|
حديث الناس مرة جديدة يأخذنا الحديث باتجاه بردى الذي ما انفك الجميع يتباكى على وضعه المؤسف إلا أن شيئاً حتى الآن لم يتغير، ووضع النهر من سيئ إلى أسوأ، وبدل أن يكون كعهده رمزاً للجمال والخضرة بات مصدر تشويه بصري على طول مجرى النهر ولا سيما في الأحياء الواقعة في قلب العاصمة. ومنذ عام 2017 تصدت وزارة الإدارة المحلية والبيئة لحل مشكلة النهر قاطعة الوعود بأن كل مشكلات النهر ستصبح خلف ظهورنا من خلال مشروع لرفع الأذى عن سرير النهر العتيق بتكلفة قدرت بـ 14 مليار ليرة على أن يتم التنفيذ خلال عامين على الأكثر من خلال إنشاء محطتين للمعالجة، الأولى في جمرايا بتكلفة ٦.٥ مليارات ليرة والثانية عند معمل الإسمنت بدمر بتكلفة ٤ مليارات ليرة، وذلك لرفع كل خطوط الصرف الصحي الممتدة إلى محور النهر، إضافة لـ ١.٥ مليار ليرة لتنفيذ محور الصرف الصحي من عين الخضرة حتى محور المحطة بطول ٧٧٠٠ متر. الأيام مضت بسرعة، على حين بقي بردى يغرق في مياهه الآسنة ليتعطل الشريان الذي طالما اعتبر نسغ الحياة للعاصمة الأقدم في العالم وليتحول إلى شريان يخنق أنفاسها بعد أن كان متنفسها الأكبر. التعديات الصارخة على حرم النهر من قبل أصحاب المنشآت السياحية على وجه الخصوص لم تجد حتى الساعة من يوقف جموحها الذي يتخم النهر يومياً بشتى أنواع النفايات، كما أن مياه الصرف الصحي لمناطق المخالفات في قدسيا ودمر والربوة هي الأخرى لم يرفع منها سوى النذر اليسير ليصبح النهر مرتعاً خطيراً للأوبئة والحشرات وينذر بمشكلات بيئية جمة في المنظور القريب فيما لو بقيت عجلة معالجة مشكلات النهر على هذا النحو البائس. موضوع كهذا قد لا نفيه حقه في هذه السطور القليلة ويبقى الكلام عاجزاً عن توصيف المشكلة التي بالفعل باتت بحاجة إلى استراتيجية تنظيمية وبيئية تشارك فيها الجهات الأهلية والمعنية على جميع الصعد والمستويات وكل حسب قدرته، وليس حسب مزاجه أو وفق حصيلة مالية محددة بدقة رياضية عالية لمصالحه، فهذا النهر رمز لدمشق منذ الأزل وهو شريان حيوي يضفي عليها ألقاً خاصاً، ناهيك عن فوائد المياه التي ينقلها عبر شبكته المروحية خلال مواسم الخير، ولا نعتقد أن حل مشكلة تلوث بردى بالأمر المستحيل فيما لو توفرت النية الصادقة والإرادة القوية مع إدارة فاعلة ومخلصة ترد له بعضاً من صبوته. |
|