|
نافذة على حدث ولعل من أهم النقاط التي تمت الإشارة إليها ضرورة مكافحة الفساد الذي يجب أن نعترف انه متفشٍ في الكثير من جوانب المجتمع وبات يشكل آفة خطيرة تكاد تلتهم كل إنجاز وتحبط أي جهود جدية للارتقاء بالمجتمع والدولة، فضلا عما يتسبب به من هدر للمال العام وتشجيع على خرق القانون وصولا إلى تدمير مفهوم الوطن والمواطنة، خصوصا عندما تتكرس القناعة لدى البعض بأن لا قيمة لشيء مقابل المال، واعتقاد البعض الآخر في المقابل، أن في مقدورهم فعل أي شيء بواسطة المال. جهاز الكسب غير المشروع الذي عمل به في سورية في نهاية سبعينيات القرن الماضي لفترة محدودة تحت يافطة من «أين لك هذا » كان محاولة مبكرة للجم الفساد لدى الشريحة العليا من المسؤولين في الدولة، لكن ومع استفحال هذه الظاهرة وتغلغلها في كثير من جوانب حياتنا باتت الحاجة ماسة ليس فقط إلى تشريعات جديدة أكثر شمولا وصرامة، بل العمل على إشاعة ثقافة جديدة تجعل من فعل الرشوة وكل أشكال الفساد جريمة قانونية واجتماعية وأخلاقية، وليس شطارة وتدبير حال وفق الثقافة التي انتهينا إليها اليوم حيث لم تعد الرشوة مثلا تثير خجل الراشي ولا حتى المرتشي. ولا شك ان التدابير المخففة مثل الصرف من الخدمة والطريقة الانتقائية إلى حد كبير في التعامل مع هذه القضية الخطيرة، لا تسهم في الحد منها، بل لعلها تشجع عليها ما دام الفاسدون الكبار يستطيعون التملص من العقاب، وباتت الحاجة حقيقية لجعل الفساد مسألة أمن قومي لا تقل خطورة عن الخيانة وتهريب السلاح. وفضلا عن التدابير المغلظة التي يجب أن تتخذ بحق الفاسدين والمفسدين، يجب العمل على سن تشريعات قانونية وإدارية تسد الثغرات التي ينفذ منها الفساد، وتجفيف منابعه وترفع الغطاء عن حماته مهما علا شأنهم. |
|