|
متابعات سياسية فهي أنه يريد عرقلة حل هذه الأزمة , لا لأنها صعبة الحل كما تزعم الصحيفة , ولكن لأن هذا الحل يعني هزيمة مشروع الغرب الذي صنع هذه الأزمة , ولأن الغرب محبط بعد أن بات عاجزاً عن فرض أجندته , ووجد نفسه أيضاً مضطراً لمعاناة ارتدادات سياسته . إن ما نعرفه , ونحن على ثقة تامة منه , هو أن الغرب الذي يتلبّسه الشيطان الصهيوني , ويتحكم به , بذل في سبيل تصنيع أزمة ما يسمّيها بمنطقة الشرق الأوسط , الكثير من الجهد على مدى عقود من الزمن , ووظف نفسه مثلما وظف كل الأنظمة الرجعية والاستبدادية العميلة له لتشاركه في صنع هذه الأزمة , وغايته من وراء ذلك إيجاد ما أسماه بالشرق الأوسط الجديد , الذي يصاغ على نحو يمكن الصهاينة من فرض سيطرتهم على المنطقة . وفي سياق تصنيعه للأزمة أو الأزمات اعتمد جماعات معينة موالية له وخاضعة لأجهزة مخابراته , مثل جماعة الإخوان المسلمين ومثل تنظيم القاعدة والعصابات الإرهابية التكفيرية الوهابية التي كانت ولا تزال قيد الإنتاج لتكون أداة الغرب الفاسدة والمفسدة في تنفيذ خططه الشيطانية . ولذلك , فإن الغرب يكذب حين يزعم النأي بنفسه , وهو المنخرط في التآمر طوال الوقت , ويكذب حين يدّعي بأنه يريد حل الأزمات بينما هو من اصطنع أصلاً هذه الأزمات , ويكذب حين يدّعي استحالة حل هذه الأزمات , لأن غايته في الواقع هي عرقلة حلها . إنه يكذب ويكذب ويكذب لأنه يشعر بأن مخططه الذي عمل عليه لعقود طويلة من الزمن قد فشل في تحقيق الغايات المرسومة له , ولأنه يشعر بأن خططه وأساليبه التي اعتمدها ونفذها خلال السنوات الماضية قد انكشفت ولم يعد استئناف استثمارها أمراً سهلاً بالنسبة له , ذلك أن المستهدفين بمثل هذه الخطط والأساليب كمن خضعوا للتطعيم بلقاح زودهم بالمناعة في مواجهة أي محاولة لتكرار التجربة . وهذا أمر منطقي وطبيعي . فالأساليب الجديدة قد تجد ضالتها في البداية , لكنها متى ما انكشفت لن يكون بالوسع مواصلة استثمارها حتى النهاية أو معاودة استثمارها في وقت لاحق , دون إخضاعها لتعديلات جدية. ثم إن الغرب المحبط لا يريد أن يسجل على نفسه بأن هزيمة الإرهاب الذي وظفه في حربه علينا هي هزيمة له قبل أن تكون هزيمة للإرهابيين , ولأن كل ما يهمه في اللحظة الراهنة أن يستثمر إرهابييه الى أقصى حد ممكن , وألا يضطر لأن يقول للشيطان الصهيوني الذي يتلبسه بأنه عجز عن إيصال خدمته الى المدى الذي يريد . فمن وظف نفسه في خدمة شيطانه يخشى من خشية شيطانه عليه , وهو لا يخشى فعلياً إلا من هذا الشيطان بعد أن فقد خشية الله , وأما من هم دونه فلا خشية لديه منهم . ولعل هذا يفسّر منحى سياسة أوباما الراهنة , والتي تتلخص في محاولة إبقاء المشكلات قائمة الى أن يحل في البيت الأبيض رئيس جديد يكون على إدارته أن تقرر ماذا تفعل . ولا نظن أنها تستطيع أن تقرر غير ما يمليه عليها شيطانها . يكفي لكي نحكم على سياسات الغرب , وطبيعة الأهواء التي تحكمها وتتحكم بها , أن نرى سلوك عملاء الغرب , والمنحى الذي تواصله فضائيات الفتن المكرسة لخدمة الغرب وشيطانه . بل إن الأدوار الخسيسة التي يقوم بها من يدّعون أنهم دعاة في مواصلة العبث بعقول الغافلين لتحويلهم الى إرهابيين تكفيريين , وزجهم لينتحروا في الميادين , أو في ادعاء الخيرية والغيرية من أجل جمع التبرعات التي ينهب منها ما ينهب وينفق منها على الإرهاب ما ينفق , فطالما أن هذه السلوكيات قائمة , وطالما أن حبل الأكاذيب التي تطلق بدءا من سيّد البيت الأبيض وحتى أصغر العملاء في جوقة الشر لا يزال يطول ويطول بمزيد من الأكاذيب , وطالما أن هناك من يتاجرون بالإرهاب , فهذا يعني أنهم مصمّمون على مواصلة العبث . وإذا كانت خسائر المتآمرين في الميادين قد تفاقمت على خلاف ما كانوا يتوقعون , ودون أن يصلوا الى النتائج التي كانوا يرجون , فإن هذا لا يكفي لإقناعهم بالهزيمة أو بالكف عن تآمرهم , طالما أن هذه الخسائر لا تلحق بجنود الغرب أو مواطنيه . ولذلك , فإن ميزان حرارتهم يشبّ ويقبّ فقط حين يلحق الإرهاب ضربات جانبية بهم , فقد أرادوها منذ البداية حرباً لا تكلفهم نفساً أو بنسا , لكنهم يرون الآن أن الأمور لا تسير كما يشتهون , وأن عدوى الإرهاب الذي صنعوه نقلتها الرياح الى بلادهم . وإذا كانت الانتصارات العظيمة التي حققها جيشنا العربي السوري وحلفاؤه في معركة حلب وبقية المعارك على معظم الجبهات قد جعل الغرب يرتجف حنقاً , فلأن الغرب يعرف بأن هزيمة الإرهاب عندنا ستعني انفلاش الناجين من الإرهابيين انفلاشاً تصل فيه العديد من فلولهم الى الغرب , وأنها ستنضم الى أولئك الذين بدأوا بالفعل بتوجيه ضرباتهم الى الغرب . بل إن الغرب يعرف بأن دعاياته المضللة ستتسبب في ولادة إرهابيين جدد يوجهون ضرباتهم الى الغرب , فالذين يتملكهم الشعور بالإحباط بسبب هزيمة الإرهابيين ليسوا فقط زعماء الغرب وإنما أيضاً أولئك الذين خدعتهم دعاياته المضللة من بين من يقيمون في الغرب . ولا ريب أن الطريقة التي زج بها الغرب وعملاؤه إرهابييهم في شن هجمات اليأس على حلب تدل على أن الممسكين بزمام العصابات الإرهابية لا يهمهم أن تنتحر هذه العصابات انتحاراً جماعياً طالما أن انتحارها على أبواب حلب سيخفف من الخطر الذي يخشى الغرب من انتقاله إليه بعد هزيمة هؤلاء وعودتهم من حيث جاؤوا . |
|