تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لماذا يريدون تدمير سورية؟

الأحد 3-3-2013
سلوى خليل الأمين

ها نحن ندخل شهر آذار وسورية على فوهة البركان، فالحرب الكونية المدمرة التي أرادتها الولايات المتحدة الأميركية إرضاء لحليفتها إسرائيل، وتماشياً مع مصالحها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط ،التي أرادها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الإبن،

جديدة في إداراتها الحاكمة، المحكومة بمعايير أميركية الصنع، ما زالت فصولها وشرورها حتى تاريخه تتفاقم صعدا ، والهدف المنشود رؤى مستجدة الطموح والغايات، تدمر بنيان المنطقة العربية برمتها، وتقسمها إلى دويلات عرقية وقبائلية وعشائرية ومذهبية ، تتناوشها الفوضى الخلاقة، التي رسمت أطرها في دهاليز السلطة الأميركية والصهيونية العالمية، التي يتم تنفيذها بأيدٍ عربية ومال خليجي عربي، ومن ثمّ العمل من خلال هذا المخطط الجهنمي على تغيير الديموغرافيا السكانية، فيصبح أهل الأمة الواحدة شعوباً وقبائلَ متناحرة ، إلى أن تقوم الساعة.‏

ما يحدث في سورية منذ عامين صورة واضحة عن هذا المخطط الشرير، الذي من أولى مهامه إطالة الحرب المدمرة بشرياً ومادياً، حتى يتم القضاء نهائيا على ما يسمى الجمهورية العربية السورية، لأنها الدولة العربية الوحيدة الباقية في حالة الدفاع عن القضية الفلسطينية، والمطالبة بالحق المغتصب للشعب الفلسطيني، والواقفة بالمرصاد لكل المؤامرات الآيلة إلى القضاء على المقاومة ضد إسرائيل. لهذا نجد أنّ كل من يقف ضد النظام والشعب في سورية، من الولايات المتحدة الأميركية، إلى فرنسا وألمانيا وإيطاليا وتركيا وقطر والسعودية وبعض الدول العربية، الذين يمدون العصابات الإرهابية بالمال والسلاح، إنما يفعلون ذلك بهدف إنهاك الجيش العربي السوري في حرب داخلية مدمرة ، أضف إليها إنهاك تلك العصابات التي صدروها إلى سورية كي يتم القضاء عليها نهائيا ، دون أي اعتبار لأمن وأمان الشعب السوري وحقوقه الإنسانية ، وما الادعاء بالحرص عليه كشعب حر وعلى سورية كبلد مستقل، وعضو فاعل ومعترف به في المنظمات الدولية والعربية، سوى حكاية مبطنة بالشر المستطير، حيث ما هو واضح من تحركاتهم العملانية وتطلعاتهم المبيّتة، يوحي بعكس ما هو معلن لجهة إطلاق الحل السلمي. إذ إنّ إنهاء هذه الحرب اللعينة والخبيثة ، والجنوح إلى السلم والامان، ليس بالصعوبة التي يشار إليها في المؤتمرات الحاصلة في روما واسطمبول والدوحة وباريس وأروقة الجامعة العربية، بل بكلمة فصل من الراعي الأول والأكبر لهذه الحرب الكونية على سورية، عنيت الولايات المتحدة الأميركية، التي باستطاعتها الوقوف بالمرصاد لحلفائها العرب والأتراك، الذين ينفذون خططها من أعمال تسليح، وإمداد مالي، وفتح معابر، تعطل إرساء أسس الحل السلمي الذي أعلنوه مؤخرا، بناء على مقررات مؤتمر جنيف، وانطلاقا من المبادرة التي ترعاها منذ البدء روسيابالتوافق مع الصين وإيران، والتي أعلنها الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير في 6 كانون الثاني الماضي.‏

أضف إلى هذا ما أتحفنا به وزير الخارجية الأميركي جون كيري أيضا، في مؤتمر روما، وخلال جولته الشرق اوسطية، من تصريحات لا تمت إلى الحقيقة والاستقلالية والحيادية المطلوبة بأي صلة ، بل تشير إلى التضامن الكامل مع المتشددين والعصابات الإرهابية، حيث أتى إعـــــلانه عن تقديم مساعدة بـ60 مليون دولار أميركي ، من أجل دعم الجهود القتالية للعصابات الإرهابية تحت شعار المساعدات الغذائية والطبية والإنسانية، ودعم صمود إئتلاف المعارضة السورية القابعة في فنادق الخمسة نجوم ليبشر أن لا حلّ قريباً، ينهي نزيف الدم السوري.‏

بعد كل ما سمعناه،على العرب المتحالفين مع الشيطان الأكبر أن يعلموا، أن حماية إسرائيل ما زالت في المقام الأول في أجندة السياسة الأميركية، والتفكير عكس ذلك ضرب من الجنون، لأن الاستراتيجية الأميركية لا تتبدل او تتغير إكراماً لحاكم خليجي أو سلجوقي، إذ إن مصالحهم تأتي في المقام الأول، وهذا ما بدا واضحا في مؤتمر روما، وما برره الوزير جون كيري بقوله: "نحتاج للوقوف في هذه المعركة إلى جانب أولئك الذين يريدون أن يروا سوريا تبزغ من جديد على طريق الديموقراطية وحقوق الإنسان"، لكنه نسي أو تجاهل عن قصد، أن الديموقراطية الأميركية التي تم تسويقها في الشارع المصري والليبي والتونسي لم تؤتِ ثمارها لتاريخه، بل (زادت الطين بلة)، كما يقال في الأمثال الشعبية، وها هي مصر وليبيا وتونس تمر بمراحل أشد ظلامية واستبداداً وقهراً، مما عانته في ظل الحكام السابقين، مما يؤكد أن مضامين وشعارات الديموقراطيات المستوردة لا تتماشى حكماً مع خصوصيات الشعوب المختلفة في مواضعها الجيوسياسية، وما هي سوى ستار فولاذي خادع، يزوّر إرادة الشعوب، خصوصا في عالمنا العربي.‏

ما هو المطلوب بعد عامين على الحرب التدميرية في سورية ؟ ما هو المطلوب بعد هذا الصمود من الشعب والجيش والقيادة، الذين أثبتوا تمسكهم بعروبة سورية، ومسارها القومي الجهادي؟ وهل بدء التوافق العالمي الأميركي الروسي من أجل الحوار والحل السلمي في سورية من الأمور العسيرة النتائج؟ مع العلم أن من يريد حقن الدماء في سورية، أولا ممن يدعم العصابات التكفيرية الإرهابية التي تعيث فسادا وخرابا ، وثانيا ممن يؤيد وحدة سورية وحرية شعبها في اختيار نظامه وقائده وأسلوب عيشه، لا يلزمهما كل هذا الوقت الطويل لاكتشاف النواياوالقواسم المشتركة، للقيام بعملية تقويم الأوضاع بين خاسر ورابح ،من أجل وضع آليات الحوار لتخفيف الخطر التدميري عن سورية وشعبها الذي يدعون الحرص عليه. ثم هل إن إطالة الحرب أمر ضروري من أجل تقسيم سورية كما العراق إلى مناطق نفوذ عرقية ومذهبية، تنسحب لاحقا على دول الخليج النفطية، كما الفتنة التي تذر رمادها الآن في لبنان، والتي تغذيها الفئات الضالة المنغمسة منذ زمن في وحول المؤامرة الأميركية الصهيونية؟‏

السؤال كبير وخطير لأن التفكير في القضاء على سورية صعب وشاق... لأن حالة الصمود السوري تبقى الأمل المنتظر لاستنهاض قوة هذه الأمة العربية من جديد، فسورية هي القابضة اليوم على أوراق اللعبة العالمية الخطرة،وهي العالمة بالنيات المبطنة، وهي المتفاعلة مع كل الحلول السلمية الآيلة إلى وقف نزيف الدم السوري، ومع كل هذا يبغون إطالة الأزمة، لكنهم يجهلون ما ينتظرهم في المستقبل القريب، حيث من خلال مؤامراتهم الدموية والتقسيمية المبيتة لسورية والمقاومة والمنطقة العربية،ستجعلهم يحكمون على أنفسهم بالإعدام، لأن مقاربة الوضع السوري كما يشتهون ويخططون، ليس بالسهولة التي يحلمون ، فالخطر القائم من مواجهة عالمية في المنطقة، لها حساباتها في روزنامة الرئيس أوباما، حيث إن شرارات الحرب فيما لو حدثت ، ستتفاعل صعدا في المنطقة الممتدة من تركيا إلى إيران حتى دول الخليج وإسرائيل ولبنان والعراق، وساعتئذ لن تبقي ولن تذر، لأن مخططهم الآيل إلى تدمير سورية سيكون مساره الفشل الذريع والمدمر للمنطقة بكاملها، ولات ساعة مندم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية