|
جيروزاليم بوست إذ يلاحظ بأنه لم يمض سوى يوم واحد على سماعنا لتصريحه الذي قال به بأنه على الرئيس السوري بشار الأسد أن يفعل كذا وكذا نظرا لما يتعرض له من تمرد في الداخل مع بقاء نظامه مستمراً في تولي السلطة في البلاد حتى خرج علينا الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مؤكدا ضرورة تنحي النظام في سورية برمته. وفي مقابلة أجرتها شبكة سي إن إن في واشنطن طالب باراك اتخاذ عمل عسكري صارم ضد إيران للحؤول دون حصولها على السلاح النووي في الوقت الذي تعبر به إدارة أوباما عن رغبتها بالتوصل إلى حل سياسي لتلك المعضلة. كما ويعتقد الكثير بأن ثمة خلاف بين باراك وكبار القادة في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ذلك الأمر الذي عبر عنه بالتفصيل المحلل السياسي روفين بيداتسور في مقال نشره في صحيفة هآرتس اليومية عندما قال بأن «نيات باراك تهدف إلى شن هجوم قانوني ضد أولئك الضباط» منوها إلى أن «استمراره في الحكومة الائتلافية التي يرأسها نتنياهو أمر يصعب إيجاد تفسير له». ولقد استمر الإبقاء على واحدة من أهم الحقائب الوزارية، وهي وزارة الدفاع، في عهدة باراك على الرغم من عدم وجود كتلة برلمانية تتيح له ذلك بعد أن أصبح يعتمد على حزب جديد (شكله عقب الإطاحة به من رئاسة حزب العمل) اسمه اتزموت أو «حزب الاستقلال»، ذلك الحزب الذي لم يفز سوى بـ 5 مقاعد فقط من أصل 120 مقعداً في الكنيست. من الأمور الداعية للاستغراب والاستهجان أن نرى باراك قد توسعت مساحة عمله لتشمل أعمالاً منوطة بوزارة الخارجية خاصة عند قيامه برحلات متكررة إلى الخارج حيث نجده يقحم نفسه في قضايا دبلوماسية دون أن يبقى دوره مقتصراً على مناقشة قضايا تتعلق بالأمن والدفاع الوطني، ونجد التبرير لهذا الأمر بكونه يشغل صفة نائب رئيس الوزراء إضافة إلى حقيبة وزارة الدفاع. وإزاء ما تقدم لا يستطيع المرء إلا أن يستغرب تلك الرابطة الوثيقة التي تربطه بنتنياهو والتي قد تكون أحد أهم أسبابها كونهما شغلا موقعاً هاماً في وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لجيش الدفاع الاسرائيلي وكان لكل منهما دور رئيس في تلك الوحدة التي استطاعت القبض على الخاطفين الذين استولوا على الطائرة سابينا البلجيكية بعد هبوطها في مطار بن غوريون الدولي بتاريخ 9 أيار 1972. أما على الصعيد الشخصي ثمة لغط وتساؤلات يطرحها الكثير عن مصادر الثروة التي يحوز عليها إيهود باراك ففي غضون أقل من عام من انتهاء توليه منصب قائد الجيش الإسرائيلي أصبح من أصحاب الأموال الذين يشار إليهم بالبنان دون أن يحاول الصحفيون أو وسائل الإعلام الإسرائيلية التحقيق أو التقصي لمعرفة الرابط بين الثراء المفاجئ الذي حظي به باراك وعلاقاته مع المجمع الصناعي العسكري الأميركي. وثمة تساؤل عن الأسباب التي تدعو إلى إسباغ تلك الأهمية على باراك واعتباره أحد صناع السياسة على الرغم من أنه لا يمتلك أو يدعم أي إيديولوجية سياسية واضحة سواء أكانت على غرار القومية العرقية لحزب الليكود أو الديمقراطية الاجتماعية لحزب العمل. وأن ثمة عدداً من الوزراء الحاليين لديهم القدرة والإمكانيات التي تتيح لهم الاضطلاع بدور باراك في وزارة الدفاع. وفي الواقع فقد آن الوقت لإجراء التغيير خاصة بعد التوترات التي جرت بينه وبين جنرالات كان من المفترض أن يتعاونوا جميعاً ويعملوا طوعاً تحت قيادته. وخير مثال على ذلك ما أشار إليه بيداتسور من عدم رضا باراك عن رئيس هيئة الأركان السابق الجنرال غابي اشكنازي الذي لو أُعلن عما يدور بينهما فربما سيقود ذلك إلى المزيد من الشكوك بين صفوف الشعب، وذلك أمر غير صحي لا سيما إن تسربت ردود الأفعال على باراك من جانب اشكنازي الأمر الذي يمكن أن يقوض ثقة الجمهور بمؤسسة الدفاع العسكرية وينعكس سلبا على المعايير الوطنية. وفي هذا السياق، هناك طريقة واحدة لتجنب الوصول إلى مثل تلك النتيجة ألا وهي تنحي باراك عن الوزارة الأمر الذي يمكّن من سير الأمور نحو الأفضل. لكن على ما يبدو أن رئيس مجلس الوزراء يرغب بإبقاء باراك على رأس وزارة الدفاع لمدة غير محدودة إذ لو لم تتوفر لديه تلك النية لعمد إلى اختيار خلف له بعد تلك الضجة السياسية المثارة بحقه. كما أن القول بأن تمديد الإبقاء على باراك في الوزارة قد جاء بناء على رغبة من الليكود ليس في واقعه إلا أمر مثير للسخرية، لأن باراك الذي جاء من حركة الكيبوتز ثم تخلى عن الفكر الاشتراكي لن يكون مناضلاً قومياً، يضاف إلى ذلك كون مدته في الحكومة قد طالت بما فيه الكفاية، وفي الحال التي يعود بها إلى الحياة المدنية فإن الانتقال إليها سيكون سهلا عليه بعد أن أصبح من أصحاب الأموال الطائلة. ما يجدر ذكره بأن شعار الحملة الذي رفعه عندما رشح نفسه لمنصب رئاسة الوزراء باعتباره مرشحا عن حزب العمل في عام 1999 كان «نحن هنا، وهم هناك» في إشارة منه إلى قيام دولتين لشعبين واحدة يهودية والثانية عربية. لكن يبدو أنه قد تجاوز تلك الفكرة التي أصبحت طي النسيان السياسي على الرغم من الادعاء بتأييدها. بقلم: جاي بوسنسكي |
|