|
ملحق ثقافي أمّا عيناك تسكن فيهما نظرة شاردة ، بعيدة المدى تكمن وراءها ألف فكرة غامضة . كشجرة جور عالية نعرف أن ثمارها إن فتحت ، لكن الوصول إلى قلبها الابيض صعب.
بالأمس القريب ، كنت على الرغم من صمتك وهدوئك تبدو قوياً عنيداً ، لاتملك امرأة أمامك إلا ان تقول نعم .. وكنت شيئاً نادراً . كتحفة أثرية جميلة ، بين قدسية التاريخ وحرارة الواقع . لن أخفي عنك أنني كنت منجذبة إليك انجذاباً مغناطيسياً ، لكن أوقفت هديراً ساخناً وصببت عليه كمية من الماء المثلّج ، فأنا بعد لاأعرف عن قلبك المغلق كصندوق مقفل أي شيء . بالأمس الأقرب عثرت عليك كشيء نادر ، وأنا في خضم الحياة وفوضى الانتقاء والتردد المزمن في اتخاذ قرار ... أردت أن أحتويك أو أقتنيك .. لكن تسرعي هذا شدّني إلى النقيض فانزويت لم أحاول مطلقاً أن أفتعل ما يجذب نظرك إلي ّ. جعلتك رمزاً عالياً في خيالي ، إن لم أصله بيدي فإنني أصله بقلبي ومشاعري .. لكن تكرار اجتماعي معك وذلك البريق الذي لمحته مرة من نظرة من نظراتك العذبة المبتسرة تسلّل إلى أعماقي وسكن داخلها أحسست أنني أضطرب لنظرتك تلك ، وهذه بالفعل أول مرة أضطرب أمام رجل . أنت شيء لست ككل الاشياء .. ورجل لست ككل الرجال . بالأمس كنت صافياً حزيناً صامتاً ، في جلستك المريحة وأنت مضطجع بعض الشيء لاحت مني التفاتة إلى يدك ، فلم أشاهد أي خاتم ، حينئذٍ أحسست بسعادة ، وتبادلنا لأول مرة نظرة ذات معنى ، وكنت وكأنك أعدتني إلى عالم الحب الاصيل الذي يطمئن الروح ، ويشعشع في القلب والعقل نور أي نور . بالأمس حين أتيح لنا أن نحتسي القهوة معاً ، كان الصمت هو المخيم علينا ، وكنّا نقبع في هذه الخيمة ، وفي حوض الصمت نبتت زهرة حبي إليك .. أردت للحظة أن أصرخ : - أحبك أيها الإنسان الغريب ، نعم أحبك. لكنني انتظرت أن تكون أنت البادىء ، كما تنتظر الأنثى الشرقية ذلك ، إنها عادة بالية ، لكن معك كل الاشياء القديمة تعود إلى جوهرها وأصالتها . اليوم نحن نجتمع فتبثّني المعاني بثّاً غير مباشر ، لا أفهم منها غير أنها تحرك أحاسيسي وتتحدث معي بكلمات لاأفهم غير أنها تدغدغ أوتار قلبي ، فما أكثر وأعمق الرمز الذي تلجأ إليه بكلماتك نظراتك لمسات يديك حين أشعل لك لفافتك ، وكم على المرأة المحبة لك أن تجهّز ذكاءها وعمقها لتفهم ما تريد أن تفهمها إياه ..؟! اليوم أصبحت شيئاً آخر ، لم تعد لغزاً عالياً .. أصبحت لغزاً قريباً مني ، لم تعد نظراتك شاردة إلى المدى البعيد ، بل غائصة في عيني طريقها إلى قلبي ، ولم تعد تنفث الدخان فأستنشقه بل إن عطرك المنعش هو الذي يفعل . اليوم أنت كالفيء والشمس ، كحبات اللؤلؤ وحبات المطر .. مرة ألتجىء إليك كطفلة مذنبة تلجأ إلى أبيها رغم خوفها من عقابه .. ومرة أهرب منك . اليوم أنت لوحة زيتية معلقة على جدار قلبي .. تزين هذا القلب ، وفي الوقت ذاته تتعبه. أنت اليوم مثل ريحانة الهوى .. إذا لم تهب عليها الريح يسكن فيها عطرك ، وإذا لم تقطفها الأيدي لاتبوح بشذاها . في الغد ..؟! أمّا في الغد .. ؟ فكيف لي أن أعرف حقيقتك ، وأنا لم أعرف بالأمس واليوم أكثر من أنني أحببتك ..؟! |
|