تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الوفاء لثورة آذار ... وقد كثر الناكرون!

مجتمع
السبت 9-3-2013
غانم محمد

عندما تفتّحت أعيننا على الحياة في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي وبداية سبعينياته لم تكن تفاصيل مستقبلنا تشغل بالنا كثيراً لسبب بسيط هو أن كل شيء كان على أحسنه،

فالمدرسة على بعد أمتار قليلة من منازلنا والمستوصف في حيينا والجمعية الفلاحية توفّر لأهالينا مستلزمات العمل في الأرض التي منحتنا إياها الدولة وغير ذلك من الأمور المرتبطة بتفاصيل حياتنا..‏

عندما بدأنا نكبر لم يلتفت البعض منّا لأهمية وقيمة ما نحن عليه من كرامة حياة ورغد عيش، بل على العكس كانت الشكوى تكبر مع بعضنا عن تقصير هنا أو هناك ويحضر الطمع غير المبرر في أكثر من مكان..‏

بلغنا مرحلة النضج الحقيقي من عمرنا فعرفنا الأمور على حقيقتها وعدنا بالذاكرة إلى الثامن من آذار عام 1963 فعرفنا أن ذلك التاريخ كان انقلاباً حقيقياً في حياتنا كسوريين أمطر علينا الكثير من الخيرات ولو كره البعض حالياً أن يقرأ مثل هذا الكلام حيث أصبحت موضة البعض هي التنكّر لعصر جميل انتقل بسورية من حال إلى حال بل والمفاخرة بهذا التنكّر..‏

لا يهمّ إن كنتَ بعثياً من حيث التنظيم والانتماء السياسي، لكن من المهم أن تفتح عينيك جيداً وأن تقرأ التاريخ دون تشويه لهذا التاريخ إلا إن كنتَ متعصباً لـ «أجندة» ما أجمل ما فيها نكران الجميل..‏

ثورة الثامن من آذار ومهما حاول البعض سابقاً جرفها عن مسارها، ومهما يحاول البعض الآن حذفها من الذاكرة ستبقى تلك النقلة التي وضعت جميع السوريين أمام حقيقة وجودهم ومنحتهم فرصة العيش الكريم ناعمين بخيرات بلدهم دون استغلال من أحد لأحد، والأهم من ذلك أنها لم تقف عند سقف معيّن فجاءت الحركة التصحيحة بعد سنوات قليلة من انطلاقة الثورة لتعيد هذه الثورة إلى مسارها بعد أن حاول بعض الرجعيين وأدها في مهدها..‏

ما نسمعه الآن من تنكّر البعض لثورة آذار ولحزب البعث العربي الاشتراكي فيه الكثير من الإهانة لنا كسوريين لأنه يعبث بتاريخنا وبعرق آبائنا وهذا الأمر يجب أن نتصدّى له جميعاً وإن كانت محاولات بعض القوىالسياسية الصاعدة حالياً لكسب نوع من الحضور جماهيرياً ترتكز وتستغل امتعاض البعض من بعض الممارسات الخاطئة والتي لا يخلو منها أي كيان سياسي أو اجتماعي فإن ذلك غير قابل للتعميم ولا نقبل أن تكون ذاكرتنا مثقوبة وننسف أربعين عاماً من قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع حتى بعد إلغاء المادة الثامنة من دستور الجمهورية العربية السورية فإن ذلك لا يلغي أن القاعدة الجماهيرية الأوسع والأرسخ هي لحزب البعث العربي الاشتراكي وأنه في علم السياسة يجب احترام الأكثرية أياً كان لونها إلى أن تتخلى هذه الأكثرية عن أكثريتها أو تفقدها بفعل تجاذبات القوى السياسية..‏

حزب البعث العربي الاشتراكي ومن باب إيمانه بأن سورية هي الرقم واحد في كل شيء فتح للقوى السياسية الصاعدة أو تلك التي كانت موجودة أبواب الدخول إلى الحياة العامة دون أن يعطي نفسه أي ميزة (مع أن أغلبيته البرلمانية تمنحه الحق في ذلك) هو الحزب الذي قاد ثورة العمال والفلاحين وبقي وفياً للشريحة الأكبر من شعبنا ومن الطبيعي أن يتعارض ذلك مع مصالح بعض المتنفذين، وسواء أكان حزب البعث هو الذي يقود الدولة أو أي حزب آخر يفعل هذا الأمر فلا يجوز أن نشطب التاريخ أو نجتزأ منه، فأوفى الأوفياء من لا يتنكّر لتاريخه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية