|
صفحة اولى وتطلعاته لنشر أفكاره الإخونجية المتطرفة في المنطقة، والقضاء على الجزء البسيط المتبقي من مدنية تركيا وعلمانيتها. بعدوانه على الشمال السوري، يوقع ذاك النظام الفصل النهائي من دوره في عمليتي آستنة وسوتشي، ويغلق الباب أمام دور بلاده كضامن في الجهود الساعية لحل الأزمة، كما يطلق الرصاصة الأخيرة على الثقة الممنوحة له من الشركاء، مؤكداً أن العدوان الذي يشنه ترجمة حقيقية لمطالب مشغليه الغربيين، ولاسيما أننا نشهد منذ بداية الحرب تبادلاً للمهام الموكلة للأتباع والأدوات الأميركية، في وقت لم تفده الأسماء الناعمة على الاعتداءات التي ينفذها على الأراضي السورية. أردوغان يريد من وراء ذلك، القضاء على العملية السياسية التي بدأنا نلمس نتائجها، وهو ما يؤكد أن أطماعه في سورية والمنطقة لم تنته، بل على العكس تتجدد، والعدوان ليس مجرد خوف على أمن مزعوم، لأن بلاده كان من الممكن أن تكون أكثر أمناً ونمواً، لولا صلفه وعنجهيته، وبالتالي ما يدعيه عن «ينابيع السلام» ضرب من المراوغة والكذب هدفه تضليل الرأي العام. لا أحد يصدق أن العاملين تحت الإمرة الأميركية، ورعاة الإرهاب الصاعدين، يستطيعون قص خيط من ثوب المخطط العدواني، دون إشارة من واشنطن، لأن الأخيرة يعنيها جداً إبقاء نيران الفوضى والصراعات متأججة في العالم، وخاصة أنها تشعل النار في مكان، وتسرق وتمارس لصوصيتها وخبثها في مكان آخر، وتحيّد الأنظار عن أفعالها القذرة، وتشغل عملائها بقضايا، وتستثمر في أخرى أهم وأبقى لها. ما كان لأهداف أميركا أو تركيا أن تتحقق، لولا ربط الميليشيات الانفصالية نفسها مع الخارج وارتهانها له، بعد أن ظنت فيه المنقذ الوحيد لها، وتوهمت أخطاراً على ذاتها. على أولئك ضرورة فك ارتباطهم بالولايات المتحدة، لأنها تستخدمهم جسراً للعبور نحو غاياتها وأهدافها، وعليهم التعاون مع الجيش العربي السوري، لأنه المخلص الوحيد للبلاد من الإرهاب الأميركي الصهيوني المنظم، عندها فقط لن تكون عملية ما يسمى «نبع السلام» التي أطلقها أردوغان، سوى حقنة ماء معكّرة آسنة وملأى بالأشنيات، ولن تزيد وجه الحالم التركي إلا كلاحة واغبراراً، ليبقى السؤال: إذا كان «سلامه» حرباً فكيف تكون الحرب إذاً؟! |
|