|
ثقافة
كلُّ عامٍ, والقلقُ والخوفُ والنزيف وسوى ذلك مما نعيشهُ من موتٍ رجيم, آيلٌ إلى اندحارٍ, بعيداً عن حياتنا وما أحاطَ بها من وباءاتٍ نزفتنا دون أن تنزفَ ما في وجداننا من عشقٍ لسورية.. كلُّ عامٍ, ولحظاتُ احتفالاتنا تقلِّبُ الوقتَ الذي لا يتنكَّر بأرديةِ التمنّي التي تهيمنُ عليها تواقيتٌ, باتت غيرَ مستكينةِ العلّة, وبأوصالٍ مقطَّعةِ العافية, ومبعثرةٍ فوق صهيلِ جراحِ الأجسادِ المضمَّخة بتواريخٍ دموية. كلُّ عامٍ, والشمسُ دافئةُ الهوى, وبأشعةٍ تُطلقها على شعبنا المُتماهي في أمنهِ وسلامهِ وأمانهِ, رغمَ تسلُّطِ الأزماتِ الحادَّة وصانعيها ممن خذلوا بإجرامهم, كل عقيدةٍ أخلاقية. كلُّ عامٍ, وأرضُنا مواسم فرحٍ ترقصُ على قاماتِ الحزنِ الفارهة وجوماً, هو وجوم يقظةِ ما بعد الفجيعة التي تبشِّرُ بزوالِ ربيعِ الثورات.. ثوراتُ الضلالِ والقتلِ التي أسقطتْ إلا حقيقةَ كونها, فوضى تاهَ في عواقبها, كلُّ من انجرَّ وراءَ ما أحالهُ إلى ساطورِ إرهابٍ في عقيدته وهيئتهِ واقترافاته البهيمية. كلُّ عامٍ, وقلوبُنا سليمةٌ من العطب, وحكيمةٌ في قدرتها على حجبِ هوسِ العقولِ باللامعقولِ, المتسكّع في شهوة الدمِ الناشطِ في مجالِ الفجائعِ التي استشاطَ غضباً أمام ويلِها, شعبٌ أبى إلا الانفصالَ عن أعرابِ الدسائسِ الغُرابية. كلُّ عامٍ وجراحُنا, ذاكرةُ حياةٍ تصلّي الحبّ والغفران والرحمة, ولكلِّ من رتَّلت ندوبهُ أو الأعضاءُ التي فقدها دفاعاً عن شرفِ وجوده. رتَّلت آياتِ الحبِّ لوطنٍ, لا يعرفُ الحبَّ سبيلاً إلى إشراقهِ, إلا عبرَ شرفاتهِ النضالية.. كلُّ عامٍ, والشهداءُ وجدانُنا وإيمانُنا.. نبضُ الحقِّ المعرَّف بأرواحهم.. أرواحنا.. نورُ الحياةِ والشرفِ والكرامةِ والكبرياء الذي لا نرضى إلا أن نتباهى به, وإلى أن ينطقَ كل فجرٍ: سبحانَ الدمِّ الذي أحيا الوطن, بزمرةِ عشقنا السورية. |
|