تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


على الصعد كافة... الوطن فـوق كلّ شيء!

شباب
الأحد 3-3-2013
 غــانــم مــحــمــد

فرضت الأزمة التي تكاد تكمل عامها الثاني الكثير من المتغيرات على تفكير شبابنا وعلى سلوكياتهم ومن السهل التعرّف على هذه المتغيّرات من خلال النظر ولو سريعاً إلى ثلاثة أمور هي الأكثر رواجاً بين معظم الشباب هذه الأيام ونعني النكتة والشائعة والأغنية..

فالنكتة تحضر في أحيان كثيرة في أوساط الشباب على وجه الخصوص لتعبّر عن حالة عاطفية قد يكون من الصعب التعبير عنها بشكل مباشر فتختصر هذه النكتة حالة ثقافية معينة موجودة أصلاً أو تخلق حالة ثقافية جديدة تنمو جنباً إلى جنب مع هذه النكتة ولا تبتعد الشائعات عن النكتة بل تعيش إلى جوارها وخاصة في أثناء الأحداث الكبيرة التي تباغت المرء أو تلك التي لم نكن نتصوّرها..‏

أما الأغنية «الجديدة أو المسكوبة في قالب أغنية سابقة» فهي الأكثر قدرة على التعبير، وهي الأسهل تداولاً والأسرع وصولاً..‏

سنتان على الأزمة في سورية، وعلى الرغم من الجدّية الواضحة لدى شبابنا بالتعامل مع مفردات هذه الأزمة ومع عناوين التحديات المنتظرة منهم، لم تغب النكتة عن التعاطي مع بعض جوانب الأزمة سلباً وإيجاباً..‏

مع تصاعد أزمة المازوت في الفترة الماضية اتجهت أحاديث بعض الشباب إلى أن المازوت أصبح يُعطى على شكل حقنات بمعدل حقنة واحدة كلّ أسبوع، وأثناء تفاقم أزمة الغاز راحوا يصورون أسطوانة الغاز على شكل عروس في يوم زفافها، ومع كثرة انقطاعات التيار الكهربائي أصبح البعض يعلن تضايقه من الكهرباء عندما تأتي بحجة أنه لم يعد معتاداً عليها وكل ذلك بأسلوب النكتة وبحدة لسعاتها وبالوقت ذاته بجزالتها وخفة دمها، وانتقلت هذه التندرات عبر الموبايل بين الشباب وكأن من ينقل نكتة حديثة العهد يفتح فتحاً مبيناً.‏

على المقلب الآخر فإن الحضور الأكبر كان للشائعات التي تنتشر كانتشار النار في الهشيم وقد كان يؤلمنا أن يستسلم بعض شبابنا لهذه الشائعات فينقلونها ويزيدون عليها الأمر الذي كان يخلق حالة من القلق في أوساطهم ويصرف تركيزهم عن المعلومة الصحيحة، فما إن يعلن عن اختطاف أحد المعارف حتى تكثر الحكايا حوله، وما أن يصل الحديث إلى نقطة معينة أو إلى حدث بحد ذاته حتى يستحضر كل واحد خياله ويدّعي العلم بكل شيء ومع انتقال الحديث من شخص لآخر يزاد عليه ويُحرَّف مضمونه و...‏

أما الأغنية وكما أسلفنا فهي قادرة على استيعاب قصة كاملة وشرح مواقف متعددة وتأثيرها كبير جداً لأنها تجري على اللسان بيسر وسهولة..‏

كثير من الأغنيات الوطنية التي حضرت في السنتين الماضيتين أغلبها يحضّ على الوحدة الوطنية وعلى العيش المشترك وعلى الثوابت الوطنية والأخلاقية وبعضها تناول حالات خاصة جداً، كما تمّ تجديد الكثير من الأغاني الوطنية القديمة والتي تستنهض كل ما هو جميل في تكويننا كسوريين عشنا مع بعضنا آلاف السنين من الحضارة ولم نسمح في يوم من الأيام لأي عنصر غريب بالتفريق بيننا...‏

أغنيات كثيرة تصدّت لما حاولت المؤامرة فرضه من فرقة طائفية فتنبّه الجميع لهذه المسألة منذ اليوم الأول والرسالة التي تطير على جناح أغنية لمطرب محبوب تصل بسرعة مثل أغنية الفنان الكبير علي الديك: «... تهنّا يا شعبي تهنّا.. بمحبة وطنّا.. إنجيل يعانق قرآن... طائفية ما عنّا».‏

ومجدّت الأغنيات الخارجة من رحم الأزمة جيشنا العربي السوري الباسل الذي تحمّل العبء الأكبر في هذه الأحداث وكان بحقّ بوصلة الحسم والتصدّي ومنها ما غنّاه ريبال الهادي: « رشّو الورد ورشّو الرز.. طلّ علينا جيش العزّ.. هادا الجيش العربي السوري.. جبل شامخ ما بينهزّ..».‏

ووقفت أغنيات المرحلة بخشوع وتقدير أمام الشهادة والشهداء ومنها ما صدح به الفنان ربيع الأسمر: « قلب الوطن موجوع وعيونو عم تدمع.. صوت الوطن مرفوع يصرخ ما راح نركع..أم عم تنادي لبيكِ أرض بلادي.. لبّوا الوطن يا ولادي.. دم الشهيد غالي».‏

وصرخت الأغنيات بموقف يعبّر عن خيارات الشعب ويدافع عن قراره الوطني متمثلاً بالسيد الرئيس بشار الأسد ومنها ما غنّاه رامي كزعور».. الشعب السوري بالساحات.. للمجد بيرفع رايات.. عم يهتف بتلات كلمات.. الله وسورية وبشار... ونحنا رجالك يا بشار..».‏

هي مفردات شبابية بالدرجة الأولى وكما أسلفنا فهي تعبّر عن حالة ثقافية وقد تدخل على خط هذه الحالة تأثيراً وتأثراً..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية