تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ما كتبه غولدستون في الواشنطن بوست غامض وغير مفهوم

هآرتس
ترجمة
الأثنين 18-4-2011م
ترجمة : ريما الرفاعي

كتب الدكتور عز الدين أبو العيش قصة قصيرة صور فيها قصة قتل بناته الثلاث خلال عملية الرصاص المصبوب. وتصور القصة أن 29 من قتلى عائلة السيموني يستجمون الآن في جزر الكاريبي،

بينما أصبح الفوسفور الأبيض أدوات تزيين لفيلم حربي، كما أصبح حملة الإعلام البيضاء الذين أُطلقت عليهم النار مشهداً وهمياً في صحراء ومثلهم ايضا التقارير عن قتل مئات من المدنيين بمن فيهم النساء والاطفال، وباتت عملية «الرصاص المصبوب» مجرد سطر في أناشيد الأطفال.‏

لقد أثارت مقالة غامضة غير مفهومة في صحيفة «واشنطن بوست» بقلم ريتشارد غولدستون مشاعر الابتهاج هنا في إسرائيل. والواقع أن الدعاية الإسرائيلية حققت انتصارا ، وتستحق التهنئة على ذلك. لكن مقالة غولدستون لم تزل الشكوك ولم تسقط الاسئلة الكبرى، ولم تمنحنا ما نحتاج اليه حقاً.‏

من احترم غولدستون الاول ، عليه أن يسأله ماذا حدث؟ ما الذي علمته اليوم بالضبط ولم تعلمه عندما أعددت تقريرك المشهور؟ هل أدركت اليوم أن توجيه انتقادات لاسرائيل يمكن أن يقود الى حملة ضغوط وتنديدات لا تستطيع الصمود أمامها أيها «اليهودي الذي يكره نفسه»؟ كنت تستطيع معرفة هذا من قبل.‏

هل مقالة ماري مكيغوان ديفيس هي التي تسببت في تحولك هذا؟ يجدر بك إذاً أن تقرأ جيدا ماذا جاء في تقريرها الثاني الذي نشر قبل نحو من شهر ولم يحظ بأي ذكر في اسرائيل . كتبت خبيرة القانون الامريكية: لا توجد أي اشارة الى أن اسرائيل فتحت تحقيقا في عمليات اولئك الذين خططوا وقادوا وأشرفوا على عملية «الرصاص المصبوب». إذا كان الامر كذلك، فماذا تعرف عن السياسة التي قادت الى حدوث الحالات التي حققت فيها، وما هي الحماسة التي أصابتك إزاء التحقيقات التي قام بها الجيش الاسرائيلي، وهل أثرت هذه التحقيقات على تقريرك؟‏

يجب ان تكون مغرما جدا بإسرائيل، كما تشهد على نفسك، كي تصدق ان الجيش الاسرائيلي، مثل أي مؤسسة اخرى، يمكن ان يحقق مع نفسه. ويجب ان تكون محبا أعمى للصهيونية كي تكتفي بها، أي التحقيقات من اجل التحقيقات التي أجراها الجيش الاسرائيلي والتي لم تحمل أي مسؤولية لأي أحد، ولم تقود الى أي محاكمة لمن قام بعمليات القتل.‏

لكن لندع عذابات غولدستون العجوز وحيرته. ولندع أيضا تقارير منظمات حقوق الانسان، ولنركز فقط على معطيات الجيش الاسرائيلي نفسه. وحسب تقرير «أمان» قتل في العملية 1166 فلسطينياً منهم 709 ناشطين 162 منهم لم يكن واضحا هل كانوا مسلحين، و295 من غير المشاركين و89 تحت سن 16 و46 امرأة. وجميع المعطيات الاخرى وصفت صورة أشد قتامة. وتعال نصدق الجيش الاسرائيلي. أليس هناك 300 مدني قتلوا بمن فيهم عشرات النساء والاطفال؟ وأليس هذا سببا كافيا لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم؟ هل قتلوا جميعا عن طريق الخطأ؟ واذا كان الامر كذلك ألا يقتضي 300 خطأ الكثير من الاستنتاجات؟ هل هذا هو سلوك الجيش الأكثر اخلاقية في العالم؟ وإذا لم يكن الامر كذلك، فمن يتحمل المسؤولية؟‏

لم تكن عملية «الرصاص المصبوب» حربا بالمعنى الحقيقي للكلمة. فالفرق هائل في القوة بين الطرفين، بين جيش العلم الخيالي في مواجهة حفاة صواريخ القسام، لا يمكن أن تجعلها عادلة عندما تكون الضربات الموجهة لا تناسب فيها الى هذا الحد. كان ذلك هجوماً شديداً على سكان مدنيين يعيشون في منطقة مزدحمة عاجزين ولا تتوفر لهم وسائل الحماية. يمكن أن نصدق ان الجيش الاسرائيلي لم يقصد قتل مدنيين مع سبق الاصرار، لكن الجيش الاسرائيلي لم يفعل ما يكفي ايضا لمنع قتلهم.‏

لقد انتصر غولدستون مرة ثانية. ففي الاولى اضطر الجيش الاسرائيلي لبدء تحقيق مع نفسه ويصمم لنفسه معياراً اخلاقياً جديداً، والآن منح «الرصاص المصبوب الثانية» ضوءاً اخضر من غير ان يدرك ذلك. دعوه وشأنه. إننا نتحدث عن صورتنا وليس عن صورته: هل نحن راضون عما حدث؟ هل نحن فخورون حقا بعملية الرصاص المصبوب الاولى ، وهل نحن مقدمون حقا على عملية رصاص مصبوب ثانية؟.‏

 بقلم : جدعون ليفي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية