|
يديعوت أحرونوت- * بقلم: رون بانداك وقبل مقتل اسحاق رابين بثلاثة أيام تم إعداد مسودة لبرنامج عمل كان من المقدر له أن يكون أساساً لإقرار السلام بين إسرائيل والفلسطينيين, لكن رابين اغتيل قبل أن يطلع على تلك المسودة التي أعدت وفقاً لرؤيته. في اللقاء الأول لاجتماعنا في استوكهولم صيف ,1994 جرت حوارات ومناقشات حول نقطة البدء, فيما إذا كان ينبغي علينا أن نحدد معاً الأهداف النهائية للمحادثات منذ بدايتها, وبعد ذلك نحدد بنود الاتفاقية وفق ما سنتوصل إليه, أم يتعين علينا أن نعد مسودة الاتفاقيات المتعلقة بكل موضوع منذ البداية. إن أهمية الخيار الثاني تكمن في قيام إسرائيل بفرض إرادتها التي تقوم على أن الأراضي المحتلة في عام 1967 لن تكون بكاملها أراضي للدولة الفلسطينية وإنما تبقى خاضعة للتفاوض. اعتمد إيهود باراك هذا الخيار وجاهر به في اجتماعات كامب ديفيد, إذ يرى أن ليس لدى الفلسطينيين من أساس يتيح لهم طلب كامل أراضي الضفة الغربية, وبناء على هذا الرأي دارت المفاوضات في حلقة مفرغة دون التوصل إلى تحديد للأسس التي ستقوم عليها الدولة الفلسطينية ودون الأخذ بالاعتبار أمر تطبيق القرار 242 المتخذ أساساً في الاتفاق المبرم مع مصر والذي يقوم على مبدأ الأرض مقابل السلام. تباينت الآراء والاستنتاجات حول ما ينبغي التوصل إليه من نتائج في ضوء ما دأبنا عليه من اعتبار أراضي الضفة الغربية جزءاً من إسرائيل الأمر الذي يحول دون التوصل إلى اتفاقية مع الفلسطينيين. لكن إذا توافرت لدينا الرغبة بالوصول إلى اتفاق فيجب أن نضع في حسابنا أن الدولة الفلسطينية قد تؤسس على كامل الأرض, وسيشكل هذا الأمر حافزاً أساساً للاتفاق مع الفلسطينيين. بعد نقاش مستفيض توصلنا إلى أن أي مفاوضات ستقوم في المستقبل ينبغي أن تستند إلى هذا الفهم, إذ ربما يتم التوصل إلى اتفاقية تحقق الأمن لإسرائيل حيث ستكون الحدود واضحة وفقاً لمصالح المواطنين الإسرائيليين دون المساس بالأمور المتعلقة بالشخصية اليهودية. على الرغم من وجود مسودة سبق إعدادها ولا نحتاج إلا إلى مفاوضات على بعض التفاصيل الدقيقة, قام الوفد الإسرائيلي بعد خمس سنوات بتجاوز تلك المسودة في مفاوضات كامب ديفيد, كما رفض باراك الاقرار بها ويقول البعض إن ذلك ما قاد إلى فشل المفاوضات. منذ عام 2001 كان من الصعوبة بمكان على الطرفين (الإسرائيلي والفلسطيني) أن يبدأ مفاوضات جديدة, لكن الأمر زاد تعقيداً بمرور الوقت جراء العداء المستحكم بين حكومة حماس والحكومة الإسرائيلية التي أخذت بمعاقبة كامل الشعب الفلسطيني, الأمر الذي أدى إلى تعميق الخلاف بين الطرفين. لقد اتضح أنه قد يكون من الأفضل للشعبين وخاصة الإسرائيلي القبول بالعرض المقدم من المجتمع الدولي الذي سيتضمن بشكل طبيعي تحقيق الأمن الاستراتيجي لإسرائيل. في ظل الأوضاع السائدة في الوقت الحاضر, يتعذر العودة إلى مفاوضات تستند إلى فكرة استوكهولم, وقد بات من الأفضل للفلسطينيين والإسرائىليين محاولة التوصل إلى تسوية عادلة قد تحقق نهاية للخلافات بينهما دون أن تضع نهاية جذرية للصراعات الاقليمية القائمة. لقد أصبح من المتعذر تطبيق اتفاقية أوسلو نظراً لافتقارها للوضوح وعدم توصلها لأهداف محددة وواضحة, الأمر الذي أدى إلى تعميق الخلافات. بغية التوصل إلى حل يرضي الجانبين يتعين أن يكون لدينا صورة واضحة للوضع الراهن, علماً أن الأمور التي سيقبل بها الطرفان باتت واضحة, وعليه فإن قراراً من مجلس الأمن (بدعم من أميركا) يتولى اجراء تعديلات للقرار 242 قد يقود إلى إنشاء دولة فلسطينية مستندة إلى حدود ,1967 ويحقق تبادل الأراضي بنسبة 1/1 من الأراضي التي لا تتجاوز مساحتها 3% من أراضي الضفة الغربية الذي قد يؤدي إلى اتفاقية سلام بين الطرفين. إن ما ينجم من اتفاق في إطار ما سلف ذكره لا تتضمن اعترافاً بحدود دقيقة يقرها الطرفان, إذ يجب أن نتوصل إلى حدود عبر مفاوضات عالية المستوى. إن التوافق الفلسطيني -الإسرائيلي على ترسيم الحدود بينهما قد يشكل خطوة أولى في تطبيق المبادرة السعودية التي تبنتها القمة العربية في عام 2002 وقد تقودنا إلى سلام حقيقي في الشرق الأوسط. * مدير مركز بيرتز للسلام |
|