|
رؤيـــــــة حينها توجّهتْ إحدى المجلات بالسؤال إلى عدد من المشاهير حول ما يجب إرساله في كبسولةٍ زمنية إلى القمر وإبقاؤه هناك أبداً، من ضمن الردود قالت الروائية الأمريكية «جويس كارول أوتيس»: (قصائد الاعتراف لآن سيكستون، وسيلفيا بلاث، وروبرت لويل). رأت «أوتيس» أن تلك القصائد تشكّل أيقونات ثقافية تشهد على أمريكا في فترة ما بعد الحرب العالمية! الآن وبعد الحرب الدائرة منذ سبع سنوات في سورية, وهي لابد ذاهبة إلى نهاية بعد وقت, لا يمكننا التكهن به, لكن ربما كانت في مرحلتها الأخيرة, لو سُئل بعض المشاهير السوريين نفس السؤال: ما الذي يجب إرساله في كبسولة زمنية إلى القمر ليبقى هناك إلى الأبد؟ هل أنتجت الحرب حتى الآن شعراً أو سرداً أو فناً متمايزاً يستحق الخلود على سطح القمر؟! ربما تستحق آلام البشر جميعهم أن تكون في كبسولة زمنية, لكن لغرض آخر, كأن تنتفي الآلام على الأرض, فلو كان لي أن أفعل, لطلبت من جنيات الكون أن يسحبن الألم والمعاناة البشرية بأنفاسهن ونفثها في كبسولة وحبسها هناك إلى الأبد! لعل «أوتيس» أرادت من إرسال قصائد الاعتراف إلى القمر, أن ترى كائناتٌ أخرى ما يمثّل الوجه الأصدق لأمريكا الخارجة من الحرب العالمية الثانية, وما تركته تلك الويلات على البشر من آثار نفسية عميقة, وبخاصة على الشعراء... الاعتراف قيمة مثالية, كثير منّا لا يجيدها, لأنه يلامس المنطقة الهشة والحميمية من ذواتنا, ولأنه يكشفنا على الخارج الذي لن يكون رحيماً أبداً بأي مظهر ضعف إنساني يظهر للعلن. لو يتمكن العلم من اختراع طريقة سهلة وسريعة وغير مكلفة لذهاب الناس إلى القمر للاعتراف بسرية, لازدحمت طرق السماء بالراغبين بتلك الرحلة, فالاعتراف حالة نشوة روحية كمن يغتسل في ماء مبارك, يعود بعدها صفحة بيضاء. بين القمر والكبسولة الزمنية والأبد والاعتراف نبقى مترددين خائفين, نمارس كل أنواع التخفي والتظاهر والادّعاء كي نبقى بعيدين عن عيون الرقباء.. وسنفشل بالتأكيد! |
|