخرج المسرحي.

ويمضي كل من قدور والحجي إلى توصيف عمليهما الذي افتتح عروضه أمس في أوبرا دمشق بأن مجموعة العمل لا تفصل كثيراً بين العمليتين الدراماتورجية والإخراجية في حالة نصوص بيكيت المختارة إذ تبدو العملية الإخراجية متضمنة تلقائياً في الدراماتورجيا الجماعية ومفرزاً طبيعياً لها حيث يوحي هذا الكلام بأننا أمام مختبر حقيقي لصياغة عمل مسرحي تكون فيه للدراماتورجيا مكانتها الخاصة لإدارة اللعبة المسرحية وذلك وفق معطى جماعي يبنى على تشاركية اللعب وديمقراطية الحلول والاقتراحات الفنية المقدمة من جميع صناع العرض. وفي تقرير نشرته سانا قالت‏

وتكمن المشكلة الأساسية في تنظير القائمين على العرض لتصدير صياغة أو تصور عن شكل العلاقات الفنية أثناء زمن البروفا فهذه يمكن فهمها والتقاطها بعد مشاهدة الصيغة النهائية لعرض آثر أن يقدم بيكيت في عبثه ولا معقوليته باللغة العربية ووفق تصور ذهني يضع الجمهور أمام جهد دراماتورجي عالي المستوى إلا أن الجمهور كان أمام صيغة مترجمة لم تستند في حدها الأدنى إلى مقاربة إبداعية لنصوص بيكيت بل أبقت النصين اللذين اشتغلت عليهما خارج التاريخ المصادف لفرصة عرضهما على مسرح القاعة متعددة الاستعمالات في دار الأوبرا السورية.‏

ويتعارض الطرح الفني لعرض دراماتورجيا بيكيت مع اسمه من خلال فهم جزئي لوظيفة الفن المسرحي عموماً من حيث أن المسرح ظاهرة اجتماعية لا يمكن تحويلها إلى مستوصفات أكاديمية وكوابيس وجودية كون الجمهور المسرحي أولاً وأخيراً كائنا جغرافياً وتاريخياً تعمل الدراماتورجيا أصلاً على إعداد النص له ومفاضلة ترجمات النص العديدة إن وجدت من أجل التواؤم مع اتجاهاته وميوله فالدراماتورجيا كفن للإنشاء الدرامي أولاً لم تذهب نحو أبجدية إمكانياتها الأولية عبر النظرة التأويلية للنصوص المختارة والجهد الجماعي لتحويل نص الكاتب الايرلندي من صيغته المتفاصحة إلى شكل فني قادر على مخاطبة جمهور دمشق 2012.‏

ولم يسع العرض إلى خلق سياقات تاريخية واجتماعية وثقافية للنص كمهمة أولى من مهام الدراماتورج بل إن أطروحة كل من صاحبي المشروع انضوت تحت نوع من عروض القراءة دون اللجوء إلى مستويات لغوية جديدة للنص تخضعه لمحاكمة أو مناقشة فنية جادة مرسخاً بذلك فكرتنا القديمة عن مسرح بيكيت المتشائم كما في مسرحيته /كوميديا/.‏

ولا يظهر العرض جهداً دراماتورجياً استطاع أن ينقل النص من صيغته المترجمة إلى صيغ راهنة وطازجة تشتبك مع واقع المتفرج وهواجسه حيث كان من الجميل أن نعد لصيغة سورية بامتياز تنتقل من بيكيت الإيرلندي إلى بيكيت محلي ينسى آلامه مع جيمس جويس وكراهية كل منهما للبشر ففي عرض ارتجالية أوهايو التي كتبها صاحب /نهاية اللعبة/ تظهر مشهدية لا يمكن شطبها من ذاكرة الكاتب المسرحي الشهير عبر مشهدية صديقه جويس وهو يملي على بيكيت جمله الصامتة المتبادلة بين الكاتب وأستاذه.‏

فيما تعود بنا مسرحية /وقع الخطا/ إلى ذاكرة بيكيت المتورمة عن /لوسيا/ ابنة جيمس جويس التي وقعت في غرام الكاتب لتنتهي بها الحياة إلى فصام وهستيريا في مصحها النفسي الأخير فكانت تحسب الموتى أحياء تخاطبهم بعد صدود بيكيت عنها وموت أبيها المفجع.‏

وينحو العرض إلى إنجاز فضاء شبه تقليدي للخشبة متجاهلا فضاء اللعب وفضاء الفرجة وفضاء الجمهور فالجمل المكتوبة للشخصيات لا تتعدى كونها جملاً إخبارية محضة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية