تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في الحروب

عين المجتمع
الثلاثاء 16 -2-2016
لينا ديوب

في الحروب يسجل المؤرخ ما يريد، ويتناقل الساسة ما يخدم مصالحهم، ويتسابق علماء الاجتماع لتقدير الآثار السلبية والأضرار، ربما يجتمع الجميع عند حوادث معينة تقترب بدرجة أو بأخرى من الحقيقة.

لكن ما يجري على الأرض، في يوميات الناس ومعاناتهم، وكيف تدهورت حياتهم وتراجعت، تفاصيل لا يعرفها إلا أصحابها، ولا يقترب منها لا المحلل ولا المنظر، بل يبقى على تخومها، ويضيف عليها أو ينقص منها حسب توقعاته.‏

أما ما يدور على أرض المعركة، من مواجهة مع المجهول ومع الرعب في كل لحظة حتى تبدأ المواجهات ، فتلك قصة أخرى أيضا، لن نعرفها، إلا إذا التقينا بأبنائنا الجنود العائدين بإصاباتهم المتنوعة إلى المشافي، عندها تظهر لنا بشاعة الحرب وقسوتها واضحة كما لم نرها من قبل، يوم نرى شاب أثرت إصابته على مختلف حواسه وعلى نطقه، وهو لم يزل في مقتبل العمر، وجندي آخر تسبب إصابته في ألم متواصل يتمنى الموت ليتخلص منه. وقصص إصابات كثيرة وكثيرة أشد إيلاما من سابقاتها، عندها لن نقبل من محلل يرد بكل هدوء: هذه هي الحرب. لن نستطيع الوقوف على الحياد في مشاعرنا، سيغمرنا الحزن، ويتملكنا الغضب، على مسببي الحرب، نريد وقف الحرب فورا، وإسكات صوت الرصاص، فالناس والجنود هم يعانون، وهم من يدفعون يوميا ولحظيا، ضريبة الحرب، في ألم الفقد، وألم الإصابة، ووجع الحاجة والفقر والبرد، والنزوح.‏

في الحرب يظهر الجنود بطولة وايماناً وثباتاً نادرين، يعطوننا ليس فقط الأمل بالنصر، بل بانتصار الخير على الشر، وإذا أردنا انتصار الخير علينا العمل بأقصى ما نستطيع لرعاية الجنود، سواء كانوا معافين، أم مصابين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية