تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صندوق الاقتراع.. وبوابات الحوار!!

الافتتاحية
الثلاثاء 21-2-2012
بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

يفتح النقاش الدائر حول مشروع الدستور الجديد الشهية على طرح المزيد من الأسئلة، خصوصاً أن كل سؤال يوّلد دائرة أوسع للنقاش، ما يسهم في رفع سوية المناخ الذي يسود لدى الغالبية العظمى، رغم مايشوبه أحياناًَ من تشنجات في هذا الاتجاه أو ذاك.

اللافت أن نسبة عالية من النقاش ومواضيعه تتركز على قضايا ربما كان من الصعب في وقت آخر أن تدرج في خانة النقاش، واليوم نجدها بين السوريين تعبيراً يمكن أن يتشاركوا به وحوله وصولاً إلى ما ينشدونه.‏

ولعل جملة من الحالات المشابهة قريبة كانت أم بعيدة، تطرح الإشكال من باب مختلف، بمعيار الاستغراب أحياناً والدهشة أحياناً أخرى، حين يعتقد البعض أو يتوهم مدفوعاً بآراء مسبقة أن طرحها يمكن أن يشكل تجاوزاً أو خروجاً على النص كما يدّعون.‏

ما هو محسوم لدى أغلبية السوريين ووفق معطيات ما نلمسه من ردود الفعل أن المشاركة في الاستفتاء قد بُت فيها، وبالتالي فإن الغاية الحقيقية من طرح المشروع على الاستفتاء لابد أن تترجمها صناديق الاقتراع قبولاً أو رفضاً لقناعة مطلقة بأن كل النقاش، وكل الآراء لن تجدي إذا لم يتم التعبير عنها في الورقة التي ستضعها يد كل سوري في صندوق الاقتراع، حيث هناك تتقاطع لتعلن الموقف النهائي، وبشكل حضاري لا لبس فيه ولامجال أبداً للمحاصصة عليه.‏

بهذا المفهوم نستطيع تلمس نسقٍ كامل من المعطيات التي تبلورت سواء في آليات النقاش أم في المحتوى المتدرج لكثير من الملاحظات التي قد لا تخلو من الموضوعية، لكنها في الإطار العام ووفق مقتضيات العقد الاجتماعي لابد أن تقود إلى حيث يجب أن تترجم، والأخذ بالسياق الذي تنتجه ليكون هو المعيار للحكم بيننا وللقياس عليه في التعامل القانوني والعقدي.‏

ولانعتقد أن هناك صعوبة في فهم الكثير من الحيثيات المرتبطة بهذه الذهنية حين تكون هي السائدة، وهي المكملة لأطر الحوار العام، حيث يمكن من خلالها فهم القاعدة العامة التي ستكون عليها حالة الحراك السياسي كمنطلق ليكون صندوق الاقتراع هو الحكم النهائي والحصيلة التي نتوافق عليها.‏

لذلك ربما يأخذ صندوق الاقتراع أهمية قصوى في حياة السوريين هذه الأيام، وحين نسلّم جميعاً بما يقود إليه تتوافر لدينا الآليات لفك ألغاز كثيرة تمطرنا بها تلك الأطراف التي لا تؤمن بحضور صناديق الاقتراع، بل لا تريد لها أن تحضر.. ولا تقبل بها لكونها ستكشف فصولاً أخرى ما زالت حتى اللحظة مستترة خلف حجاب الشعارات الكاذبة.‏

والمسألة ليست استنتاجاً أو تفسيراً، بقدر ما هي توصيف لواقع ندركه كما تدركه تلك الأطراف، بأن هناك محاولة للهروب من الاحتكام إلى صندوق الاقتراع، بل إن بعضهم يخشى النتائج التي ستؤول إليها.. لذلك يعلو صوته أحياناً كثيرة كي يغطي على هذا الهروب وبعضهم الآخر - ولا يخفى على أحد - أنه لا يريد صندوق الاقتراع حيث لا رصيد له فيه.‏

من هنا ليس النقاش طريقة أو وسيلة لكسب النقاط أو تسجيل المواقف، بل هو إطار يجمع حوله آراء السوريين.. يحرضهم على مزيد من هذا النقاش.. وعلى مزيد من الحوار.‏

لذلك صوبت اطراف ودول على الدستور.. وكثفت من تصويبها، حين تم تحديد الاستفتاء بما يستدرجه ذلك من تعميم وحضور لصندوق الاقتراع.‏

الاستفتاء على مشروع الدستور لايقتصر على مايحمله المشروع في طياته من نهوض تشريعي، ولا على مايقود إليه من تطوير نوعي في الحياة السياسية السورية، بل هو أيضاً بوابة ليكون نقاشنا مجدياً، وليكون حوارنا هادفاً وبناءً من أجل سورية التي نحب.. وسورية التي نريد.. وسورية التي نعمل جميعاً ونسهم جميعاً في نهضتها وتطورها.‏

واستفتاؤنا على مشروع الدستور الجديد، هو ولوج من هذه البوابة.. كي تبقى مشرعة لاستحقاقات قادمة!!‏

a-k-67@maktoob.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية