|
سينما
وهي مشكلة تؤدي إلى فقدان بعض الجمهور، لأن تأخير عرض أي فيلم عن العرض العام في الأقطار الأخرى يعنى أنه أخذ طريقه على المشاهد بطريقة الأقراص المدمجة أو بطرق أخرى من جانب المتابعين للجديد في السينما العربية والعالمية. كتب سيناريو فيلم ابن القنصل أيمن بهجت قمر وأخرجه عمرو عرفة،ومثل أدواره الرئيسية أحمد السقا وخالد صالح وغادة عادل. والمخرج عمرو من المخرجين الشباب اللافتين للنظر خلال العقد الأخير من الزمن،وقد نشأ في بيئة سينمائية ،فهو ابن المخرج سعد عرفة، والشقيق الأصغر للمخرج شريف عرفة. اكتسب عمرو شهرته بعد فيلم (السفارة في العمارة )عام 2001وقبله دخل دائرة الضوء بفيلم (أفريكانو) ومن أفلامه جعلتني مجرما والشبح،وآخرها (زهايمر) عادل إمام الذي عرض في ذات الموسم السينمائي الحالي. ويغلب الطابع الكوميدي الخفيف على أفلام عمرو ،ويطعمها أحيانا بشيء من الحركة عدا الفيلم الذي بين يدينا ،حيث يطغى الحوار على كثير من مشاهد الفيلم ،وغلبة الحوار مأخذ سلبي على الفيلم ومطب غير مستحب في الفيلم السينمائي المفترض أن يكون عموده الفقري صورة وحركة تشد المشاهد. تدور قصة الفيلم حول مزور ملقب ب(القنصل )،لقدرته الفائقة على تزوير جوازات السفر والتأشيرات ويجسد الدور خالد صالح، ومشاهد البداية في المحكمة ،وبعد خروجه ،يحاول مزور شاب يدعى عصام ،يجسده (احمد السقا) ) ويطلق عليه ابن القنصل لان الشاب يحاول إقناع القنصل انه ابنه، كما يحاول الشاب أن يخدعه مستعينا بفتاة عصمت تدعي أنها فتاة ليل وتمثلها (غادة عادل). صنف أصحاب الفيلم فيلمهم ضمن الكوميديا وهي هنا بلا معنى حقيقي لهذه الصفة ،لأنها تختلف عن الكوميديا السينمائية المعروفة في الانتاجات السينمائية العالمية ،وحتى إذا حاولنا تصنيفه ضمن الكوميديا الخفيفة نظلم تلك الأفلام إذا قارناه بها ،فالفيلم يعاني من ترهل في الجانب والمحتوى والسرد ،وربما يغطي الأداء من جانب ثلاثي الفيلم على كثير من المثالب الفكرية والفنية والحكائية. وفي أحسن الأحوال يمكن أن نضع الفيلم ضمن( لايت كوميدى) أو أفلام الصابون التي لا تحتوي على أي مادة تستحق النقاش لأن المحتوى يتلاشى من الذاكرة مباشرة بعد المشاهدة تماما كما تتلاشى فقاعة الصابون. كما يخلط فالفيلم بين الحلول الجاهزة وبين الغموض غير المفهوم،فالحلول الجاهزة تعني أن المشاهد يتوقع مسبقا ما سيحدث ،أما الغموض فيأتي من خلال مجموعة من علامات الاستفهام تدخل الحيرة إلى من يتابع الفيلم ،ولا نقصد بالغموض المعنى البوليسي بل نقصد أن بعض الوقائع غير مفهومة لدى المشاهد ،وبهذين المثلبين افتقد الفيلم عنصر التشويق الذي يعد ركيزة مهمة في أي عمل درامي. لنأخذ مثلا مشاهد الإسكندرية ،إذ غير مقنعة وغير مبررة دراميا، حيث يأتي إليها القنصل وابنه المزيف ثم يدخلان في مشاجرة مع ثلاثة من الخارجين علي القانون تنتهي بهزيمتهما وهروبهما وهكذا يتساءل المشاهد بعد إسدال الستار أسئلة عن تفاصيل بدت غير مقنعة الأمر الذي يعني أن الفيلم لا يحترم عقلية المشاهد . وربما النقطة اللافتة للنظر والتي يمكن تسجيلها لصالح الفيلم هي أداء النجوم الثلاثة السقا وغادة وصالح ،إذ تقوم أغلب مشاهد الفيلم على عاتق هذا الثلاثي ،بينما يمر الآخرون مرورا عابرا، وثلاثتهم قدموا أدوارًا مختلفة عما قدموه من قبل. فجسد خالد صالح شخصية القنصل ،وهو نصاب ومزور محترف بكل معنى الكلمة، وكان مقنعا في دوره لأنه ببساطة يعيش الشخصية بكل ظروفها ،ويذكرنا بالأداء المتميز للراحل علي الشريف،وأثبت خالد فيلما بعد الآخر أنه ممثل له قدرة التشكل في كل الأدوار بسلاسة. فطريقته الطريفة في الكلام، وسلوكه وتصرفاته جعلت شخصية (عم عادل) تخطف عيون المشاهدين ممن يقف أمامه حتى السقا نفسه. وبرع أيضا أحمد السقا بدور (عصام) الشاب الملتحي لحيته مهيبة وجلباب قصير وسواك القابع في جيبه،ورغم تواضع الفيلم فقد كان السقا في أفضل حالاته ،وكان أفضل من أدواره في الأفلام الأخرى التي عرضت في هذا الموسم. وكانت غادة عادل مفاجأة بأداء شخصية (عصمت) فتاة ليل غير عادية، وبدت مقنعة رغم صعوبة الشخصية، ولا سيما أن عصمت تمثل ليست فتاة ليل ذات خلفية عشوائية ، بل خريجة كلية الآداب تحلم بالسفر ،واستطاعت غادة الجمع بين إثارة فتاة الليل وذكاء الفتاة الجامعية. ومن الخيوط الدرامية التي تسجل للفيلم الاعتماد على التناقض بين أب (نصاب ومهووس) وبين ابن يظهر التقوى،وفتاة تظهر خلاف غايتها المحددة في السفر للعمل. ويبقى إنتاج هذا الفيلم على قدر ما من التواضع،ويتجلى في قلة عدد الممثلين ،وفي محدودية أماكن التصوير حتى أن نصف مشاهد الفيلم جرت في بيت،وألقى الفقر الإنتاجي بظلاله على كثير من جوانب الفيلم . |
|