تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مشهدية سعودية

معاً على الطريق
الثلاثاء 16-2-2016
خالد الأشهب

قبل سنوات القحط والخريف السياسي العربي والتدمير الأميركي الممنهج باستخدام «الريموت كونترول» العربي والخليجي .. كان ثمة من لا يزال يتحدث مطولاً وبحماسة عن « عروبة» آل سعود وملوكهم وأمرائهم،

وعن هيبتهم ووقارهم وعن استجاباتهم وردود افعالهم السياسية البطيئة « الحكيمة « والمتأخرة « الوقورة « تجاه الأحداث عامة، ثم يسوقها على حامل الهدوء والاتزان وحكمة الحكماء؟‏

هذه المشهدية التي قدمها وأوحى بها آل سعود إلى الآخرين .. وجوه جادة كالحة وتقاسيم حادة ودقيقة وحركة بطيئة وعباءات وأغطية على الرؤوس، وتصريحات قليلة وعامة غائمة لا تحمل أي تفاصيل أو مواقف دقيقة، فضلاً عن ممارسة نمط الشخصية الأبوية .. كل هذه المشهدية أريد لها أن تقدم حكام السعودية في مصاف الحكمة والوقار والمسؤولية وغير ذلك، وأن تقنع من لديه بعض الشك في حقيقة الخلفية الجاهلية لحكام مملكة الظلام !‏

ولم تكن ثمة حاجة ولو لمرة واحدة لأن يضطر هؤلاء الحكام للكشف عن مضامينهم الداخلية والعميقة، وعن نزعاتهم الغرائزية وأدوارهم السياسية الموكلة إليهم، فضلاً عن المساهمة الكبيرة التي قدمتها أميركا والغرب وإعلامهما في ترسيخ هذه المشهدية وتعميمها .. خاصة لدى العرب المأخوذين خلسة بزيف هذه المشهدية السعودية «العروبية» عامة !‏

غير أن الحرب التي تدور منذ سنين في سورية وحولها، والتي مزقت الكثير من الحجب والستائر، وكشفت الكثير من الحقائق وبؤر العفونة قصداً أو عفواً، وأمام الاستعصاء الذي لاقته مشاريع أميركا السياسية وأدوار عملائها في سورية خاصة، أخرجت المشهدية السعودية والخليجية عامة عن طورها « الحكيم الوقور الأبوي « المزيف، فأحرقت ورق السلوفان اللامع الذي التفت داخله هذه المشهدية طيلة عقود من الزمن وبددت ألوانها وأصباغها .. حين صار هؤلاء الحكام أمام خيارين لا ثالث لهما : فإما الفشل والانكفاء دون ضجيج أو صخب، وإما الانخراط بأدوارهم علانية وكما هي في الأصل !‏

هنا، كان لابد لتفاصيل هذه المشهدية أن تنكشف على حقيقتها المدوية فتعود الأشياء إلى أصولها الأولى وتزول مظاهر الزيف والتلوين، وعليه .. فالصمت الذي لازم وطبع الشخصية السياسية السعودية طويلاً عاد من صمت الحكمة إلى صمت الجهل، وعاد الوقار إلى الغباء وانكشفت رقائق الأبوية على مضامين الغرائز من القتل إلى الجنس إلى النهم، خاصة بعد اعترافات هذه الشخصية التي توالت عرضاً في تفاصيل تصريحاتها العلنية والمتلفزة، مرة بدعم الإرهاب ومرة بدعم الجهل والتجهيل، وثالثة بدعم وتعميم تيارات العقائد التكفيرية، أضيف إليها تباعاً اتهامات أميركية وغربية جديدة ونادرة وعميقة للحقائق التي تقوم عليها الشخصية السعودية؟‏

على هذا النحو بدأ زيف المشهدية السعودية والخليجية بالتهتك والتعري أمام حقائقها التاريخية القائمة على الجهل والغباء والغرائز .. وإذا كان ثمة فضل للحرب الظالمة على سورية وتداعياتها، فهو أنها أعادت السعوديين إلى زمنهم الحقيقي في قرون الجاهلية البدائية الأولى .. رغم المال والعمائر ومظاهر الترف ؟؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية