|
الحوار الوطني رؤيــة وآفـاق فلا شيء أهم في لحظاتنا هذه من غد سورية ولا هدف أهم من إنقاذ سورية فإن سخرتنا ميلاً فلنمض معها ميلين وإذا طلبت رداءنا فلنعطها أثوابنا كلها فسورية فقط من تستحق أن نتسامى على كل شيء لأجلها لأنها الوطن ولأن هذا الوطن أيضاً هو سورية بتاريخها ومواقفها وارتباطنا بها. «الثورة» تواصل لقاءاتها وحواراتها في ملفها (الحوار.. رؤية وآفاق). ** نواف الملحم- أمين عام حزب الشعب: نتحاور اليوم من أجل مستقبل سورية والجميع معني بالحفاظ على أمن الوطن ووحدة أراضيه لاشك بأن الأزمة التي تعيشها سورية منذ سنتين وتفاقم وتطور بعض الأمور أظهرت أن هناك تداعيات كبيرة قد حصلت وأدرك الجميع اليوم بأن هذه الأزمة التي نعيشها لاحل لها إلا سورياً وعن طريق الحوار فنحن دائماً ومنذ بداية الأزمة كنا ندعو إلى الحوار الوطني فلا بديل عن الحوار ونحن اليوم ندعو الجميع من أبناء الشعب السوري للدخول إلى الحوار وخاصة المعارضة الوطنية فنحن ندعوها إلى تلقف البرنامج الذي طرحه السيد الرئيس بشار الأسد وعليها أن تطرح رؤيتها وبرنامجها السياسي من خلال طاولة الحوار فيتوجب على كل وطني شريف وليس لديه أجندات خارجية أو املاءات من الخارج أن يشارك بالحوار ومرحب بالجميع وهذه رؤية الحزب (حزب الشعب). وعن طريق الحوار علينا جميعاً ايجاد الحلول لجميع الاشكالات وعن طريقه نحقق جميع المطالب المشروعة وعلى الجميع أن يطرح رؤياه المستقبلية حول سورية ونتمنى أن نوفق جميعاً في هذا الخط وهذا المسار ونحن اليوم نلاحظ أن الحكومة السورية تقوم بجهد واضح قد ينكره البعض ولكن وبحسب رأيها لانستطيع القول بأن الحكومة غير جدية فنحن ندرك تماماً بأن الحكومة ولدت في أزمة ومطلوب منها الكثير وبغض النظر عن وجود بعض الملاحظات حول أداء بعض أعضائها ودورهم القائم ولكن بشكل عام الحكومة تقوم بدورها المطلوب منها ونحن نعلم أن مقومات الدولة الاقتصادية مستهدفة من قبل المسلحين فلا يمكن أن نحمل وزير الكهرباء مثلاً الانقطاعات فلا أقول أن وزير الكهرباء غير قادر بأن يقوم بمسؤوليته الوطنية فالمجموعات المسلحة تستهدف قطاع الكهرباء وذلك عن طريق ضرب المغذيات الأساسية في التوتر العالي فالعصابات لعبت دوراً أساسياً في انخفاض كميات الطاقة والوقود والغاز والبنزين والمازوت وذلك بالسطو عليها وضرب المستودعات وحرقها. فلا أقول إن كامل الحكومة تقوم بواجبها على أكمل وجه ولكن بحسب تقديري أنها أدت مابوسعها ونتمنى لها أن تثابر وتضاعف جهودها وأعود وأكرر أن الحكومة هي حكومة أزمة ونتمنى من خلال مساعي الشرفاء في هذا الوطن أن يكونوا عوناً للحكومة وأعضائها لتلبية حاجات المواطن السوري وإخراجه من دوامة العنف فلاشك أن يكون الحوار مجدياً مع استمرار العنف. لذلك بادرنا من خلال حزب الشعب ودعونا إلى ترك السلاح وتسوية أوضاع المطلوبين ونحن فرقنا بين الارهابي الذي يحمل السلاح ويسفك الدم السوري منفذاً للأجندات الخارجية التي تسعى لدمار الوطن ومقوماته وامكانياته فهؤلاء الارهابيون بلاشك لا أحد يختلف على توصيفهم أما من حمل السلاح للدفاع عن نفسه فقد التقينا ببعضهم وتبين لنا أنهم وطنيون وكان لديهم وجهات نظر في حمل السلاح من الشخص الذي لم يقتل مواطناً مدنياً كان أم عسكرياً ولم يسمح بتدمير سورية فهو مدعو لترك السلاح والانخراط في العملية السياسية بعدما تبينوا أن كل ماضللوا بالاشاعات عن سقوط الدولة وانهيارها خلال أيام وتسلحوا خوفاً على مناطقهم من الفوضى وأنا هنا أستثني اللجان الشعبية والتي لدي ملاحظات حول عملها. فمن هؤلاء المسلحين الذين التقيناهم مطلوبون اليوم للعدالة كما أوضحوا لنا فقالوا أنهم حملوا السلاح للدفاع عن أنفسهم ومناطقهم خوفاً من تهديدات وصلت إليهم والجميع يعلم أن من يحمل السلاح سيكون خارج شرعية الدولة وهو بشكل اتوماتيكي يصبح بعيداً عن الدولة ويتهرب منها وسيوضع في خانة الارهاب وهنا لازلت أصر أنه ليس كل من حمل السلاح في سورية هو إرهابي. وهؤلاء مستعدون لتسوية أوضاعهم وتسليم أسلحتهم عندما ينالون الضمانات والعفو من قبل الدولة فهم أكدوا لنا أنهم سيكونون مواطنين صالحين ومشاركين في بناء الوطن. وبالتالي اعتبر من لا يقبل أن يتخلى عن سلاحه له أجندات خارجية وينفذ مايملى عليه من الخارج سواء كان سورياً أوغير سوري فهو أداة للآخرين الذين يريدون دمار سورية وتفتيت شعبها وأرضها. وبالعودة للجان الشعبية رغم تأيدي للدولة ومؤسساتها العسكرية فقد أوكلت ببعض أدوارها لما يسمى باللجان الشعبية واللجان كفكرة هي جيدة لأنها من الشعب ومن إرادة المواطن السوري وهي تساعد الجيش العربي السوري في القيام بمهامه ولكن هناك من أساؤوا للجيش ولأهدافه وأخلاقيته ومبادئه وذلك بسبب عدم حسن الاختيار فهناك عدد من الذين انضموا للجان الشعبية واساؤوا لأخلاقية الجيش بسلوكيتهم وخاصة أنهم يلبسون لباس الجيش العربي السوري. فكنت أتمنى على من قام في انشائهم أن يحرص على انتقاء عناصر اللجان ممن عرف بأخلاقه وسلوكه وتربيته ليكون محل ثقة من قبل الجميع. فلا يراودنا الشك في اخلاقية جيشنا وعقيدته وتنفيذه لمهامه ولكن بحسب ماسمعت من ردود الأفعال حول عمل اللجان وذلك في عدة محافظات وليس في محافظة معينة أنهم ليسوا أهلاً لإعطاء صورة حقيقية عن المهمة والدور المناط لهم فهم قد اساؤوا كثيراً للجيش العربي السوري. وبالعودة لموضوع الحوار فأقول انطلاقاً مما جاء في خطاب السيد الرئيس بشار الأسد نحن أعلنا باسم حزب الشعب تأييدنا الكامل علماً أنه كان لنا رؤية في الحزب ولكننا لم نجد أي تفاوت بين ماطرحه السيد الرئيس وبين رؤيتنا التي طرحناها وانطلاقاً من ذلك وجدنا أنفسنا مسؤولين أمام الشعب بالمشاركة في الحوار. كما أيدنا سابقاً العفو الذي صدر عن السيد رئيس الجمهورية العربية السورية ولكننا وجدنا من خلال عملنا الميداني أن هناك بعضاً من المسلحين ليس لديهم ثقة لتسليم أنفسهم لهذا طرحنا في حزب الشعب مبادرة بعنوان (كفى وإلى متى) فهدف من خلال هذه المبادرة في الوساطة لتسوية أوضاع المطلوبين لدى الأجهزة الأمنية وضمان إلقاء سلاح أولئك المسلحين وأن يكونوا مواطنين صالحين ينخرطون في خدمة الوطن والمجتمع وقمنا برفع مبادرتنا إلى القيادة السورية واطلع عليها السيد الرئيس شخصياً ووافق عليها وأيدها وقد أطلقنا هذه المبادرة في 22/1/2013 ولمسنا تجاوباً حيالها ونحن في صدد تسليم أسماء المسلحين التي وردتنا إلى الجهات المختصة لتسوية أوضاعهم ومنهم الآن يعتبرون أنفسهم تجربة لمن ليس لديه حتى الآن الثقة في طرحنا ونأمل خلال الأسابيع القادمة تسوية أوضاع الأسماء الموجودة لدينا وإن شاء الله ستشمل مبادرتنا أعداء أكثر مما كنا نتوقع. وهذا سيدعم إلى درجة كبيرة فعالية الحوار الذي بدأت التهيئة له في المحافظات فمثلاً في محافظة حمص ومنذ ثلاثة أسابيع انطلقت فعاليات حوارية وكان الحضور من كافة شرائح محافظة حمص وريفها ولاحظت أن هناك سؤالاً عاماً بين الموجودين وهو من سيحاور من؟ على طاولة الحوار الوطني الشامل ومن هم المطلوب وجودهم في الحوار وكان هناك وجهات نظر متعددة ومختلفة لكن الجميع أكد أن الحوار ضرورة ولا طريق ولا سبيل آخر للخروج من الأزمة إلا من خلاله، ونحن اليوم وبالرغم من تحفظنا على ما يطرح هنا وهناك حول انطلاقة الحوار سواء كانت متأخرة أم من ظروف غير مواتية نعتبر أن الحديث عن ضرورة الحوار وفكرته هي الخطوة الأولى للحوار الشامل على مساحة الوطن العربي السوري وسيكون هناك عدة لقاءات ومن ضمنها لقاءات مع لجنة المتابعة التي انبعثت عن مؤتمر طهران والتي وجهت دعوة في 26 الشهر الجاري للقاء والحوار ونحن لدينا اجتماع في هذه الأيام لوضع النقاط على الحروف وتحديد من هم الأشخاص الذين يجب دعوتهم ومن هم الأشخاص الذين يثمر وجودهم في الحوار ولدينا تصور أنه سيكون من ضمن المدعويين للحوار فعاليات اجتماعية وشخصيات سياسية وسيكون أيضاً هناك من كان قد حمل السلاح وتخلى عنه وأشخاص لديهم تأثير على الأرض، ودعوة الحوار التي أطلقتها لجنة التابعة لا تتعارض مع دعوة الدولة للحوار الوطني فجميع البرامج المطروحة بما فيها برنامجنا وبرنامج الدولة تلتقي على نقطة واحدة وتكمل بعضها البعض، أما من أراد معرفة وتاريخ الحوار فمن وجهة نظري أن المقصود من الحوار أنه حوار وطني لإنهاء الأزمة في سورية وكلنا بادر ولا نعارض أن يكون هناك عشرات الدعوات سواء كانت رسمية أو حزبية أو اجتماعية فكلها تصب في خانة واحدة وكل منهم لديه أفكار سياسية ورؤى ونحن مستعدون للحوار مع الجميع حتى أولئك الذين لديهم طروحات بعيدة عن الواقع نحترم رأيهم وندعوهم للمشاركة في مؤتمر الحوار مهما كان الاختلاف بيننا وبينهم فليس هناك سقف أو حدود لأي رؤية ونحن دعونا الجميع حتى من يريد تغيير النظام بطريقة أو بأخرى ولا حدود لدينا إلا لمن يطلب التدخل الخارجي فنحن مواطنون سوريون ونرحب بالجميع ونتمنى من خلال رؤيتنا هذه أن يأتي من يدعي أنه معارض خارجي إلى وطنه ويطرح وجهة نظره. فنحن نتحاور اليوم على مستقبل سورية ونطالب الجميع بالحفاظ على أمن الوطن ووحدة أراضيه ووحدة شعبنا خاصة أننا أدركنا أن المؤامرة ليست على شخص أو على حزب معين بل هي تجاوزت كل تحاليل الآخرين وادعاءاتهم ومن ينكر حتى الآن وجود مؤامرة على سورية فأنا أعتقد أن الحوار معه عقيم ولا فائدة منه ويتكلم خارج قناعته وهو يدرك الحقيقة ولا يفصح بها، كي يكسب شارعاً ما سواء شارعاً مسلحاً أو معارضاً بالداخل أو الخارج وكما تثبت الوقائع اليوم أن المجموعات المسلحة لاتمثيل لهم في الداخل بل على العكس نحن نشاهد اليوم صراعات كثيرة بين المجموعات المسلحة وصراعات أخرى بين هذه الجماعات وما يسمى جبهة النصرة وهؤلاء جميعاً من يقومون بالأعمال التخريبية والإرهابية ويقتلون باسم الشريعة الإسلامية وهم لاعلاقة لهم لا بالشريعة ولابنبينا الكريم بل على العكس يسيئون للإسلام ويشوهون صورة المسلمين ويعملون بما لا يرضي وجه الله وهؤلاء يجب مواجهتهم من قبل الجيش العربي السوري ومن قبل الحكومة السورية ونتمنى على من يدعو الجيش للعودة إلى ثكناته أن تتحقق دعوتهم ولكن بعد أن يقضي على هؤلاء الإرهابين فالجيش العربي السوري لم يكن يوماً داخل المدن ولا داخل الأحياء ولكن الواجب الوطني دعاه للخروج من ثكناته ليقف في وجه من يدعون أنهم محررين أو اصلاحيين ولكن في الحقيقة هم قتلى ومجرمون وعلى الجيش أن يحمي شعبه ويحمي وطنه ويحمي مؤسسات الدولة والقطاع العام والقطاع الخاص. فالمستهدف من المؤامرة سورية بأكملها شعباً وبنية تحتية ودليلنا على ذلك ما حدث سابقاً في بعض البلدان العربية في العراق ولبنان فلم تستهدف في تلك الدولة المخافر ومؤسسات الحكومة ولا حتى الممتلكات الخاصة كانت المناحرة على مستوى ميليشيات وأحزاب تحركها أصابع خارجية أما ما يحصل في سورية فهو مختلف خاصة أن كل مقومات الدولة تُستهدف، فأين الحرية بسرقة منتجات النفط وتهريبها إلى الخارج وحرمان الشعب السوري منها. فالمجموعات المسلحة كانت مدعوة من الخارج ويفسح لها ما كان يحضر دولياً لحل الأزمة في سورية مجالاً واسعاً وقد لاحظنا أنه عندما أتت البعثات الدولية والعربية وطلبت ايقاف اطلاق النار أنها كانت مجرد فرص أعطيت للمسلحين لتزويدهم بالذخيرة وإراحتهم قليلاً وإعدادهم إلى عمليات أخرى وهذا ما رأيناه بالعين وسمعناه بالأذن لذلك فالحل يجب أن يكون سورياً ونحن السوريين ندرك تماماً أن أزمتنا أدواتها قد تكون في معظمها داخلية ولكن أساس الأزمة هو خارجي بامتياز فهو من مد المسلحين بالسلاح وإذا اليوم توصلنا إلى اتفاق دولي لإيقاف التسليح أنا متأكد أن الأزمة ستنتهي فوراً ويبدو أن بعض الأطراف الخارجية قد بدأت بتقليص إمداداتها للإرهابين لذلك نرى اليوم أن كثيراً من المجموعات المسلحة تستغيث فلم يعد يصلها سلاح أو مال ونتيجة افلاسها تلجأ اليوم للقتل والسرقة والنهب والخطف والمقايضة بحجة حاجتها لدعم ثورتهم المزعومة وهي مرحلة عصيبة ولكنها ستنتهي عندما تغلق تركيا خط امداداتها الدافق إلى المسلحين ونحن ندعو الله بتثبيت أقدام جيشنا للتصدي لهؤلاء ونحن متفائلون بنجاح الحوار خاصة أن الأميركيين ومن لف لفيفهم من الأوروبيين ومن وطننا العربي بدؤوا يقرؤون الرسالة بفشل مخططهم ومع أنهم قتلوا ودمروا إلا أنهم لم يحققوا هدفهم القذر في تقسيم سورية طائفياً ومذهبياًوذلك كله بفضل الله وبفضل وعي الشعب العربي السوري. ** عبد الله منيني – مسؤول الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي: حــــوار وطـــني جامــــع وشـــامل.. ومصلحـــــة ســـورية فــــوق كل مصلحــــة هل الحوار حالة طارئة أم حالة دائمة أم حالة مستقبلية، هل هي ثقافة مجتمع أم ثقافة دولة، منهجية عمل أم منهجية رؤية، هل هي إستراتيجية، هناك فوضى في حالة تعريف الحوار، اعتقد أن الحوار هو حالة مستمرة وخاصة أنه حالة ترتبط في المجتمعات لتأطير وضعهم الاجتماعي وبناء مستقبلهم ورؤيتهم بما يتناسب مع متطلبات المرحلة، ولذلك نعتقد أن المجتمع السوري هو مجتمع بالأصل مجتمع حوار والدليل على ذلك أنه مرت عليه حضارات واستطاعت أن تتمازج وتتجانس، وهو ناتج عن حوار فكري جرى فانبثق عنه تلك الحضارات. إن طرح مبدأ الحوار في هذه الفترة ليس أمراً مرحلياً، فهناك من يعتقد أنه حالة راهنة فقط نحتاجه في هذه الفترة وينتهي بنهاية الأزمة، ولكنني مؤمن بأن الحوار هو حالة مستمرة ولأن سورية مرت بظروف تتكرر كل عشرين أو ثلاثين سنة، تقع في نفس الأزمة، فنخضع إلى قاعدة أن الشعب الذي لا يتعلم من تاريخه محكوم عليه أن يعيده، وهذا يعني أننا بحاجة إلى مؤسسات لهذا الحوار، وفي دستور الدول هناك مؤسسات ترعى الحوار فمجلس الشعب وقبة البرلمان هي أماكن للحوار، والحوار هو الذي يؤدي إلى التشريع وسن القوانين، لكن للآسف أصبحت المؤسسات إدارية تعنى بالشؤون الإدارية فقط ولديها منهجية ورؤية ثابتة وتنطلق من منظومة فكرية وسياسية تبنى عليها. الأزمة كشفت لدينا عيوباً، لا نستطيع أن نشملها في جلسة أو حوار وهي كثيرة ومتعددة، أهمها أننا كنا بعيدين عن أنفسنا ووطننا ولم نكن تحت منظومة حوارية عليا، تستطيع أن تنظم هذه الشؤون، وتستطيع أن توصف الخطأ من الصواب، لذلك عندما كنا نقول بأننا نؤمن بمعارضة وطنية كحالة صحية، وكل طرح منها يغني الحوار، وتصويب الرؤية لمنظومة سياسية قائمة تسمى (موالاة)، وأنا هنا لا أؤمن بأنه يمكن أن يكون هناك تقسيم لأن كلا الطرفين يجب أن يصب اهتمامه وطروحاته في مصلحة الوطن، وهذا يكون نتيجة انقسام فكري، فيجب أن أؤيد كل شي يخدم مصلحة سورية، وأعارض كل ما لا يخدم مصلحتها. فأنا أرفض أن انتمي إلى منظومة ثابتة لا تملك أجندة واضحة، ولا يوجد لديها برنامج عمل هو خلل لا أسمح لنفسي أن أقع به، لذلك كنت أصر منذ بداية الأزمة على توصيف شيء، هو أننا نفتقر إلى المعارضين وللأسف نعاني من المعترضين، فالقاعدة التي نبني عليها تقييمنا السياسي كحزب هي مصلحة سورية فوق كل مصلحة فلا نؤمن بالمصالح الجزئية بل نؤمن بالمصلحة الكلية، وهي تشمل مصلحة سورية بمجتمعها بمقدراتها بتاريخها بأرضها لأنها منظومة متكاملة. هناك لعبة على المصطلحات وهي لعبة خطيرة عندما أرادت كوندليزا رايس أن تحدث شرخاً في الصف العربي ابتدعت ما يسمى دول اعتدال ودول ممانعة، لذلك نرى من يطالب بالحرية ومن يريد بقاء النظام مع العلم أنهما مترابطان ترابطاً فعلياً، وقد وقع السوريون في فخ هذه اللعبة، فالمصطلحات دائماً تعني غاية، وعندما يضيع المصطلح تضيع الغاية وعند ضياع الغاية ضاع الوقت ولا نكون وصلنا إلى أي نتيجة مفيدة، لذلك الحوار هو قاعدة مجتمعية أخلاقية تحتاج إلى منظومة سياسية تؤمن به، وهو لا يتجزأ فهو حالة كاملة فلا تستطيع أن تناقش شأناً اجتماعياً دون أن تناقش شأناً اقتصادياً، فطالما الحوار يرتبط بالوطن فبحاجة أن تناقش كل ما يخصه من صغار الأمور إلى كبائرها، ولذلك هو حالة متقدمة. وعندما نشأت وزارة المصالحة الوطنية فكان الأفضل أن ننشأ وزارة للحوار الوطني، فالمصالحة هي النتيجة ولا يمكن الوصول لها إلا بالحوار الجاد الذي يوصلنا إلى المصارحة، لنصل إلى نتيجة مجتمعية هي المسامحة، فتؤدي إلى مصالحة فهي معادلة متكاملة، فالوزارة هي النتيجة ونحن بحاجة إلى البدء من الأساس وهو الحوار، وبحاجة إلى منظومة سياسية ترعى هذا الحوار. إن نظامنا السياسي هو نظام قومي مقاوم، وعندما يقول أحد أنا أعارض النظام فهو خطأ واضح لا يمكن معارضة ولا يجوز إسقاط هذا النظام، تريد تغيير الدولة هو شيء آخر تريد أن تنتقل السلطة بمجملها الأمنية والقضائية أيضاً ممكن، ولكن إسقاط النظام هو إلغاء فكرة المقاومة من سورية وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، ونحن كحزب قومي سوري لا نقبل أن نصنف أنفسنا كمعارضين لهذا النظام السياسي، فهو يعبر عن إرادة الأمة وقد حمل عنواناً عريضاً هو المقاومة ولسنا دولة ممانعة فقد انتقلنا من التنظير إلى الفعل. الحوار الوطني عندما طرح لم تكن هي المرة الأولى فاللقاء التشاوري كان دعوة للحوار، واليوم ما يميز الحوار هو التغيير السياسي فالأبواب فتحت بشكل أكبر وهناك إنجازات كثيرة على الأرض، وهذه الإنجازات هي من خلال إسقاط الكثير من المشاريع التي استهدفت سورية خلال 22 شهراً، منها مشروع إيجاد قطعة أرض سورية تكون بداية لتشكيل ما يشابه بنغازي ليبيا وقد فشل، ثم اتجهوا إلى عرقلة سورية من خلال التفجيرات لضرب دورة الحياة، وإحباط المجتمع السوري وصولاً إلى انهيار الدولة كما فعلوا بالعراق وأيضاً فشلت، ثم صوملة سورية من خلال ميلشيات مسلحة على الأرض وهي تفشل حالياً، وبعد فشل هذه المشاريع بكافة أدواتها ومحركيها، وصل أغلب هذه الأطراف مرغمة بأن الحل السياسي هو الطرح الأمثل. وبرأيي خطأ أن نقول الجيش والشعب، فأنا ضد الفصل بين الجيش والشعب، فميزة الجيش العربي السوري هو أنه يمثل الشعب السوري، فلا يوجد لدينا انفصال ما بين الجيش والشعب، وهو حالة متكاملة وهذا هو أهم أسباب صموده، لأنه يمثل كل أطياف الشعب السوري، وقد وصلنا إلى الدعوة للحوار بعد إفشال كافة المخططات والمؤامرات، واضطرت الدول الكبرى إلى الرضوخ إلى أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد في سورية. ميزة هذه المرحلة والحوار تنطلق من أنها نتيجة مبادرة وطنية أتت بطرح من السيد رئيس الجمهورية وهي ليست مبادرة شخصية، وقد اعتمدت مبدأ الخوارزميات وإنجاز كل مرحلة هو الطريق لبداية مرحلة ثانية، وهي بمجملها القرار يعود فيها إلى الشعب دائماً، وهو يحقق حكم الشعب للشعب بكل التفاصيل، ومن جهة أخرى فهو يؤسس لميثاق وطني قبل الدستور ليكون الميثاق يعبر عن الشعب السوري بكل أطيافه، وهو عقد اجتماعي جديد يكون الجميع متفقاً عليه، ومنه نجد أنها مبادرة قد قرأت الواقع بشكل جيد لكي لا نسقط في الهوة التي سقطت فيها مصر حالياً من انقسامهم بسبب الدستور. المرحلة الأولى من هذا الحوار هي الأصعب لأن البند الأول يرتبط بما يقوم به الخارج من إيقاف تدفق الإرهابيين والسلاح إلى سورية وإيقاف الدعم المادي والمعنوي والاستخباراتي وهذا ما لم تقم به الدول المحيطة، هذه الدول قد وقعت في فخ مشروع لا تستطيع العودة عنه، فقد أصبحت متورطة حتى النخاع فيه، ولكن سورية أرادت أن تعبر عن إيمانها بهذا الحوار فتجاوزت هذا البند لتؤكد للعالم أجمع أننا جادون بالحوار. أما بالنسبة للبند الثاني اي إيقاف العنف، فاستمرار العنف هو تأكيد على أن من ينتهج العنف لن يتراجع عنه وهي أصبحت حالة واقعية ومنهجية عمل لبعض ما يسمى بالمعارضة، ولكن الهدف من الاستمرار في الحوار مع تواجد للعنف لسببين: الأول هو تعرية هذه المجموعات أمام المجتمع والعالم بأنها غير جادة بأي حوار، والثاني تفريغ هذه المعارضة التي تعتبر نفسها معارضة سياسية وتعتبر أنها تمثل الشعب السوري من خلال وضعها أمام اختبار حقيقي بأنها إذا كانت جادة في حماية الشعب وإيقاف سيلان الدم السوري فعليها الجلوس إلى طاولة الحوار، وهذا ما لم يحدث لذلك انكشف مشهد جديد، حيث تم الفرز من خلال البدء بعملية الحوار بين من يريد الحوار ومصلحة الوطن وجزء آخر أثبت ارتباطه بالخارج وهو خارج منظومة الحل السياسي وهو يعتبر مجرماً ومن واجب الدولة محاسبته وحماية الشعب السوري، فسورية حالياً تعاني من أكبر تجمع للإرهابيين في العالم ومن أهم قيادات هذه المجموعات وهو بتنظيم عالمي. من يريد الحوار أبدى استعداده أما من رفض ولازال يعتقد أن السلاح هو طريقه، فهو مجرم بحق المجتمع والشعب السوري ويجب القضاء عليه والاستمرار بالحوار مع الجزء الذي أبدى استعداده، ومن واجب الدولة أن تحمي أبناءها ومؤسساتها وبنيتها التحتية وهو أمر مسلم به من قبل كل دول العالم. والآن نحن متفقون على العنوان بالنسبة للحوار ولكن هناك إشكالية بالتفاصيل، فبعد مرور سنتين من الأزمة اعتقد أنه ضاعت بوصلة التفاصيل، لذلك يجب العودة إلى تحديد الثوابت وهي السيادة السورية – وحدة المجتمع السوري ودوره كمقاوم – العلم السوري حتى يقرر السوريون تغييره – الجيش العربي السوري ثابت وهو الضمان الحقيقي لوحدة المجتمع السوري ووحدة أراضيه – الليرة السورية لأنها تمثل لقمة عيش السوري واستمراره وكرامته – عدم التبعية إلى الخارج ونحن مع القرار الوطني. اليوم مواقف سورية السياسية تدفع ثمنها وثمن استقلال قرارها وعدم تبعيتها لأي دولة كانت، ولذلك نحن بحاجة إلى إنضاج التفصيل من خلال لقاءات تشاورية وعدم إغفال أي شريحة من المجتمع والتواصل مع الجميع وفتح كل الإمكانات لإطلاق الآراء والأفكار ليكون السقف مفتوحاً ليتناسب مع هذه الثوابت وعدم وجود أي حدود لأي طرح كان، وإعطاء السوري حقه في بناء مستقبله وتقرير مصيره وأخيراً تنظيم وتأطير هذه الاقتراحات والأفكار ضمن منظومة رئيسية تحت مسمى حوار وطني جامع وشامل. ** ** ** متابعة: وضاح عيسى- راغب العطيه- عزة شتيوي - سائد الراشد - لؤي الحافظ |
|