تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لماذا .. لن يتوقفوا عن مهاجمة روسيا ؟

عن موقع : Voltairenet
شؤون سياسية
الثلاثاء 31-12-2013
ترجمة: دلال ابراهيم

يكفي أن نتابع بالحدود الدنيا ما تقوله لنا كبريات وسائل الإعلام لكي نفهم أنه حتى ولو لم تعد سوفييتية ولا تطالب بديكتاتورية الطبقة العمالية فإن الدب الروسي يبقى دائماً شريراً وخطيراً مثلما كان زمن الاتحاد السوفييتي.

فهل هذا انعكاس لواقع أم صورة يحاولون ترسيخها في أذهاننا ؟ وفي هذا المقال يتناول الصحفي كارل مولر أسباب هذه الحملة ضد روسيا .‏

يدعي البعض أن الأوضاع الدولية قد هدأت في غضون الأشهر القليلة الماضية . فقد ابتعد شبح الحرب الأميركية وحلفائها على سورية , كما وتم التوقيع على الاتفاق بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد . فضلاً على ذلك , أصبحت الولايات المتحدة في هذه الأثناء وهي التي خاضت خلال ال 20 عاماً الماضية إلى جانب « الغرب « سلسلة من الحروب المخالفة لنصوص القانون الدولي ضعيفة بحيث لن تكون قادرة على قيادة حروب كبرى أخرى . نضيف إلى ذلك أن حلفاء الولايات المتحدة , وفي المقام الأول الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي وهم في غالبيتهم أعضاء في الاتحاد الأوروبي غير قادرين على الدخول في حروب من دون الولايات المتحدة .‏

ولا نغفل أن الولايات المتحدة قد غيرت وجهة عدوانيتها نحو دول المحيط الهادي وأن على دول الاتحاد الأوروبي لعب دور البديل للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا .‏

وتلعب العديد من التقارير الخاصة بالوضع المتوتر حالياً في منطقة آسيا بين اليابان والصين أدواراً متباينة . من جهة , يمكن أن تكون تلك التقارير عبارة عن حملة دعائية «بروباغندا» ضد الصين , ومن جهة أخرى يمكن أن تشكل نوعاً من الانذار لإثبات أهمية الوجود الأميركي في المحيط الهادي للأوروبيين . ولكن هدفهم النهائي , التحضير لحرب ضد الصين .‏

كانت الأمور تبدو خلال أعوام التسعينات تسير وفقاً لما هو مقرر لها مع الرئيس الروسي بوريس يلتسين . وقد غرقت روسيا تدريجياً في الفوضى , التي شملت كل نواحي الحياة في البلاد , حتى وجدت نفسها على حافة الإفلاس , سواء أكان على الصعيد السياسي والاقتصادي أم على الصعيد الاجتماعي . وفي كتابه « استراتيجية الصدمة .نشوء رأسمالية الكوارث» الصادر عام 2007 كشف الكاتب نعوم كلاين بتفاصيل دقيقة كيف تم السعي إلى إخضاع الاقتصاد الروسي بهدف إيصال البلاد إلى الحضيض , ولا سيما من أجل الاستيلاء على مواردها الأولية عبر وضع مستشارين أميركيين والنظريات الكاذبة حول فوائد الرأسمالية الجامحة التي تسيطر عليها المصالح المالية الأميركية .‏

وشكلت حرب الناتو ضد يوغسلافيا في عام 1999 نقطة تحول . فقد بات واضحاً بجلاء أن المفهوم الأميركي حول « النظام العالمي الجديد « قد ارتسمت خطوطه الاستعمارية والتي هدفها الامبريالية وإخضاع العالم « للقوة العالمية الوحيدة » .‏

وفي عام 2000 , ومع وصول رئيس جديد , سعت الحكومة الروسية إلى تغيير مسارها عبر التخفيف من القبضة الأميركية على اقتصادها وثرواتها , وكذلك على المجتمع وسياسة البلاد . وهو مشروع حساس وصعب بسبب العديد من المصاعب التي نشأت .‏

من جانبه , لم يكن الغرب حريصاً على مد يد العون إليها . بل على العكس من ذلك , باتت الوسائل المستخدمة لمحاولة كسر روسيا أقل وضوحاً وأكثر غدراً . ومن كان يجرأ على تحدي هذه المحاولات علناً عبر الدعوة إلى اتخاذ إجراءات مضادة . كما هو حال الحكومة الحالية منذ عدة سنين , كان يثير امتعاض الغرب . ولعبت كبريات وسائل الإعلام الغربية , أيضاً دوراً مثيراً للشكوك ضمن هذه الحملة ضد روسيا . وفي حين كانت سياسة الاتحاد الأوروبي , وبشكل خاص سياسة ألمانية تنزلق على مسارين متوازيين بسبب الضرورات الاقتصادية , مع محاولة الجمع بين الخطاب المعادي لروسيا والدفع باتجاه علاقات اقتصادية مزدهرة , إلا أن الوضع لم يكن كذلك مع وسائل الإعلام « فقدنا زمام الأمور « . إذ على عكس الوضع مع الصين , البلد الذي يتوددون إليه بسبب أدائه الاقتصادي العالي ( واتساع سوقه ) تسعى وسائل الإعلام إلى الكشف بشكل دائم ووحيد عن السلبيات في الشأن الروسي . وقد بلغت هذه الحملة من الكثافة بحيث أن المتلقي غير المطلع لا يمكن إلا أن يفكر سلباً بهذا البلد . الجوانب السلبية تغطي كل مناحي الحياة والهدف هو إعادة معظم الأحكام المسبقة القديمة ضد روسيا . وهذا على الرغم من العمل المتواصل مع الحكومة الروسية , والتي واصلت منذ 13 عاماً لغاية الآن طرح التعاون مع كافة الدول ولمصلحة جميع الأفرقاء .‏

وليس حباً بالشعب الأوكراني , وإنما لأغراض جيوسياسية يحاول الاتحاد الأوروبي منذ عدة سنوات إبعاد أوكرانيا عن روسيا وتقريبها من الاتحاد الأوروبي نفسه . نعرف الآن أن « الثورة البرتقالية « في عام 2004 كانت , في الواقع عبارة عن عملية متفق على تسميتها اليوم « القوة الذكية « وهي عملية تجري بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي وضد روسيا . ولم يحالف هذه المحاولات النجاح , وفي الوقت الحالي لم تؤد مشاريع الاتحاد إلى الأهداف المنشودة , ولذلك وكما كان متوقعاً , يسارعون إلى إخفاء هذا الفشل الجديد من خلال الزعم أن موسكو تعمل على تهديد وابتزاز موسكو .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية