تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فقاعات كلامية..!

نافذة على حدث
الأثنين7-10-2019
عبد الحليم سعود

كرّر رأس النظام التركي رجب أردوغان تهديداته بتنفيذ عملية عسكرية في منطقة الجزيرة السورية ضد المليشيات الكردية العميلة لواشنطن متذرعاً بالخطر الإرهابي الذي تشكّله هذه المليشيات عند الحدود الجنوبية لبلاده،

وهو تاسع أو عاشر تهديد يطلقه خلال السنوات الماضية، في تعبير صريح عن أزمة يعانيها هذا الرجل نتيجة ظروف داخلية وخارجية.‏

ومن الواضح هنا أن مفاوضات الحليفين الأميركي والتركي حول إقامة ما يسمى «المنطقة الآمنة» التي يتذرّع بها أردوغان، تتضارب كلياً مع المصالح الاستعمارية التي تنطلق منها واشنطن لتدعيم وجودها غير الشرعي في سورية، ولا تؤمّن الحد الأدنى من أطماع أردوغان الخاصة، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن يدخل الطرفان في صراع يتطوّر إلى مواجهة مباشرة على الأرض بين قواتهما، ولكن من الممكن أن تجري «مناوشات» عسكرية بين مرتزقة أردوغان في الفصائل الإرهابية مع مليشيات قسد الإرهابية لرسم حدود المنطقة المستهدفة بالنار، وذلك بضوء أخضر أميركي يساعد أردوغان على الخروج من ورطاته الداخلية والخارجية المتفاقمة، ويؤمّن استمرار بقاء نظامه تحت المظلة الأميركية، ضمن المشروع الأميركي الذي يستهدف المنطقة عموماً.‏

ليس سرّاً أن واشنطن قد تدخّلت في سورية ودعمت الإرهاب التكفيري خلال السنوات الماضية لأسباب معروفة، في مقدمتها حماية وتلبية المصالح والأطماع الإسرائيلية، زعزعة القوى المناوئة للمشاريع الأميركية في المنطقة وخاصة محور المقاومة، منع موسكو من الوصول إلى المياه الدافئة، وكذلك الرغبة في تفكيك المنطقة إلى كانتونات طائفية وعرقية وفق ما يؤمن قيام مشروعها الامبريالي الكبير لتقسيم الشرق الوسط.‏

الغريب أن أردوغان يعلم أبعاد هذا المخطط الأميركي وارتداداته على مصالح تركيا، لأنه يلعب بتوازنات المنطقة وخرائطها وفق منظور لا يخدم أحداً سوى تطلعات الكيان الصهيوني للهيمنة على المنطقة برمتها، ومع ذلك نراه يماطل في تنفيذ التزاماته للروس والإيرانيين بخصوص الحل في سورية رغم خطورة هذه المماطلة، ويبقي رهانه الخائب على واشنطن، وهو ما يثير شكوكاً كثيرة وجديدة حول مصداقيته، ويعطي انطباعاً بأن تهديداته مجرد فقاعات كلامية تستهدف الجبهة التركية المنقسمة على نفسها حول خيارات داخلية وخارجية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية