|
هآرتس- بقلم جدعون ليفي حيث نسمع أصواتاً تعلن عن رغبتها بتولي رجل مثل ارئيل شارون لرئاسة مجلس الوزراء, تلك الأصوات التي يحدوها الأمل بقائد على غرار ذلك الأب الذي رحل, ونجدهم يرددون: (لو أن شارون ما زال هنا لانتهت حرب لبنان بشكل مختلف, وكان بمقدوره وضع حد لإطلاق صواريخ القسام منذ فترة طويلة). لكن دعونا نقول من الأفضل أن نكون أيتاماً في ظل قيادة رئيس الوزراء ايهود أولمرت أفضل من أن يكون الزعيم الأسطوري أباً لنا. ينبغي على حماس أن تشعر بالامتنان بشكل كبير لشارون, حزب الله سيكون ناكراً للجميل إن لم يشكر الرجل الذي مكنه من تثبيت أقدامه في لبنان, أما سديروت فإنها تدين الرجل الذي تسبب في استمرار سقوط صواريخ القسام عليها. إن الذين يشعرون بالحنين إلى أيام شارون يستذكرون في الواقع الأساليب الوحشية والمخيفة التي كان يتبعها, والتي تقودنا للهاوية, وإن من يحن إلى ذلك القائد, فإنه يحن إلى قائد خطر تسبب لإسرائيل بالأضرار الكبيرة والكثيرة أكثر من أي قائد آخر, إذ إنه في السنوات الست التي أمضاها كرئيس لمجلس الوزراء قضى على الفرصة الأخيرة لوجود شريك فلسطيني مناسب حيث تم تحت لوائه شن حرب شعواء على منظمة التحرير الفلسطينية, تلك الحرب التي لم تؤد إلى ظهور حركة علمانية تؤمن بالتسويات, بل أدت لنشوء منظمة إسلامية (متعصبة) على غرار ما حدث من نتائج لحرب لبنان الأولى التي قادت إلى نشوء حزب الله, فمن الذي يجب أن يشكر على تلك التصرفات? إنه شارون. فبقيادته دمرت قوات الدفاع الإسرائيلية مؤسسات النظام الفلسطيني الهش من مراكز للشرطة في الأماكن المختلفة إلى مكاتب الخدمة الاجتماعية, أما بالنسبة لياسر عرفات الشخص الوحيد الذي يمكننا التوصل معه إلى تسوية تاريخية فقد قضينا عليه كزعيم دون أن يسأل أحد في إسرائيل عن عقابيل انهيار منظمة التحرير الفلسطينية التي تلت تهميش دور عرفات. لقد سجنا مروان البرغوثي لعدة سنوات وهو أحد القادة البارزين, كما سجنا أيضاً قائمة طويلة من النشطاء السياسيين الذين تحدثوا عن السلام, وحرمنا محمود عباس (الذي خلف عرفات برئاسة السلطة, والذي يعتبر من أكثر الزعماء الفلسطينيين اعتدالاً) من أي فرصة لإثبات وجوده, ولم نفسح له المجال بتقديم أي إنجاز يذكر إلى مواطنيه وتخفيف معاناتهم. يعتبر شارون المسؤول الأول عما حدث, فتحت قيادته استخدمت إسرائيل لغة القوة من حيث إعداد القوات المسلحة إلى التخطيط للأعمال العسكرية, ومن ثم الدرع الواقي, وأخيراً حاجز الفصل, ونفذ فكرة الانسحاب أحادي الجانب, واتبع أساليب عنصرية وفوقية متجاهلاً وجود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي له احتياجاته ومتطلباته, وعمد إلى سحب القوات العسكرية الإسرائيلية والمستوطنين إلى خارج غزة دون أي اتفاقية مع الجانب الفلسطيني, واستمر بالسيطرة على الضفة الغربية. لقد قمنا بتدمير كل شيء, وغادرنا قطاع غزة معزولاً عما حوله, بحيث أصبح كسجن كبير, لم يسبق للمواطنين أن عاشوا بظروف مماثلة لهذا الواقع وبذلك فلا عجب من أن ينهج أولئك المحاصرون الجياع (الذين لا يستطيعون الخروج خارج غزة) إلى العنف والفوضى في هذا المحيط الضيق, واستطاعت حماس الوصول إلى السلطة الأمر الذي لم يكن مفاجئاً لنا في ظل الأوضاع القائمة, وعمدت الحكومة الإسرائيلية إلى تشجيع الكثير من دول العالم لغرض مقاطعة اقتصادية قاسية على السلطة الفلسطينية, واستمرت المقاطعة حتى بعد تسلم حكومة الوحدة الوطنية مقاليد الحكم في البلاد, الأمر الذي لم يتطلب وقتاً طويلاً لظهور الصراعات الداخلية, والقتال بين الفصائل الفلسطينية, تلك الأمور التي قمنا نحن بإذكائها في قطاع غزة. ماذا نتوقع بعد ذلك? وماذا كان سيفعل شارون في مثل تلك الأحوال? |
|