تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مسرحية هزلية محزنة

معاً على الطريق
السبت 9-3-2013
أحمد ضوا

شهدت الجلسة الاخيرة لوزراء “جامعة مشيخات النفط العربية” التي عقدت في فندق منعزل قرب مطار القاهرة الدولي خوفاً من غضب الشعب المصري مسرحية هزلية محزنة تعكس واقعا أليماً تعيشه الامة.

لقد كان المملثون الأساسيون في هذا المشهد المأساوي أولئك الملأى جيوبهم بالدولار البترولي، بينما الممثلون الثانويون والكومبارس بعض من الوزراء الخائفين الانتهازيين، جيوبهم فارغة ينتظرون ملأها ثمناً لصمتهم على من يسخِّر الجامعة العربية لخدمة الدول المعادية للأمة وعلى رأسها إسرائيل.‏

وكما هو الحال في كل مسرحية فهناك نقاد لا يجاملون ويرفضون الخضوع للإغراءات أو السكوت على الباطل والسوء، وجسد ذلك بامتياز الموقفان العراقي والجزائري تجاه قرار غريب وخطير في آن معاً ضد سورية الدولة المؤسسة للجامعة العربية تمثل بتجاهل سورية وشعبها وتسليم مقعدها إلى شرذمة من القابعين في أحضان أعداء الامة والمستعدين للتفريط بحقوقها دون ثمن وسيبقى سؤال وزير الخارجية العراقي لنظيره المصري في الجلسة المغلقة ماذا لو طلبت المعارضة المصرية اخذ موقع مصر في الجامعة ماثلا في دلالاته الى امد بعيد؟!!!! .‏

أما أصحاب مصطلح “النأي بالنفس” فمشغولون فيما بينهم بتفسير معاني هذا الموقف الفريد من نوعه بينما على الارض ووفقاً لما تنشره الصحافة اللبنانية فإن المناطق الحدودية مع سورية وخاصة الشرقية الشمالية منها تحولت إلى موئل للإرهابيين والمسلحين الداعمين للحرب الإرهابية الكونية على الشعب السوري!!.‏

وكما لكل مسرحية هزلية بغض النظر عن مضمونها عبرة للمشاهدين والمتابعين فلمسرحية “جامعة البترو دولار” القاهرية عبرة ودلالات للمستقبل الذي ينتظر الأمة عندما تسلم قرارها ومستقبلها لحفنة من الأدوات الفاقدة لكل مقومات الاستمرار والوطنية.‏

إن ما يحزن ويؤلم كثيراً لدى مشاهدة هذه المهزلة في القاهرة هو خضوع حكومة الشعب المصري العظيم التي لفظها هذا الشعب بعد أقل من شهرين على سرقتها ثمرة نضاله بالخداع والكذب والنفاق لأوامر مشيخات النفط مسجلة بذلك يوماً أسود في تاريخ الشعب المصري الذي لن يتأخر في الإطاحة بهذه الحكومة التي تجاهلت مطالبه وانشغلت بالتآمر على شقيقه الشعب السوري والاستجابة للمشروع الاميركي الغربي الهادف الى تفتيت المنطقة.‏

فالصورة التي التقطتها وسائل الإعلام للمصريين “نبيل العربي ومحمد كامل عمرو” وهما يدافعان عن “قرار نفطي” ضد سورية قلب العروبة النابض هي بمثابة مكافأة باهظة الثمن ليس لملوك وأمراء مشيخات النفط بل للعدو الاسرائيلي الذي عجز رغم كل إمكانياته الإعلامية والسياسية والاقتصادية والإغرائية طوال العقود الماضية من إنجاز هذا التحول الخطير.‏

وأيضا كما في كل مفصل هناك فسحة من الأمل تمثلت بالموقفين الجزائري والعراقي وإلى جانبهما الاستياء العماني لتترك باب الأمل مفتوحاً بأن هذه الأمة رغم ما تعانيه لا تخلو ممن يحافظ على مقوماتها، ومن يعرف حقيقة العراق والجزائر وعمان ولبنان وسورية في الوطن العربي الواحد يجب ألا يفقد الأمل إطلاقاً، فالتاريخ لا يصنعه الدولار وإنما يصنعه الرجال ومسرحية “الدولار البترولي” هي حلقة في نهاية سلسلة الربيع الأسود العربي التي بدأت تنفرط بفضل صمود الشعب السوري.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية