تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قلعة ميرزا... تمتلك معالم أثرية وتاريخية بارزة... موقع استراتيجي ..يطل على سهل الغاب

في سورية
الأحد 3-6-2012
اشراف :براء الأحمد

واحدة من القلاع التاريخية القديمة المميزة والفريدة تتربع على إحدى القمم الجبلية شديدة الانحدار تطل على شمال سهل الغاب مباشرة، ,وهي من الشواهد الحية على عظمة هذا البلد،وعلى تنوع الحضارات البشرية التي مرت وتعاقبت عليه منذ فجر التاريخ , تمتلك نسيجاً معمارياً قديماً وهي بأمس الحاجة اليوم إلى القيام بجهود ترميمية تعيد إليها نبض الحياة .

موقعها‏

تقع القلعة شمال غرب ناحية جورين التابعة لمحافظة حماة، تبعد حوالي 18 كم إلى الشمال الغربي من بلدة (شطحة )الواقعة في سهل الغاب ,تبلغ مساحتها حوالي 40 دونماً.‏

بنيت القلعة في عهد البيزنطيين، وهي محاطة بسور طويل من جميع جهاتها، تتوزع عليه مجموعة من أبراج المراقبة عددها 12 برجاً ذات أشكال مربعة ومستطيلة.‏

استولى الصليبيون عليها ، ومن ثم قام بتحريرها الناصر صلاح الدين الأيوبي في العام 1188م، وبعد ذلك أضاف عليها العرب مجموعة تحصينات وأبنية جديدة.‏

ذكرها ابن الأثير‏

ذُكرت القلعة في كتاب (الكامل في التاريخ ) (الجزء السابع) لابن الأثير، الذي تحدث عن فتحها على يد الناصر صلاح الدين تحت عنوان ( فتح برزية) ....( هذه القلعة لا يمكن أن تُقاتَل من جهة الشمال والجنوب البتة، لأنه لا يقدر أحد أن يصعد جبلها من هاتين الجهتين، وأما الجانب الشرقي فيمكن الصعود منه لكن لغير مقاتل لعلوه وصعوبته، وأما جهة الغرب فإن الوادي المطبق بجبلها قد ارتفع هناك ارتفاعًا كثيرًا حتى قارب القلعة بحيث يصل منه حجر المنجنيق والسهام.. فنزله المسلمون ونصبوا عليه المجانيق....الخ) .‏

تطورها التاريخي‏

المصادر التي تذكر قلعة ميرزا أو ( برزية ) هي مصادر نادرة والتي تتحدث عن تاريخها أقل ندرة ، ولكن من خلال مخططها المعماري يمكن الحديث عن تطورها التاريخي بشكل عام عبر المراحل التي مر بها وطننا .‏

يتضح من خلال وجود القلعة البيزنطية وبقايا الكنيسة الصغيرة أن هذه القلعة بنيت في فترة الاجتياح البيزنطي في نهاية القرن العاشر الميلادي وبداية القرن الأحد عشر حيث أعطاها البيزنطيون شكلها العام والذي يشبه المثلث .‏

والعمارة الأيوبية واضحة المعالم في أبراج هذه القلعة حيث تم توسيع هذه القلعة وتغيير بعض من عناصرها الإنشائية وإعادة توظيفها بشكل يتناسب مع العمارة العسكرية العربية في تلك الفترة وهذا ما نراه في المدخل .‏

كما يستدل على وجود عدد من المنشآت التي بنيت في الفترة المملوكية في الأبراج الجنوبية وإن دل ذلك على شيء فإنه يدل على أن هذه القلعة كانت تمثل موقعاً استراتيجياً مهماً يطل على الغاب ويربط بين مدن الشمال ومدن الوسط والجنوب على الطريق المساير للجبال من الداخل لذلك كانت الفخامة والضخامة في عمارتها واضحة وبادية للعيان .‏

الوصف المعماري‏

للقلعة شكل شبه منحرف قاعدته الكبرى من الغرب بعرض 175 م والصغرى من الشرق بعرض 50 م وارتفاعه من الشرق إلى الغرب بطول 275 م . وتتألف القلعة من قلعتين داخلية عليا وخارجية سفلى وأسوار تدعمها الأبراج من كل الجهات ، ويحيط بها من الجهة الشمالية والشرقية واد ذو انحدار جديد مما يؤمن حماية ممتازة من الاقتحام من هذه الجهات . أما من الغرب فإن الوادي أقل انخفاضاً ويسهل تسلقه لذلك تم تدعيمه بالأبراج كما حال الجهة الشمالية .‏

وباب القلعة الخارجي هو قنطرة عالية والأسوار الخارجية بنيت من الحجر الكلسي الأبيض أما المسافة بين القلعة الداخلية والأسوار الخارجية من الشرق ففيها عدد كبير من خزانات المياه التي تختلف بحجمها وتتفق بكونها محفورة في الصخر.‏

المدخل‏

يقع المدخل من الجهة الغربية وهي أضعف نقطة في طبيعة الجبل الحامل للقلعة إذ يمكن الوصول إليها بشكل أسهل من سواها حيث يمر الداخل بين البرجين ( 1- 2 ) ثم ينعطف يميناً ليدخل القلعة عبر البرج رقم ( 2 ) ويبدو أن هذا المدخل قد تم تغييره وتبديله وإجراء تعديلات عليه عند إجراء ترميمات على هذه القلعة . وباب القلعة الخارجي هــــو قنطرة عالية تحتوي تحتها بابا ذا حجارة ضخمة يــــــوحي بالمناعة والقوة .‏

الأسوار الخارجية‏

وقد بنيت من الحجر الكلسي الأبيض المتوفر في هذه الجبال وهي تساير الوديان من الأعلى وتقوم على الحافة السفلى للقاعدة الصخرية للجبل حيث تكون هذه الأسوار ضخمة وذات حجارة كبيرة ومشغولة بشكل جيد من الجهة الغربية والجنوبية وقليلة السماكة من الجهة الشمالية وذلك حسب إمكانية الاقتحام من كل اتجاه. وقد زودت هذه الأسوار بين البرجين ( 2 و 3 ) بمجموعة من مرامي السهام ( 4 مرامي ) تحمي الجهة الغربية لزيادة إمكانيات الدفاع بين هذه الأبراج .‏

الأبراج‏

هناك نوعان من الأبراج : أبراج خارجية ترتبط مع الأسوار وأبراج داخلية ترتبط مع بنيان القلعة الداخلية.‏

الأبراج الخارجية : هي أبراج ضخمة تحمي الأسوار من الغرب ,وبرجان صغيران تم استخدامهما في بناء الأسوار الخارجية ,والأبراج ( 6- 7- 8 ) والتي تحمي الجهة الجنوبية . أما من الشرق فيقوم برج ضخم ( 11 ) وهو برج مراقبة يطل على سهل الغاب ويؤمن زاوية رؤية ممتازة حيث لا توجد فيه مرامي سهام . أما الأبراج من الجهة الشمالية فهي أبراج صغيرة ترتبط بالسور القليل الثخانة لقلة الحاجة لحماية هذه الجهة بسبب وعورة المنحدر والاكتفاء بدور المراقبة .‏

الأبراج الداخلية : تشكل القلعة الداخلية وهي أبراج ضخمة ذات بنيان قوي من الحجر الضخم والمشغول والذي تقوم أساساته على القاعدة الصخرية المتينة التي تم حفرها لزيادة الارتفاع في أكثر الأحيان .‏

القلعة الداخلية‏

وهي الجزء الشمالي الغربي من القلعة وتحيط بها الأسوار والأبراج الداخلية من الجنوب حيث تتألف من مستويين ,المستوى الأدنى ويحوي عدداً ضخماً من خزانات المياه المحفورة بالصخرة والمزودة بسقف نعلي لتغطيتها والقسم الأعلى والذي نحتت حوافه في الصخر بشكل قائم ولعلو كبير ويشكل القلعة البيزنطية من القرن العاشر الميلادي حيث يبدو أن هذه القلعة القليعة كانت تشمل الأبراج ( 15 – 16 – 17 ) تربطها أسوار ضخمة وتحوي خزان مياه ضخم من الطرف الغربي وعدداً من المنشآت كالغرف والمساكن . أما المسافة التي تقع بين القلعة الداخلية والأسوار الخارجية من الشرق ففيها عدد كبير من خزانات المياه التي تختلف بحجمها وتتفق بكونها محفورة في الصخر ومزودة بسقف نعلي .‏

معالم أثرية وتاريخية‏

مع أنها ذات معالم أثرية وتاريخية بارزة وواضحة للعيان وغاية في الروعة والجمال و تمتلك نسيجاً معمارياً قديماً,إلا إن هذه القلعة بأمس الحاجة اليوم إلى القيام بجهود ترميمية تعيد إليها نبض الحياة، من خلال إبرازها وتظهيرها إلى الواجهة الاستثمارية السياحية ,لاسيما أنها تتعرض لانهيارات طبيعية وتعديات مختلفة,ولكن يمكن ترميمها والاهتمام بها و استثمارها وتوظيفها في خدمة الحاضر والمستقبل حسب رأي الكثير ممن زارها .‏

الوصول إليها‏

تقع القلعة ضمن أملاك الدولة ولا يوجد أي طريق سهل للوصول إليها إلا عن طريق تسلّق الجبل والمسافة طويلة .‏

baraaalahmad@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية