تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


درامـــا الحيـــاة

فنون
الاثنين 6-7-2015
دعونا نُغفل لبرهة المتسلقين والمتعربشين وأنصاف المواهب ومن قدموا أعمالهم بالواسطة ومن كان محركهم الأساسي في إنجاز مسلسلاتهم الدافع المادي فقط ، لنتغافل عنهم قليلاً فالحديث عنهم يطول ،

خاصة أنه وسط هذا العتم استطاعت الدراما السورية أن تضيء شمعة مُعلنة إصرارها على الحياة ليشع نورها على الشاشات العربية ،‏

لا بل زاد على ذلك أنها بالمقارنة مع ما تم إنجازه خلال السنوات العجاف التي عصفت على البلد هي الأفضل هذا العام كماً ونوعاً (استناداً لما عُرض من حلقات المسلسلات حتى الآن) ، فبالإضافة لقدرتها على الاستمرار استطاعت هذه المرة أن تخرج من عنق الزجاجة التي حاولوا حصرها فيه ، وهنا لا نقول إن (الدنيا ربيع والجو بديع) ولكن لنرفع القبعة لكل من آمن بعمله وسعى بجهد حقيقي لأن يخرج الموسم الدرامي الجديد بحضور درامي سوري جيد ، تجلى عبر مجموعة من الانتاجات في القطاعين العام والخاص ، تلك الانتاجات التي أنجزت كاملة رغم كل الظروف ، بما فيها ظروف التصوير ، مما يؤكد أن الفن هو فعل حياة .‏

بشكل عام مما لا شك فيه أن هناك تنوعاً وغنى في الانتاج وإن جاء حضور بعض الأعمال على حساب الأخرى ، فعلى سبيل المثال مع غياب المسلسل التاريخي حضر الهم الاجتماعي اليومي للمواطن من خلال طغيان الموضوع الأكثر سخونة وهو الأزمة وتداعياتها وانعكاساتها على الناس ،‏

وضمن هذا الإطار تكررت العديد من المفردات بين الأعمال ، منها على سبيل المثال : النازحون والمهجرون من المناطق الساخنة إلى الحدائق ومراكز الإيواء ، سرقة المعونات وبيعها في السوق السوداء ، المفقودون والمخطوفون .. وعبر نظرة سريعة لما يُعرض حالياً من أعمال درامية سورية ، نجد أن المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي استطاعت هذا الموسم أن تكون حاضرة عبر باقة من المسلسلات مختلفة المشارب والاتجاهات والرؤى ولكل منها خطه واقتراحه الابداعي نصاً وإخراجاً ، منها ما تناول الحار من المضامين والأحداث ضمن قالب إنساني نفسي يغوص في عوالم خاصة كما في (امرأة من رماد) ، وأعمال قدمت هذا (الحار) عبر سياق اجتماعي (حارة المشرقة) و (شهر زمان) ، ومنها ما بقي في الإرهاصات التي سبقت الأزمة وتحدث عن تفكك البُنى والتحولات التي طرأت على المجتمع (دامسكو) ، ومنها ما فضّل العودة إلى الوراء قليلاً ليلقي الضوء على التاريخ الحديث للمنطقة مبرزاً القيمة الحقيقية للمرأة السورية التي كانت فاعلة ومدافعة عن بلدها ، هذه الصورة التي تعيد للذاكرة الفعل التنويري للدراما قدمها مسلسل (حرائر) مصوّباً الصورة المشوّهة التي سعت وتسعى العديد من الأعمال التي تتناول البيئة الشامية إلى تكريسها .‏

وقدم القطاع الخاص مجموعة من الخيارات الإبداعية المتنوعة التي ناست بين الجيد والأقل جودة ، ولكن هناك أعمال مُنافسة استطاعت استقطاب الجمهور وأن تكون قريبة من ألمه ووجعه وغاصت في همومه ، لا بل نزلت الكاميرا فيها إلى الحدائق لتلتقط التفاصيل الأكثر مصداقية ففي (بانتظار الياسمين) صورة تنبض بالحياة تلاحق التفاصيل وتضع يدها على الوجع ، ودائماً رغم القبح هناك تأكيد على الايجابي عبر العديد من الشخصيات وأهمها شخصية (أبو سليم) ، أما مسلسل (عناية مشددة) فكانت الصورة فيه فاقعة بشكل أكبر ، الخطف والفدية وتجارة الأعضاء والفساد والمصطلحات التي رافقت الأزمة بما تحمله من جرأة ، إضافة رصد حياة الناس العاديين ومعاناتهم ، ومنها معاناة زوجة العسكري الذي قيل لها أنه استشهد ولكنها لاتزال قابعة في منزل أهلها تنتظره وسط ضغوط من والدها وأخيها .. ويأتي الجزء الحادي عشر من (بقعة ضوء) ليكون بمثابة الصوت الصارخ الذي يلامس الكثير من الموضوعات المختلفة بقالبه الساخر ، ومما قدم من لوحات نشير إلى سلسلة لوحات (وطن بدل ضائع) ، ولوحة (بان عرب) التي عكست الواقع المؤلم والمخزي الذي أوصل إليه الانتاج الدرامي الذي أساء فيما يُنجز من مسلسلات لفكرة العمل الدرامي العربي المشترك مقدماً إياه بصورة مبتورة .‏

fouaadd@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية