|
معاً على الطريق وبلوغ حالة غير موصوفة في تاريخ الاجرام في المنطقة، وارتكاب مجزرة الحولة وما رافقها من اتهامات وتصعيد دولي وطرد للسفراء والدبلوماسيين، واستمرار في زيادة الضغوط الدبلوماسية عبر مؤسسات الامم المتحدة والمنظمات الدولية والاقليمية الخاضعة لسيطرة القوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأميركية.. وأي فعل وتأثير وقيادة للرأي العام أسهم فيه المثقفون وعلماء النفس والاجتماع في توضيح المعاني العميقة لانفجار احداث العنف والإرهاب في سورية بعد أن كانت الدولة التي تحتل موقع المقدمة والصدارة في التصنيف العالمي للأمن والأمان، الأمر الذي جعل منها واحداً من أبرز مقاصد السائحين والزوار في العالم. وهل ارتقت كتابات المثقفين وأعمالهم الإبداعية في ميادين الرواية والقصة والانتاج الدرامي الى المستوى الذي يمكن معه ان تميل الازمة باتجاه الحل او التخفيف من حدتها في اسوأ الاحوال. وكيف تبدو حدود الفصل بين المثقف والسياسي؟ – بعداً أو قرباً – وهل ثمة تفاعل بين الطرفين يمكن أن يفضي إلى إسهام حقيقي في إيصال صورة ومضمون وعمق ومعاني الازمة واحداثها الى وجدان المواطنين في جميع المحافظات؟، وخاصة للفئة الحاضنة لبعض مظاهر العنف او اولئك الذين ما زالوا واقعين تحت تأثير عامل الخوف من اتخاذ موقف واضح في رفض العنف والارهاب وتبني مبدأ الحوار السياسي اساسا واسلوبا لايجاد حل حقيقي للازمة مع الحفاظ على بنية وكيان الدولة ذات السيادة من جانب، وضمان المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية على المستوى الداخلي من جانب آخر... لمحاولة الإجابة عن هذه التساؤلات أرى أن الشخصيات المعارضة والهيئات والتنظيمات التي تعمل من اسطنبول وبعض العواصم الاوروبية لم تستطع استمالة مواقف المثقفين السوريين، ولم تستطع تقديم نموذج لمبدع أو مثقف يحظى بالاحترام والتقدير على المستوى الوطني وهو ما يعكس حقيقة تلك الهياكل والتنظيمات والمؤسسات التي يتم تصنيعها وفقا لمقاييس بعض الأجهزة الغربية في محاولاتها لتقديم نماذج من الانتلجنسية كمثال يحتذى، لكنها ما زالت تواجه الفشل تلو الآخر نظرا لما تمثله من الخواء الداخلي من خلال دعواتها للقتل والتخريب والغاء الآخر، فضلا عن الممارسات الميدانية التي تعكس فلسفات التحريض والتفريق بين ابناء المنطقة الواحدة. ولكن بالمقابل هل كان حضور المثقف السوري على القدر الكافي في الدعوة للحفاظ على وحدة الوطن والإبقاء على حالة العيش الانساني النابذ للعنف والكراهية؟ باعتبار الحالة السورية كانت الأنموذج الاكثر نصاعة وحضورا ايجابيا في الحياة الآمنة مع الحفاظ على الكرامة الوطنية لجميع الافراد. ربما كان الخوف والتهديد عاملين في تراجع واضح لدور بعض المثقفين لكن ذلك لن يكون مبررا لتراجعهم عن مهمتهم الاساسية، والا فانهم يخرجون انفسهم من دائرة التوصيف التي يرغبون ان يكونوا ضمنها. وفي هذا الوقت اقول ان لم يكتب المثقفون فلا داعي لكتاباتهم مستقبلا، وان لم يقدم المبدعون اعمالا صادقة فلن يحتاجهم الوطن مستقبلا، وان لم نواجه انفسنا بالحقيقة فاننا لا نستحق الانتماء الى وطن كان مهدا للحضارة ومنطلقا لانتشارها الى ارجاء الكون. |
|