تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


« العواصف » العربية.. في خدمة الهيمنة الأميركية

متابعات سياسية
الأثنين 6-7-2015
حسن حسن

تغطي الفوضى والعمليات الإرهابية غالبية البلاد العربية من شرق الوطن العربي في البحرين واليمن إلى غربه في تونس مروراً بمصر, ومن شماله في ليبيا إلى أقصى جنوبه في جنوب السودان, إضافة إلى سورية والعراق,

وإذا كانت بعض الممالك العربية قد نجت من الفوضى والاضطرابات لأنها تشكل خط الدفاع الأخير عن المصالح الأميركية وحتى أمن الكيان الصهيوني إلا أن فوضى الحرب اقتربت من المملكة السعودية وباتت على حدود الأردن.‏

قبل عدوان تموز 2006 وبعده بدأت الإدارة الأميركية الترويج ل «شرق أوسط جديد» روجت له آنذاك وزيرة الخارجية كونداليزارايس وأفصح عن هذا «الشرق الأوسط الجديد» رئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز بقوله: إنه ينتظر «شرق أوسط كبيراً تكون دولته عضواً أساسياً فيه».‏

كان جديراً بقادة المنطقة التنبؤ بأن مخططاً أكبر يشمل الوطن العربي والمنطقة, وهكذا ظهرت إلى العلن خطة الفوضى الخلاقة أميركياً الهدامة على مستوى المنطقة ليبدأ ما اتفقوا على تسميته الربيع العربي وهو في جوهره أسوأ شتاء عاصف يواجهه هذا العالم بدءاً من العام 2010 تونس, مصر, ليبيا, وقرأ البعض في العمليات تغطية للخروج الأميركي من العراق, لكن ذلك كان هدفاً ثانوياً في حين أن الجوهر هو خلط الأوراق في المنطقة وإسقاط القوى التي تشكل تهديداً للكيان الصهيوني في الحاضر.‏

مامن شك أن أدوات التخريب في المنطقة جرى إعدادها قبل زمن طويل و بعض قياداتها تخرجت من غوانتانامو تحت اشراف الاستخبارات المركزية الأميركية كما تم ربطها بالموساد الصهيوني خصوصاً وبالمخابرات الغربية عموماً كذلك جرى اعداد غرف عمليات متعددة في الدول الدائرة في الفلك الأميركي ولا سيما في تركيا والسعودية وقطر, وألحق الأردن واستخدم في اللعبة بوسائل متعددة أهمها التوظيف لقاء المساعدات والمعونات وتزويد الجيش الأردني بالأسلحة الممولة خليجياً, وهكذا نجحت الاستخبارات الدولية في توظيف «القاعدة» وهي في الأساس الصنيعة التي شكلت ذريعة اجتياح أفغانستان والمنطقة ونشر المزيد من القواعد الأميركية والأوروبية في المنطقة العربية.‏

«القاعدة» التي استولدت منها تنظيمات بمسميات مختلفة «داعش والنصرة» وتوابعها وهي تنظيمات متشددة مجردة من الإنسانية والأخلاق ولا تعرف معنى الروابط الوطنية, ما يبرر هذا التوصيف ارتباطها بالعدو الصهيوني (تسليحاً ورعاية) ولأن كل ماتقوم به يخدم الكيان الصهيوني ويفسح المجال تحت دخان عمليات هذه التنظيمات والفوضى التي سادت المنطقة أن يستكمل مخططاته في تهويدالقدس والاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية ومنع قيام دولة للفلسطينيين ولو مجردة من السلاح.‏

الفوضى الهدامة التي عصفت بتونس وخربت الدولة الليبية وكادت تودي بالدولة الأكبر في عالمنا العربي بعد الذي لحق بالسودان هي الفوضى ذاتها التي تعصف بسورية منذ أكثر من أربع سنوات والتي لو تعرضت لها دولة أخرى تملك نفس القدرات السورية (اقتصادياً وعسكرياً) لانتهت منذ السنة الأولى لكن الشعب السوري مع جيشه الوطني وحكمة القيادة مازال يقاوم بل ويحقق الانتصارات في مواجهة عصابات المرتزقة الآتية عناصرها من أكثر من خمس وثمانين دولة والمدعومين من مجموعة كبيرة من الدول الغربية وبعض الدول العربية ومازال الإصرار على تأجيج الصراع واستهداف الدولة السورية (شعباً ومقدرات) ومحاولات تحطيم الجيش العربي السوري على أشدها برغم محاولات مخلصة لوقف هذا العدوان عن طريق الحوار السوري -السوري الذي تعمل دول وتنظيمات عديدة على إفشاله.‏

اليمن, الدولة التي كانت مرشحة لدخول محور المقاومة أضحت هدفاً مضافاً وقد أعطي الضوء الأخضر للسعودية لمعاقبتها بعد تأمين تحالف شبه دولي وهكذا أطلقوا ما أسموه «عاصفة الحزم» تيمناً بالعواصف الصهيونية, لا غرابة في الأمر لأن المخططين لكل العواصف هم ذاتهم ولأن كل العواصف هي في خدمة الفوضى «الخلاقة» بالمفهوم الاستعماري -الصهيو- أميركي التي بشرت بها «كوندي» وهي فوضى هدامة بالمعنى الوطني والتحرري.‏

قد تحقق عواصف الغرب الصهيوني نتائج آنية وقد تدمر دولاً وأنظمة قائمة لكنها لايمكن أن تنتصر وتلغي عقيدة شعب مؤمن بحريته, باستقلالية قراره, ومهما كانت التضحيات فإن هذا الشعب لن يتوقف عن العطاء والنضال لخلاص لايبدو بعيد المنال. ولنا في تجربة الجزائر وفيتنام خير مثال.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية