|
إضاءات في الواقع أن طارق الشريف قد أنجز تأليف كتاب «لؤي كيالي – حداثة فنية.. ومضمون إنساني» الذي نحن بصدد الحديث عنه عام 1996، كما يشير التاريخ الذي دونه على مقدمة الكتاب، إلا أنه لم يدفعه للطبع إلا بعد أكثر من عشر سنوات حيث نشر ضمن إصدارات «احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية» عام 2008. وللدقة في آخر قائمة مطبوعات الاحتفالية. وهنا يحق سؤال آخر: - إذا كان الكتاب قد صدر منذ ثماني سنوات، فما مبرر الحديث عنه الآن؟ قلت إن السؤال مشروع، وكذلك هو الجواب الذي أختصره بالقول إنه حين قدم الناقد الشريف كتابه للنشر كان يمر بمرحلة صحية حرجة، لم يعد قادراً معها على متابعة طباعة الكتاب فكُلفت من قبل إدارة الاحتفالية بمراجعة النص، وتدقيق صور اللوحات، وقمت بذلك فعلاً، وبما أن الكتاب قد صدر في نهاية سنة الاحتفالية، وبعد أن زالت هيئاتها الإدارية، فإنه لم يتح لي الحصول عليه بعد طباعته، ومع أن بعض العاملين السابقين في تلك الهيئات أكدوا لي على امتداد السنوات الماضية صدور الكتاب، وأنهم سيسعون ليوفروا لي نسخة منه، فإن عدم تحقق ذلك، وعدم رؤيتي لأي نسخة مطبوعة أوصلني للشك بأن الكتاب لم يطبع أصلاً، وبعد سنوات (طول الانتظار) اهتديت لفكرة الاتصال بأرملة الأستاذ طارق الشريف، التي حسمت شكوكي، وقدمت لي - مشكورة – نسخة (حقيقية) من الكتاب. يقع كتاب « لؤي كيالي – حداثة فنية.. ومضمون إنساني» في 104 صفحات من القطع الكبير، متضمنة 63 صورة للوحات الكيالي، ومقسمة إلى خمسة فصول تتناول المراحل الأساسية في تجربته، إضافة إلى ثلاثة فصول يضم الأول منها كتابات للؤي كيالي في النقد والفن، والثاني كتابات عنه، والثالث سيرة ذاتية موجزة. وتنبع أهمية هذا الكتاب من أهمية مؤلفه الذي رافق الحركة التشكيلية السورية لعقود طويلة، (كناقد وكمسؤول عن النشاط التشكيلي) تميز خلالها بحيوية منقطعة النظير، وأفق رحب في التعامل مع الاتجاهات والتجارب الفنية على تنوعها واختلافها، وكانت له آراؤه الواضحة والمعلنة فيها، ومنها ما يظهر جلياً في هذا الكتاب. غير أن من المؤكد أن الأهمية الأساسية لهذا الكتاب تنبع من أهمية لؤي كيالي ذاته، فبعد نحو أربعة عقود على رحيله ما زال يشغل اهتمام الوسط التشكيلي، والوسط الثقافي عموماً، وآخر مظاهر هذا الاهتمام إحداث صالة عرض باسمه في نادي الفنانين التشكيليين بدمشق (الرواق العربي)، يقام فيها إلى جانب المعارض لقاء ثقافي وحواري أسبوعي. وقد نُشرت عن لؤي كيالي مئات المقالات، ونُظمت عن تجربته كثير من المحاضرات والندوات، وأُنجزت عدة أفلام وبرامج تلفزيونية، ولم يغب عن أي كتاب حول الفن التشكيلي السوري. وكتاب الناقد طارق الشريف هو ثالث كتاب عن لؤي بمفرده، بعد كتاب الفنان ممدوح قشلان الذي صدر عن نقابة الفنون الجميلة عام 1974.وفيه نظر الفنان قشلان إلى تجربة لؤي ضمن إطارها الزمني والمكاني، وضمن سياق الفن التشكيلي السوري، مشيراً إلى أسباب تميزها.وملحقاً بدراسته النصوص التي كتبها لؤي وأعاد طارق الشريف نشرها في كتابه. والكتاب الثالث هو (الدراسة النقدية) التي كتبها الناقد صلاح الدين محمد للكتاب الأول من تظاهرة «الفن للجميع» التي أطلقها الفنان سعد الله مقصود عام 1999 وتضمنت سرداً عميقاً لتجربة لؤي كيالي، وذكريات الناقد صلاح الدين محمد الشخصية معه، ودراسة نقدية تحليلية لعدد من لوحات لؤي. لا شك أن السيرة الحياتية (الدرامية) ذات النهاية (التراجيدية) للؤي كيالي قد ساهمت إلى حد كبير في توسيع حالة الاهتمام به لتضم قطاعات واسعة من المعنيين بالثقافة، وسواهم، ويمكن هنا الحديث عن المقالة التي كتبها عنه الأديب ممدوح عدوان و نشرها في كتابه «دفاعاً عن الجنون»، وكذلك مشروع المسلسل التلفزيوني عن سيرته الذاتية الذي تصدى لكتابته المخرج التلفزيوني المخضرم محمد فردوس أتاسي، والذي أتمنى أن يجد جهة إنتاجية تجعل منه مادة فنية ثقافية تقدم، لأوسع قطاع من الجمهور، سيرة هامة لفنان هام. والأمل ذاته معقود بأن تقوم جهة ثقافية ما بإعادة طباعة كتاب طارق الشريف الذي لم يتح له الوصول إلى كثيرين يحرصون على الحصول www.facebook.com/saad.alkassem ">عليه.. www.facebook.com/saad.alkassem |
|