تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مايكل ناغلر: أميركـا مـارد إرهابـي يمسـك بخنــاق الأرض

ثقافة
الثلاثاء 7-1-2014
 إعداد: هفاف ميهوب

لابدَّ لكلِّ من يقرأ كتاب البحث عن مستقبل لاعنفي لـ مايكل ناغلر الباحث عن السلام والمؤسس لمراكز اللاعنف في أميركا, من أن يستغرب دعوة هذا الرجل وترويجه لدوراتٍ سريعة في كامل قدرات اللاعنف وسواء للشباب العربي, أو لغيرهم ممن اعتبرهم يخاطرون بحياتهم لتشجيع التغيير بأسلوب يهدف إلى الحرية اللاعنفية.

أما سبب استغراب من يقرأ هذا الكتاب, فهو أن دعوات «ناغلر» كانت موجهة لمن له اتصالات في المنطقة العربية التي قامت فيها الثورات, ما يعني بأنه ورغم ما أورده في كتابه عن صنَّاع العنف, يتظاهر بأنه لا يعرف بأن قادة الولايات المتحدة الأمريكية يقيمون دورات تدريبية, وليس للعنف فقط، وإنما لأبشع طرق الإجرام والإرهاب التي لايمكن أن تتقبلها أو تتصورها البشرية..‏‏

إذاً, هل من حقِّ باحثٍ شهد بأمِ عينه, حقائق استند عليها في كتابه الذي أدان فيه بلده وإرهابييه, أن يشهد على ما يحصل في عالمنا العربي واعتماداً على عينٍ عوراء لم ترَ إلا ما أبصرها إياه أصحاب النفاق والغارقين إثماً وظلاماً وحراماً فيه؟..‏‏

سؤالٌ, نترك الإجابة عليه للقارئ. قارئ كتاب «البحث عن مستقبل لا عنفي» الذي سنورد بعض ما ورد فيه, ومن أجلِ تقديمِ إجابة سريعة لمن يقرأ ومنذ تمهيد «ناغلر» له:‏‏

«قبل ثلاثة أشهر من أحداث الحادي عشر من أيلول المروِّعة, حضرتُ مناقشة عامة في حرم الجامعة التي أدرِّس فيها. كان أول المتحدثين ممثلاً عن مختبرات التسليح النووي, وقد استحوذ على مشاعر مستمعيه بالكامل, وكان السؤال الأول الذي أثير للمناقشة: هل من أثرٍ للتكنولوجيا؟. فرد بازدراء» طبعاً. نحن الولايات المتحدة لدينا أموال طائلة ويمكننا عمل الكثير مما نريد عمله وليس بمقدور أحد إيقافنا..‏‏

لاشك أن هذا الكلام, يؤكد على أن «ناغلر» أراد تبيان غطرسة هذا الرجل, بل سوقيته التي دلَّ عليها بوصفٍ قال فيه: «كان الأكثر جلافة وسوقية, وقد بدا بتصرفهِ المتعجرف أشبه ب موسوليني, ولاسيما بعد أن وصل إلى ذروة حديثه وقال متبجحاً: «أهلا وسهلاً بالعصرِ الأميركي المقبل, وإذا كنتم لاتحبونه, فربما عليكم أن تنتظروا مئة سنة أخرى من أجلِ عصرٍ قادم..‏‏

جفلتُ خوفاً, وخاطبت نفسي: «يا إلهي. إننا في طريقنا نحو الهلاك» ومرت أمام عيني صور ماردٍ جبار يمسك بخناقِ الأرض»..‏‏

هذا ماقاله «ناغلر» في مقدمته وعن المناقشة التي أرعبته حدَّ قناعته, بأن أمريكا هي ذلك المارد الذي سيمسك بخناق الأرض, وحدّ إصداره هذا الكتاب الذي وردَ فيه أيضاً:‏‏

«كنتُ أجلس متشبثاً بالمقعد الذي أمامي في حافلة تقوم برحلة يومية إلى مكان عملي. كان لدى أحد زملائي راديو محمول راح يتمتم, بأن الأبراج سقطت, وحين غادرنا الحافلة, وقفنا مصدومين على الرصيف أمام مكتبي. كل ذلك جعلني راضياً عن الاستقبال الحماسي لهذا الكتاب, ولم يكن هناك الكثير من المراجع التي كنتُ بحاجة إليها, فقد اقتحمنا العنف عنوة, وبوحشية بالغة».‏‏

هاهو إذاً يعترف باقتحامهم للعنف. بصناعة أميركا له وتصديره.. بتدريبها لمقترفيهِ وتشجيعهم على الإرهاب حتى وإن تطلَّب منها ذلك, التضحية بشعبها وإفقاده استقراره لطالما, شتى الطرق متاحة لاقتراف ماقرأنا في الكتاب عنه:‏‏

«ما قام به الإرهابيون في الحادي عشر من أيلول كان شنيعاً لكن, إن كنا صادقين, فليس بوسعنا القول, أوه لايُعقل.. لا يمكننا قول ذلك لأننا خَلقنا ثقافة أصبحنا نفكر بها طوال الوقت, وخصوصاً شبابنا.. ثقافة ترفع من شأن العنف بشتي الطرق المتاحة. هذا ويمكننا أن نرى في بعض الحالات صلة مباشرة بين العنف وفقدان الامن, كما هو الحال اليوم في دعم حكومتنا الأعمى لإسرائيل, علماً أن الأمن ليس شأن كلاب شمّ القنابل أو الأقمار الصناعية التجسُّسية. إنه شأن «تعلم كيف تعيش» وبالتالي لا نعود نحتاج لإزاحة الآخرين عن الطريق, كي نفسح مجالاً لسعادتنا. إنه شأن بناء ما دعاه «مارتن لوثر» «الجماعة المُحبّة».‏‏

لم يتوقف «ناغلر» في كتابه عند هذا الحد من الحديث عن العنف الأمريكي, فهو يضيف إلى ذلك, الحديث عما خلفته الحرب على أفغانستان من ضحايا زاد عددهم على أعداد ضحايا أحداث الحادي عشر من أيلول, وعلى يدِ إرهابيي تنظيم القاعدة الذين توزعوا في شتى أنحاء العالم بطريقة جعلت تحديد مواقعهم أمراً بالغ الصعوبة, وبما اعترف «ناغلر» بأنه:‏‏

«صبّ الزيت على نار الكراهية التي شرعنتهم, فوفقاً لـ»نيويورك تايمز», بلغ الغضب على الولايات المتحدة مستوى لا نظير له في كافة أرجاء العالم, وفقاً للمحلِّلين والدبلوماسيين في المنطقة.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية