|
مجتمع يوم الجلاء هو الدنيا وزهوتها لنا ابتهاج وللباغين إرغام هكذا نقلت حمائم السلام رسائل العشق من أفواه البنادق ومن أزيز الرصاص لتنشره بشرى في سماء الوطن، وتتعانق أفراح الأرض مع زغاريد أمهات وبنات وزوجات الشهداء ، أما قصص المجاهدين الأبطال فلانهاية لها، فتحت كل حجر وصخرة صوان وجذع شجرة ونبتة عشب هناك حكاية مفرداتها حبات عرق زينت تلك الجباه، وأصابع قوية ضغطت على الزناد بقناعة المؤمنين بالحق والنصر ، أما الهدف فهو مستعمر فرنسي أراد أن يدنس أرضنا الطاهرة ويسلبنا الإرادة والهوية لكن الدم الأحمر القاني أنبت شقائق النعمان ، فكان جزاؤه المقاومة والتحدي وخروجه صاغراً تحت إرادة قادة الثورة وشعبها الذين رفضوا مشاريع التقسيم وخطط الترويع والتأهيل ، فاتحدت لغة الثورة بين أرجاء الوطن وتعانق الشموخ في جبال الساحل مع قامات جبل العرب والزاوية والغوطة وكل شبر من جغرافية هذا الوطن من شرقه إلى غربه ، ومن شماله إلى جنوبه، كما العزائم والإرادات، إنها لحظات وثوابت لا تنسى من ذاكرة التاريخ العربي السوري حيث تتجدد حروف قواميسه كل عام بمعطيات جديدة ووقائع مشهودة وصور بليغة ومواضيع ومقالات تعبير تتسابق بها التوصيفات لقول أبلغ وأجمل الكلمات التي تليق بهذا الحدث العظيم الذي يعطر ذكره لساننا وتنتعش آذاننا وتطرب قلوبنا لما صنعه السوريون من كرامة وعزة وطنية وكبرياء يطول عنان السماء. واليوم وبعد مرور 65 عاماً لا نبالغ القول إننا نعيش فترة جلاء ثانية بالمعنى المجازي وبدون استعمار مباشر كما السابق بل هو اليوم يلبس لبوساً آخر يعمد إلى إلغاء الذاكرة وطمس حقائق التاريخ والجغرافيا متلوناً بمشاريع التهديم والخراب عبر ترويج عناوين ومخططات لم يقبلها العقل العربي السوري يوماً بل لفظها عبر التاريخ وحرق ذيولها. وهذا العقل هو الذي يخوض اليوم بكامل قاعدته الشعبية وقواه وبناه ومؤسساته، أشرس معركة فكرية تقنية لإفشال جميع المخططات التي تتوارى وتختبئ عبر حجب مختلفة مطابخها ومخابرها تفوح منها آثار السموم القاتلة والخانقة معلنة عن مصدرها الإسرائيلي والغربي ممن لف لفيفهم من المتآمرين والمأجورين في الداخل والمحيط محاولة أن تسرق من وجدان أبناء هذا الوطن فرحة الجلاء ومعانيه لكنهم لم يدركوا أن من عاش شمس الجلاء حرية وكرامة ووحدة لن يسمح لضميره يوماً أن يتخلى عن أسمى مقدسات الكرامة الوطنية والحياة لذلك تسارع إيقاع هذا الوطن بكل مكوناته البشرية لإجلاء وحرق مخططات الفتنة البغيضة والعصبية المقيتة مانعين لذيولها وآثارها أن تدخل إلى نسيجنا الوطني الذي حصنه دماء أولئك المجاهدين والثوار الأبطال الذين أصبحوا علماً من أعلامنا ورايات نرفعها ونتباهى بها ويقينا وبرهانا نتحاجج به أمام الدنيا مؤكدين أن العهد والميثاق ما زال هو هو مداده القلم والدم والنار وبغير الوعي والقوة لا تحصن سوار الأوطان والبلدان، فهذا الدرع البشري الهائل واللحمة الوطنية الرائعة والعلم الذي يرفرف عالياً في السماء يبذل من أجله الغالي والرخيص ليبقى هكذا على الدوام، ونبقى نحن مرفوعي الهامات والقامات في وطن العزة والكبرياء. |
|