تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بالقطع السوري..الحقيقة أكبر

مصارف
الاثنين 25-2-2013
علي محمود جديد

فرزت الأحداث الجارية في سورية ولا تزال تفرز يومياً عقولاً غريبة عجيبة تمتهنُ الجلوس على المستنقعات والانخراط بحب مفرط ضمن مهنة الصيد بالمياه العكرة،

ويسوّقون أنهم يصطادون الغنائم بشفافية ومن عقر دار المياه العذبة وقاعها الصافي، غير آبهين بذلك التلوث الذي يحيط بهم، ولا بالروائح النتنة التي تزكم الأنوف ، والصادرة عن فرائسهم المتّسخة..!‏

بالأمس أوضح الدكتور وائل الحلقي رئيس مجلس الوزراء أمام أعضاء مجلس الشعب، وأمام الناس كلهم على الهواء مباشرة أنَّ متابعة أسعار الصرف خلال الفترة الماضية تُظهر استقراراً نسبياً في سعر الليرة السورية، وهذا الاستقرار لم يأتِ من فراغ – قال الحلقي – بل بفضل تدخّل المصرف المركزي وما حققته القوات المسلّحة من إنجازات في بسط السيطرة الأمنية على كثير من المناطق، إضافة إلى البرنامج السياسي لحل الأزمة الذي كان له أثر كبير في فتح نوافذ ومسارات باتجاه الحل السلمي، مشيراً إلى أن الاقتصاد السوري جيد ومتوازن ومتعدد ولا خوف عليه مما يحاك ضدّه وما يشاع عنه من تضليل إعلامي ممنهج، كما أن الاحتياطي من القطع الأجنبي جيد، منوّهاً بالدور الإيجابي الذي لعبته الوديعة الإيرانية بهذا الصدد.‏

وما إن انتهى الدكتور الحلقي من كلامه حتى بدأ البعض من أولئك الصيادين بإبراز مواهبهم معتقدين أنَّ قلّة الأدب ميزة ترفع من مقامهم، ولكنها بكل أسف فالأمر ليس كذلك، حيث قرأت على بعض مواقع التواصل الاجتماعي تعليقاً يقول : لو أن الحلقي يقدّم مثل هذه المعلومات في الكونغرس الأمريكي من دون أرقام توضح حجم الوديعة، أو حجم الاحتياطي الجيد من القطع الأجنبي لكان قد واجه مصير الطرد من الكونغرس ..!‏

يا شباب هذا الكلام معيب جداً سواء كان ناجماً عن قناعة أم عن نزعة تحريضية لمعرفة مقياس السقف الذي يمكن أن تسكت عنه الدولة في تناولها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا أحد يمتاز بعقل إنساني يتشرّف – على ما أعتقد – بأن يكون مقبولاً في الكونغرس الأمريكي المأسور أصلاً لجماعات إرهابية من اللوبي الصهيوني، وعلى الرغم من كوننا كصحفيين نتعطش لمعرفة مثل تلك الأرقام بالفعل فإن من واجبنا التقدير وإلى أبعد حدٍّ ممكن، ولاسيما في مثل هذه الظروف، المصالح الوطنية التي تناسبنا بمعزل عن تبريكات الكونغرس الأمريكي وما لفّ لفّه من عدمها، وهناك وجوه كثيرة لمدى صوابية هذه المسألة من عدم صوابيتها على مستوى عالمي وليس سوري فقط، أقلّها الحفاظ على السرية المصرفية وعدم الانكشاف المجّاني، كما كان بإمكاننا التعبير بغير هذا الأسلوب الذي ينال من رئيس الحكومة ومجلس الشعب أيضاً، ولكن بطريقة غير ذكية لأنها مكشوفة جداً .‏

على كل حال مهما حاولوا تشويه الحقائق، وبأي أسلوب كان، فإن الحقيقة تبقى دائماً أكبر من كل ادّعاءاتهم، والوقائع على الأرض تؤكد بالنهاية ما ذهب إليه رئيس الحكومة، والذي لم يعجبه ذلك فرأسه موجود والحائط موجود .. وعليه أن يتصرّف.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية