تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كانت دمشق مدينة جميلة «17»

خَطٌ على الورق
الثلاثاء 7-1-2014
 أســــــــــعد عبـــــــــود

وصلتُ دمشق عشية رأس السنة. كان أمامي فرصة أن أتفقد ما يمكن أن أصله من أماكن و شوارع، لكم قطعت عليها مسافات، فأنا سبق وأن أخبرتكم بأنني مصاب بهوى الأمكنة.

في الصباح مارست رياضة المشي لساعتين في مشروع دمر السكني و على ضفاف بردى باتجاه دمر البلد. الطقس دافئ وظلال لغيوم متقطعة، و الدنيا هدوء شبه مطبق. بدأ يتبدد الخوف الذي ترسخه بي حزمات الأخبار من الشارع والناس و الإعلام بل الإعلام أولاً ! هنا صناعة الأخبار مهنة و رزق و ارتزاق!‏‏

ساعتان تكررتا على مدى أربعة أو خمسة أيام. كانت عاجزة أن تقنعني بأن المدينة استعادت وجهها الجميل البشوش !! لكنها تعد بذلك. يوم كانت دمشق مدينة جميلة كان لهذه الأيام من السنة طبيعة موغلة في الجمال... قبل الميلاد بأسبوع... وبين الميلاد و رأس السنة... و بعد رأس السنة بأسبوع. ليس فقط ليلاً حيث لأنوار المناسبة وقع الفرح، وليس فقط في القصاع و باب توما و جوانبهما إلى باب شرقي، حيث تنتشر الكنائس الوادعة، بل لأن دمشق كانت تشعرك أنها مدينة لكل الأنبياء... لكل الأديان.. لكل المذاهب.‏‏

لعل دمشق أكثر المدن الأسلامية اسلاميةً. ولا يجوز الكذب على منطق التاريخ في عدم استيعاب «لماذا انتقل مركز الدولة الإسلامية من الجزيرة العربية إلى دمشق الشام.. ومن بعدها إلى بغداد» هناك ولد الإسلام الذي جاء به النبي محمد بن عبد الله بإذن من ربه... و بالتأكيد ليس غيره فمن أضاف إلى ذلك كذب..من الأفاق محمد بن عبد الوهاب إلى الطرطور اللبناني خالد الضاهر. هناك ولد الإسلام وهنا امتداداً إلى العراق نشأ وترعرع. هنا عرف الإسلام كنائس ومعابد ومذاهب فعاش معها وتعايش. وهنا قاوم ليبقى الاسلام الذي جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم. قاوم الترك العثمانيين وماحاولت نفوس سلاطينهم الدنيئة إلحاقه بالدين المنارة. دين كل الناس وليس دين التحليل السري و العلني لخزيهم و ملذاتهم، وتحريم الحياة على الناس إلا خدمة لما يرسمونه بغباء غير مسبوق أنه طريق إلى الجنة!؟ وعلى هديهم و ضلالهم جاء آل سعود من خلف الضلالي الكبير محمد بن عبد الوهاب.‏‏

هنا الإسلام... إسلام الحياة الجميلة لكل الناس كما أرادها رسول الاسلام و مبلغه. هنا في دمشق ومن بعدها تكون بغداد و تكون القاهرة وغيرها من المدن التي عرفت مسيرة الحياة في دروب الحضارة بظل الاسلام. فلا يستغربن أحد بعد اليوم لماذا هي مشتعلة تحديداً في دمشق و بغداد!؟ ولماذا الأعلام السوداء ترخي بظلالها على الناس و حيواتهم في بلاد الشام! هل يصدق العقل أن ثورة الاسلام وما اتاح وما بنى ينكسر كل ذلك على مقاس الترك و سكان الخليج. لا هذا ليس الاسلام ويكذب من يقول إن الإسلام دين التعتير.‏‏

كان وما زال الإسلام دين النور والجمال...‏‏

وكانت وما زالت دمشق مدينة جميلة....‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية